“فتح” تفكر في استحداث منصب نائب الرئيس بسبب “التحديات والافق السياسي المغلق” لكن مشكلات قانونية تقف عائقا

الرئيس محمود عباس

تواصل لجنة قانونية شكَّلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويرأسها رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، بحث إمكانية استحداث منصب نائب الرئيس خلال الأشهر القليلة المقبلة، في خطوة أثارت الكثير من الأسئلة حول التوقيت والأسباب.

وجاء قرار الرئيس عباس في ذروة القلق المتصاعد من مساعديه على حياته لأسباب كثيرة ومختلفة.

ويجاهر مساعدو الرئيس بأنه يعيش تحت التهديد المباشر من إسرائيل التي وصفته بأنه “عقبة في طريق السلام” وأنه “زعيم اللاسامية والتحريض”، لكن مساعديه وآخرين في حركة فتح يتحدثون من “تحت الطاولة” عن تهديدات أخرى قد يكون مردها حركة حماس أو القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.

وتقول صحيفة “الشرق الاوسط” اللندنية في تقرير نشرته اليوم الخميس انه على الرغم من خطوات المصالحة مع “حماس” فإن أبو مازن لا يأمن جانبها، خصوصا أنه اتهم قياداتها سابقا بمحاولة اغتياله في غزة، وهو الأمر الذي نفته الحركة. كما لا يأمن الرجل جانب محمد دحلان، القيادي السابق في اللجنة المركزية في” فتح”، الذي يتهمه مسؤولون في الحركة بـ”السعي للانقلاب إذا استطاع” وهي تهمة ينفيها دحلان. واعتقلت الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية كثيرا من المحسوبين على دحلان وأخضعتهم لتحقيقات بشأن المال والسلاح، حالهم حال رجال “حماس”، كما وجه مسؤولو الحركة تحذيرات لمناصريه في غزة من العبث بمصير الحركة.

وبسبب كل هذه التهديدات يحظى عباس بحراسة أمنية مشددة قل نظيرها، من قبل حرس الرئاسة الخاص الذي دُرِّب بشكل عال واختيرت عناصره بعناية فائقة.

ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت حركة “فتح” تميل إلى تعيين نائب للرئيس بسبب معلومات دقيقة وصلتهم أو بسبب مخاوف عامة، لكنها المرة الأولى التي تأخذ فيها الحركة خطوة نحو الأمام تجاه تعيين نائب للرئيس، وهو الطلب الذي أثير عدة مرات في السابق، ولكنه كان يذهب أدراج الرياح.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لصحيفة “الشرق الأوسط” إن “فتح” أرادت تحصين الموقع. وأضافت: “ليست كل الأسباب دنيوية وحسب”، في إشارة إلى تقدم الرئيس في السن.

لكن محمود العالول، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” وأحد كبار مساعدي عباس، قال لـ”الشرق الأوسط” إن “كمَّ التحديات أصبح أكبر بكثير وعلى درجة عالية من الصعوبة، وبحاجة إلى ترتيب البيت الداخلي بشكل أفضل لمواجهة هذه التحديات، إضافة إلى أن الرئيس يحمل أعباء كبيرة ولا بد من أحد يساعده”. وأوضح: “في الحقيقة الموضوع مطروح من فترة طويلة، لكن عندما طرحت الفكرة الآن ارتأينا باختصار شديد التأكد أولا إذا كانت ممكنة أو غير ممكنة”.

وردا على سؤال حول طبيعة التحديات، قال العالول إن “التهديدات الإسرائيلية جزء منها وليست كلها”. وأشار إلى أن “حالة الانغلاق في الأفق السياسي وعدم وجود أمل سيفرضان تحديات جديدة”.

ويرى العالول أن “وسائل الإعلام هولت من الخطوة وأسبابها وحولتها إلى بازار للتفسيرات”. وأكد أن حركة فتح لم تناقش أسماء أو مواصفات الشخص الذي يمكن أن يتسلم منصب نائب الرئيس.

ويعرف العالول على أي حال أن الأمر قد يواجه عقبات قانونية كبيرة؛ إذ يحتاج استحداث منصب نائب الرئيس إلى تغيير القانون الأساسي الفلسطيني الذي يعد حاليا بمثابة الدستور. وعمليا لا يمكن تعديل القانون الأساسي إلا من خلال المجلس التشريعي الفلسطيني الذي تسيطر “حماس” على غالبيته.

وحذر متخصصون في القانون من الإقدام على تعديل القانون الأساسي الفلسطيني بمعزل عن المجلس التشريعي، وقالوا إن ذلك من شأنه المس بالنظام النيابي وتحويله إلى رئاسي مطلق.

وعقب العالول بالقول: “نحن نريد أن نعرف أولا كيف يمكن تكييف القانون مع المسألة؟ من يمكن أن يقر ذلك؟ هل عبر المجلس المركزي أو الوطني أو اللجنة التنفيذية؟ ولذلك ننتظر أولا الرأي القانوني”.

ومن شأن قرار من هذا القبيل، من من دون مشاركة المجلس التشريعي، إثارة المزيد من الخلافات السياسية والقانونية على الساحة الفلسطينية.

وعد المحلل السياسي طلال عوكل استحداث المنصب بمثابة “استحقاق قديم جديد تفرضه أوضاع الساحة الفلسطينية”.

وقال عوكل لصحيفة”الشرق الأوسط”: “هناك تهديدات لا تخفى على أحد، وعملية سلام يمكن أن تنجح أو تفشل، وربما يفكر الرئيس أنه لا يريد الوصول إلى انتخابات مقبلة”. وأضاف: “التهديدات الإسرائيلية والاستحقاقات الداخلية هي التي أجبرت فتح على التفكير بالأمر”.

وعمليا انتهت ولاية الرئيس الفلسطيني الذي انتخب عام 2005، في يناير (كانون الثاني) 2009، كما انتهت ولاية المجلس التشريعي الفلسطيني في يناير 2010، لكن أي انتخابات لم تجر لتجديد الشرعيات بسبب الانقسام بين حركتي “فتح” و”حماس”. وكان المجلس المركزي لمنظمة التحرير قرر في 2009 تمديد ولاية أبو مازن والتشريعي لموعد لاحق، وسط آمال في المصالحة بين “فتح” و”حماس” تجري بعدها الانتخابات العامة. وتساءل عوكل: “ربما يحل رئيس المجلس التشريعي مشكلة رئيس السلطة، لكن ماذا عن منصب رئيس منظمة التحرير؟ ماذا عن رئيس الدولة؟ ماذا عن رئيس حركة فتح؟ توجد حاجة موضوعية للإجابة عن هذه الأسئلة”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن