في غزة: حمولة زائدة في الحافلات.. وتحرش بين الطلاب والرقابة غائبة

في غزة: حمولة زائدة في الحافلات.. وتحرش بين الطلاب والرقابة غائبة

الوطن اليوم| اضطر المواطن كمال الشيخ (48 عامًا) للجلوس على مدرج الحافلة التي أقلته 35 كيلو مترًا من رفح إلى غزة جراء حالة من الفوضى والازدحام بين الطلاب والمواطنين داخل حافلات النقل العام.

ويعاني الطلبة الجامعيون في قطاع غزة من أزمة حادة في النقل الجامعي، حيث أصبح تنقلهم للتحصيل العلمي معاناة يومية سواء نتيجة قلة الحافلات وعدم توفرها إلا من الساعة السادسة صباحًا وحتى السابعة صباحًا فقط، أو جراء الازدحام الشديد داخلها حيث يصل عدد ركاب الحافة الواحدة ما بين 90 الى 100 راكب بينما حمولتها 50 راكبًا فقط.

ويبلغ عدد سكان قطاع غزة مليون وثمانمئة ألف نسمة ويعد أكبر كثافة سكانية في العالم دون توفير أي وسائل للنقل العام.

ونتيجة للوضع الصحي للمواطن الشيخ جلس على مدرج الحافلة الخلفي وسط اكتظاظ المواطنين، ورغم محاولة بعض الطلبة إدخاله الى الحافلة، إلا أن الازدحام الشديد في ممر الحافلة حال دون وصوله للمقاعد.

ويقول الشيخ: “نضطر لركوب الحافلات لتوفير عشرة شواقل تكفي لشراء الخبز والغذاء لأولادي”.

ويشير الشيخ الى انه كانت في السابق حافلات تعمل على مدار ساعات النهار بين رفح وغزة تقل الطلاب والمواطنين، ولكن منذ نحو سبعة اعوام توقف عمل تلك الحافلات بشكل كامل نتيجة أزمة المواد البترولية وعدم توفرها وارتفاع اسعار الوقود.

فقراء مضطرون

ويدفع الراكب 5 شواقل بدل أجرة للحافلات من رفح الى غزة، بينما يدفع ضعف هذا المبلغ في المواصلات العادية، ما يجبر الفقراء والطلبة على تحمل المعاناة.

ويقول الطالب ناجي أبو قرشين (20 عامًا) من مدينة رفح إن أعداد الطلاب الذين يستقلون الحافلة ضعف الحمولة المخصصة لها، لعدم توفر حافلات بأعداد كافية وإلغاء وسائل النقل العام في قطاع غزة.

ويضيف: “حمولة الحافلة ستون راكبًا فقط ولكن السائق يتعمد إركاب مئة شخص بحجة أن أجرة 60 راكبًا لا تكفي لتغطية نفقات السولار.

ويتساءل الطلبة: أين الحافلات والأتوبيسات التي كانت تقل الركاب من السادسة صباحًا وحتى السادسة مساءً يوميًّا من محافظات الجنوب الى مدينة غزة؟

الطالب محمد أحمد (19 عامًا) من خان يونس يقول: “الحافلات المخصصة لنقل الطلبة تعيق حركة المرور وحركة الطالب ولا تعمل على خدمته، لأنها قديمة وحالتها مزرية وتحتاج تجديدًا”.

وتشير الطالبة صفاء عبد الهادي (21 عامًا) من شمال القطاع الى أن سائقي الحافلات يستغلون الطلبة بتكديسهم بأعداد كبيرة في تلك الحافلات، فحالة الازدحام داخل الحافلات ليست طبيعية فالحافلة تقل ضعف حمولتها، والمواطنون والطلبة يضطرون أحيانًا الى الالتصاق ببعضهم، وهذه أزمة تحتاج حلاً جذريًّا.

وتوضح أنها تضطر للذهاب الى الجامعة في الحافلة الساعة السادسة صباحًا رغم ان محاضرتها تبدأ الساعة 12 ظهرًا، لعدم وجود حافلات تعمل على نقل الطلبة والمواطنين كما كان في السابق.

ويدعو الحاج نافذ عطوة (55 عامًا) الذي يضطر لركوب حافلات الطلبة لعدم امتلاكه أجرة المواصلات بسيارات النقل، للعودة لنظام تسيير حافلات دائمة بين المحافظات لنقل الركاب وفق آلية معلومة للمواطنين كما كانت قبل عدة سنوات.

ويتساءل: “لمصلحة مَن يتم إلغاء خطوط النقل العام وإعلان إفلاس شركات المواصلات؟ مشدداً على ضرورة تشغيل شركات نقل عامة بأسعار رخيصة بين محافظات غزة.

تحرش

ونتيجة الازدحام الشديد بين الطلاب والطالبات داخل الحافلات، يستغل بعض الأشخاص ذلك الموقف للتحرش بالفتيات.

وتكشف الطالبة سماح المهدي عن بعض التجاوزات والمضايقات من قبل الشباب للفتيات داخل الحافلة بفعل هذا الازدحام الشديد، والفتاة عاجزة عن الصد أو الرد.

تبريرات مخالفة للقانون

ويبرر سائقو الحافلات من المناطق الجنوبية في قطاع غزة إركابهم ضعف حمولة حافلاتهم من الركاب بادعاء أن حمولة الحافلات الرئيسية (60 راكبًا) لا تكفي لشراء وقود الحافلة، مؤكدين أن التسعيرة الرسمية تمثل “خسارة” لهم.

ويعتبر السائق عبد الله أن الحكومة لا تمانع زيادة عدد ركاب الحافلة، مدعيًا أن هذا الأمر ليس له أي تأثير على الركاب .

ويستغل السائقون غياب الرقابة الحكومية، رغم ترديد الإعلام الرسمي أخبارًا عن توجيهات عليا لوزارتي النقل والداخلية بمراقبة مدى الالتزام بتسعيرة النقل الداخلي بكافة أشكاله.

ويرى سائقو الحافلات في طريق الجامعة عدم وجود أي تأثير عندما يقومون بإركاب أكثر من الحمولة الرئيسية وأن الحكومة لا تعارض ذلك، متناسين أن القوانين تمنع ذلك، إضافة إلى أن شركات التأمين ترفض التعامل مع الركاب اذا كانت الحمولة زائدة خصوصًا في حالة الحوادث.

جمعية النقل العام

ويقول رئيس جمعية النقل العام في قطاع غزة أنور أبو علبة: “هناك تحديثات على صعيد الحافلات الكبيرة حيث يتم إدخال ما يقارب 30 حافلة من داخل الخط الأخضر ليكون نصيب كل شركة حافلة واحدة، مشيرًا الى تعرض عدد من وسائل النقل العام للتدمير في الحروب الأخيرة على قطاع غزة.

ويضيف أبو علبة: “اسرائيل تتحكم في عدد الحافلات ومواعيد دخولها أيضًا، وسمحت بإدخال 42 حافلة فقط منذ عدة سنوات في شباط الماضي.

ويقول ابو علبة: “الجمعية تقدم الخدمات في خطوط نقل الطلاب والمواطنين والموظفين أيضًا في حالة انقطاع السولار والمحروقات وغالبًا ما يكون بالمجان”.

ويشير الى وجود خطط مستقبلية في جمعية النقل العام لكنها متوقفة الآن بسبب الأحوال الداخلية وظروف الحصار، داعيًا الحكومة لدعم شركات النقل العام من خلال تخفيض الضرائب على الوقود المخصص لها.

ويكشف ابو علبة عن وجود اتفاق بين شركات النقل العام والشرطة لإركاب 65 طالبًا فقط بدلاً من 50 طالبًا على المقاعد و15 طالبًا في ممر الحافلة، ولكن السائق يتعمد إركاب الحمولة الكبيرة.

ويقول أبو علبة: “كانت شركة ابو رمضان تعمل على إيصال الركاب من مدينة غزة (الساحة) الى المناطق الجنوبية في القطاع وتوقف عملها نهائيًّا منذ نحو ما يقارب الخمس سنوات، لعدم قدرتها على اللحاق بالشركات الجديدة المنافسة، ويتساءل أين دور الحكومة ووزارة النقل في الرقابة على السائقين؟ وأين دوريات الأمن و السلامة علي الطريق؟

الحكومة تتحمل المسؤولية

وتحمل شركات النقل العام الحكومة المسؤولية عن غياب وسائل النقل العام والازدحام في الحافلات بسبب تقييدها لعمل الشركات بقوانين لم يتم تغييرها منذ أكثر من عشر سنوات.

ويقول زياد النيرب صاحب شركة النيرب للنقل العام: “الأزمة لا تكمن في عدد الحافلات، فالحافلات متوفرة، ولكن الأزمة في عدم توافر البنزين وغيره من المحروقات التي تمكن الشركات من تشغيل ما لديها من وسائل نقل لحل الأزمة”.

ويضيف النيرب: “سياسة الحكومة تعيق حركة الحافلات على خطوط النقل بين محافظات غزة، اضافة الى تردي أوضاع الشركات اقتصاديًّا”، معتبرًا أن أعداد الحافلات كافية ولا تحتاج الى زيادة، لكن ارتفاع أسعار المحروقات نتيجة إغلاق المعابر سبب رئيسي في هذه القضية اضافة الى كثرة الضرائب”.

المضاعفات الصحية للازدحام

ويقول د. بهاء الدين محمد أخصائي الباطنية وأمراض الدم في عيادة الأمراض الباطنية بمستشفى الشفاء الطبي: “تعرض الطلاب للازدحام يؤثر بشكل كبير على صحتهم وأدائهم وإنتاجيتهم، فالملوثات التي تملأ الحافلات من دخان عوادم السيارات تؤدي إلى تأثير ضار على جسم الإنسان، فتنخفض قدرة الطلاب الإنتاجية وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة كالسكري، والضغط، والربو، والتهابات الجهاز التنفسي، فالضغط العصبي والتوتر المستمر يرفعان مستويات السكر في الدم وتسببان مضاعفات خطيرة للشخص قد تؤدي للغيبوبة، أما مرضى الحساسية فحتى وإن تم إغلاق نوافذ الحافلات أو فتحها فإن التعرض المستمر والطويل للهواء الملوث بعوادم أو لهواء مكيف داخل الحافلات في فصل الصيف، قد يؤدى إلى الإصابة بأمراض كثيرة لها تأثيرها السلبي على صحة الإنسان وإنتاجيته.

وزارة النقل والمواصلات تتهرب

ورغم اعتراف وزارة النقل والمواصلات بوجود خطط مستقبلة إلا أنها وضعت داخل الأدراج وبقيت للاستهلاك الإعلامي.

ويوضح الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات خليل الزيان أن تردي الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار الوقود يتخذها سائقو الحافلات ذريعة للحمولة الزائدة، ويشير الى وجود رقابة على هذه الحافلات ودوريات سلامة على الطريق في السابق، ولكنها الآن متعطلة كونها تحتاج تكلفة مادية عالية فتم إلغاؤها.

ويقول الزيان: “نعيش في مرحلة غير مستقرة من المشاكل السياسية والاقتصادية التي تعمل بشكل رئيسي على تدني الوضع في قطاع غزة”، موضحاً أن هناك تواصلاً بين الضفة وقطاع غزة حول المشاكل التي تمر بها وزارة النقل في غزة، وعدم وجود موازنة تشغيلية أوجد أزمة حقيقية”.

وختم الزيان حديثه بقوله: “هناك خطط مستقبلية ولكن غالبًا لن يتم تنفيذها لوجود ضعف شديد في الإمكانيات”.

وتبقى أزمة الازدحام مشكلة قائمة تحتاج حلاًّ جذريًّا معتمدًا على التخطيط الذي تتم فيه مراعاة جميع الأطراف والنظر إلى المصلحة العامة والاستفادة من تجربة الدول الرائدة في هذا المجال.

يحتاج قطاع غزة إلى مليون ومائتا ألف لتر وقود يوميا، 800 ألف لتر سولار ، و400 ألف لتر بنزين.

ويبلغ عدد السائقين في قطاع غزة نحو 30 ألف سائق حاصلين على رخص سواقة تجاري وعمومي، منهم 5000 الآلاف سائق عاطلين عن العمل.

يبلغ عدد السيارات في قطاع غزة 80114 مركبة مسجلة، عدا عن الآلاف السيارات الأخرى غير المسجلة، بينما تبلغ رخص القيادة 112675، وتبلغ عدد السيارات القديمة التي يعود تاريخ إنتاجها إلى ما قبل عام 1990 نحو 19874 مركبة، كما ويبلغ عدد التكتات والدراجات النارية 16805 حسب إحصائيات وزارة النقل والمواصلات بغزة.

توجد 20 شركة نقل عام، تمتلك 280 أتوبيس، ولكنها تعاني من تكلفة الصيانة المرتفعة، وقطع الغيار غير المتوفرة، وارتفاع أسعار الوقود.

ويقدر عدد سكان قطاع غزة لنفس العام بحوالي 1.76 مليون نسمة، منهم 894 ألف ذكر و866 ألف أنثى حسب الاحصاء المركزي لعام 2014.

والكثافة السكانية في فلسطين مرتفعة بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص، إذ بلغت الكثافة السكانية المقدرة لعام 2014 نحو 756 فرداً /كم2 في فلسطين، بواقع 493 فرداً /كم2 في الضفة الغربية مقابل 4,822 فرداً /كم2 في قطاع غزة.

إعداد (إبراهيم مصطفى إبراهيم.. اشراف حسن دوحان) نقلا عن صحيفة الأيام المحلية

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن