قانون سلب الأراضي خطوات ما قبل الضم

الكنيست

مثلما كان متوقعا، نجح اليمين المتطرف في الكنيست الإسرائيلي بتمرير ما يسميه” قانون التسوية”، أو قانون سلب الأرض الفلسطينية، كما هو في حقيقة الأمر.

فالقانون الذي تم تمريره بالقراءتين الثانية والثالثة بغالبية 60 صوتا يأتي ليشرع البؤر الاستيطانية العشوائية المقامة على أراض فلسطينية خاصة في الضفة الغربية المحتلة.

ويعطي هذا القانون الحق لأي مستوطن بامتلاك أي بيت أو أرض فلسطينية خاصة يتواجد عليها وبأثر رجعي، مما يفتح المجال أمام السيطرة على مزيد من الأراضي الخاصة الفلسطينية.

وحاليا هناك 16 بؤرة استيطانية قائمة على أراض خاصة و4000 بيت يملكها فلسطينيون، يشملها القانون الجديد، ويمنع إخلاء المستوطنين منها بالقوة.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد أن القانون من شأنه في المستقبل القريب أن يضم هذه الأراضي الفلسطينية الخاصة بشكل رسمي لدولة الاحتلال، ويسري عليها القانون الإسرائيلي.

وأشار أبو عواد ” إلى أن المستوطنين الذين يعتبرون أنفسهم حاليا مواطنين من الدرجة الثانية، سيطالبون بكامل حقوقهم بعد تطبيق هذا القانون.

من جانبه، أوضح الخبير في شؤون الاستيطان خليل التفكجي:  أن القانون يؤدي إلى شرعنة هذه البؤر الاستيطانية، ومنع استخدام المحاكم لطرد المستوطنين منها.

شرعنة البؤر الاستيطانية يحمل في طياته أهدافا استراتيجية أبعد من مجرد إبقاء المستوطنين على الأراضي وفي البيوت الفلسطينية الخاصة.

ويبين التفكجي أن من أهم أهداف القانون ضم هذه البؤر أو الأراضي إلى إسرائيل ضما صامتا، باستخدام القوانين الإسرائيلية وليس الأوامر العسكرية.

وسيصبح وضعها القانوني مثل باقي الأراضي الواقعة داخل إسرائيل، وهذا ما حدث عند توسيع حدود القدس وفرض القانون الإسرائيلي عليها.

ولفت إلى هدف استراتيجي آخر يتمثل بتحويل ملكية الأراضي الفلسطينية إلى دولة الاحتلال، والتي بدورها ستحولها مباشرة للمستوطنين، على غرار ما حدث عام 1948 حيث كان الفلسطينيون يملكون 96%، ونتيجة لقانون مشابه أصبحوا لا يملكون سوى 4% بين ليلة وضحاها.

ويعتبر أن هذا القانون ما هو إلا مرحلة أولى، وفي مراحل أخرى سيتم الانتقال إلى مستوطنات أخرى وإعطاؤها أفضلية قومية، مما يعني ضخ مزيد من الأموال للاستيطان.

القانون الجديد ينطوي كذلك على أبعاد سياسية تتمثل بالقضاء نهائيا على “حل الدولتين” وإمكانية قيام دولة فلسطينية في الضفة.

وبهذا الصدد ينوه التفكجي إلى أن الأراضي والبيوت التي يستهدفها القانون لا تقع داخل الكتل الاستيطانية بقدر ما هي منتشرة في كل مكان، خاصة بالمناطق القريبة من الكتل الاستيطانية، وفي مناطق تشرف على غور الأردن، ومناطق معزولة.

ويرى أن هذا يدل على أن الاحتلال لا يرغب بإقامة أية دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي، وأن حل الدولتين  غير موجود على الإطلاق، وأن هناك دولة واحدة بين النهر والبحر، هي الدولة اليهودية.

ويستشهد على هذا بتصريحات قادة اليمين الإسرائيلي بعد تمرير القانون، حيث قالوا: “نحن لا نضم هذه الأراضي، بل نحن أصحاب الحق فيها”.

من ناحيته، يقول أبو عواد إن كلا من المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين وصلوا إلى قناعة بأن لا أمل في حل الدولتين.

ويذكر بتصريحات لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، يقول فيها إن حل الدولتين انتهى رسميا، وكذلك موقف حزب العمل الذي كان شريكا في عملية السلام، حيث قال إن حل الدولتين انتهى.

من زاوية أخرى، يظهر نجاح اليمين الإسرائيلي بتمرير هذا القانون القوة المتعاظمة التي يتمتع بها المستوطنون وتأثيرهم على مراكز صنع القرار.

وجاء هذا القانون باقتراح قدمه حزب البيت اليهودي الذي يشارك بالحكومة الإسرائيلية، وقد هدد بإسقاط الحكومة إذا لم يمر القانون.

ورغم وجود أطراف واسعة في الحكومة تعارض القانون لأسباب متعلقة بأضراره على إسرائيل، إلا أن التوازنات الداخلية مكنت أصحاب مشروع القانون من ابتزاز الحكومة وتمريره.

ويتوقع مراقبون أن يسقط القانون في المحكمة العليا الإسرائيلية، لكن التفكجي يقلل من أهمية ذلك حتى وإن حدث.

ويقول: المستوى السياسي الإسرائيلي هو الذي يقف وراء هذا القانون، بمعنى أنه قرار الدولة، وبالتالي فإن قرارات المحكمة العليا لن تكون ذات قيمة في هذه المرحلة.

من ناحيته، يرى أبو عواد أن هناك احتمالا بنسبة 80% بأن تقوم المحكمة العليا بإسقاط القانون، وهذا ما تدركه أحزاب اليمين، ولهذا فهم يحضرون لقوانين لا يتم إسقاطها، مثل قانون الضم الرسمي لبعض التجمعات الاستيطانية الكبرى بالضفة.

ويقول: هم يعملون بمخطط واضح وبنفس طويل، ولديهم قناعة بأنهم قادرون على تمرير ما يشاؤون من قوانين في الفترة الحالية، لأنهم بيضة القبان.

فلسطينيا، تبدو الخيارات غير مفتوحة على مصراعيها، خاصة بعد وصول دونالد ترمب للرئاسة بالولايات المتحدة، وما رشح من معلومات عن تهديدات وجهتها الإدارة الأمريكية الجديدة للسلطة الفلسطينية في حال قررت التوجه لمحكمة الجنايات الدولية.

ومع ذلك، يرى أبو عواد أن الخيار المتاح أمام الفلسطينيين هو الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية، وتفعيل الموضوع سياسيا خاصة في الساحة الأوروبية، كما يرى ضرورة تفعيل المقاومة الشعبية وغيرها للتصدي لموجة الاستيطان.

ويقول إن القانون مضر بـسرائيل دبلوماسيا ويتسبب لها بإحراجات كبيرة على الساحة الدولية، ومن الممكن استغلال هذا الأمر للضغط عليها، خاصة وأن المجتمع الدولي بدأ يظهر نوايا للضغط على إسرائيل.

ويشير إلى أن إسرائيل تعاني من ثلاث نقاط ضعف يمكن استغلالها، وهي تردي الوضع الاقتصادي وضعف النمو منذ 8 سنوات، ومن شأن استمرار نهج الاستيطان زيادة المقاطعة الاقتصادية لها.

كما أن إسرائيل التي لا زالت تبحث عن الشرعية منذ سبعين سنة، فإن استمرار الاستيطان يزيد من أزمة شرعيتها في العالم.

أما النقطة الثالثة فهي أن إسرائيل وبالرغم من كونها مرتاحة تكتيكيا، إلا أنها على المستوى الاستراتيجي البعيد تصنع لنفسها أزمات كبيرة بسبب استيلائها على أراض فلسطينية.

ويقول: كل القيادات الأمنية والسياسية العقلانية لديها مثل هذه التخوفات، مع أنهم عندما يدخلون الحكومة يستمرون بنفس النهج.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن