فرصة استثمارية.. مطلوب ممول أجنبي لليسار الفلسطيني

اليسار الفلسطيني
اليسار الفلسطيني

كتب فؤاد أبو حجلة

بعد أيام قليلة من قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وقف المخصصات المالية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، صدر قرار وقف مخصصات الجبهة الديمقراطية أيضا، ما أغضب الرفاق في الجبهتين ودفعهم إلى اتخاذ مواقف معارضة لسيادة الرئيس وناقدة لأداء سلطة التنسيق الأمني في رام الله.

انقطع التمويل فانقطع الولاء، وتحول الشركاء في المنظمة التي يرأسها محمود عباس من مؤيدين لحكمته السياسية وصامتين على نهجه التسووي إلى معارضين لهذا النهج ومنتقدين للفساد السلطوي الذي اكتشفوه وتبينوا معالمه البشعة قبل أسبوع!

وتسابق الرفاق اليساريون على إصدار بيانات الشجب والتنديد بالقرارات الجائرة للسيد الرئيس مستخدمين ذات المفردات التي كانوا يستخدمونها في صياغة بياناتهم الثورية عندما كانوا ثوريين.

لم تصدر قيادتا الجبهتين الشعبية والديمقراطية بيانا واحدا ينتقد ولو بخجل المواقف المخجلة للسلطة وأداء أجهزتها الأمنية في محاولة إحباط انتفاضة السكاكين ومنع العمليات التي تستهدف مواقع وحواجز الاحتلال في الضفة، ولم يغضب الرفاق من تصريحات الرئيس المناضل الدكتور محمود عباس حول تقديسه للتنسيق الأمني مع الاحتلال ومعارضته المعلنة للانتفاضة وجهده الدؤوب في حماية أمن إسرائيل، وانفتاحه من موقع التابع على الرجعيات العربية الحاكمة.. لكنهم غضبوا كثيرا لقطع مخصصاتهم المالية، لأن قطع الأعناق أهون من قطع الأرزاق!

يخجلنا غضب الرفاق، ونستحي من الاعتراف بموت اليسار الفلسطيني، في زمن يستعيد فيه اليسار العالمي مواقعه في أوروبا وأمريكا اللاتينية، حيث تعود الأحزاب اليسارية إلى الحكم أو مقاعد قيادة المعارضة بوجوه ورموز نقية وواضحة في تقدميتها وتحديها للمشروع الأمريكي الكوني.

ويحزننا أن يكون جيريمي كوربن زعيم حزب العمال البريطاني أكثر صلابة من قيادات اليسار الفلسطيني في رؤيته لقضيتنا العادلة.

ويحبطنا أن يكون حال اليسار الفلسطيني مثل حال اليمين بشقيه السياسي والديني جزءا من الحالة العربية المخجلة.

لكن ذلك هو واقعنا، لأن اليسار الفلسطيني اختار أن يكون جزءا من اليسار العربي المخصي، مثلما أن النظام الفلسطيني هو جزء من النظام الرسمي العربي الفخور بعجزه، وكذلك فإن الاسلاميين الفلسطينيين هم جزء من الاسلاميين العرب الذين يؤكدون أن الله لم يأمرهم بمقاتلة اليهود.

في دولة رام الله الوهمية رأى الرفاق في الجبهتين الشعبية والديمقراطية أن الحلم الوطني تحقق بقيام السلطة، حتى لو لم تقم الدولة، فشاركوا في الخطوط الخلفية لفريق الإدارة الذاتية للأراضي المحتلة، بل انخرط الكثيرون منهم في الأجهزة الأمنية التي تميزت بين الأجهزة الأمنية الأخرى في المنطقة في قدرتها على حفظ الهدوء والأمن.. للاحتلال.

وقدم الرفاق في اليسار الفلسطيني المؤطر في منظمة التحرير كل ما يجب تقديمه من ولاء لرئيس السلطة من أجل البقاء على قيد الحياة السياسية وعلى قيود المخصصات المالية التي تصرف بالدولار الأمريكي الامبريالي!

ويبدو أنهم نسخوا تجربة حركة حماس التي تنتقل من حضن إلى آخر بقوة الدفع الدولاري، بعد أن غادرت موقعها في معسكر “المقاومة والممانعة” إلى معسكر التمويل القطري، وظلت محتفظة بخطابها الجهادي المعروف في بيانات قيادتها الصقورية في الخارج وفي تصريحات قادة سلطة التهدئة مع الاحتلال في غزة المنكوبة. وربما تقفز الحركة قريبا من الحضن القطري إلى الحضن الإيراني نتيجة انخفاض عائدات النفط، وتزامن هذا الانخفاض مع الانتعاش الاقتصادي الايراني بعد توقيع الاتفاق النووي ورفع العقوبات الغربية.

المسألة إذن هي مسألة تمويل وعوائد مالية ومخصصات، والقضية في عيون كل هؤلاء هي مشروع استثماري ينبغي أن يكون مربحا لليمين ولليسار، ولحماس وتجار حصارها ولعباس وشركائه في استثمارات “عصابة المقاطعة”.

بعيدا عن الخطاب الثوري للشعبية والديمقراطية وسلطة حماس وسلطة عباس، وبنظرة واقعية، نرى الآن فصيلين بلا تمويل، ونقترح أن يتم البحث عن ممول أجنبي معني بالاستثمار في بلادنا، ونفضل أن يكون حكومة عربية تنخرط في العمل العربي المشترك وتوقع على بيانات الجامعة العربية التي تؤكد تمسك العرب بحق الفلسطينيين في الخلاص من الاحتلال وإقامة دولتهم الوطنية على جزء صغير من أرضهم.. جزء يصلح للاستثمار المالي والسياسي.

ما يجري في بلادنا عيب تاريخي، وعار لا يليق بشعب يقبض على حقه في العيش أو الموت على التراب المقدس.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن