قد يركب البحر:جريح فلسطيني سوري: أنقذوا اليرموك

وكالات  / الوطن اليوم 

قال أحمد حين سألته إلى من يوجه مناشدة اليوم، إنه يناشد العالم من أجل إنقاذ مخيم اليرموك والمحاصرين فيه وكل فلسطيني يعيش في مخيم ما من العالم، هذه المناشدة كانت ستكون مكررة وبلا قيمة إضافية، لو لم يكن الُمناشد جريح حرب فقد الحركة في أطرافه السفلية، ولو لم يكن الغرض من السؤال هو محاولة من الصحفي كي يجعل أحمد يناشد المعنيين لمعالجته ويحدد احتياجاته، لا أن يذكر قضية أخوانه وأبناء جلدته، فذكر المصاب مخيمه ولم يذكر نفسه.

الإصابة

عاد أحمد عمر، 28 عاما، إلى مخيم اليرموك بعد أيام من مغادرته له بعد القصف الشهير الذي تعرض له مسجد عبد القادر الحسيني لأن ‘لا مكان آخر للفسطيني إلا مخيمه، والأفضل التواجد فيه’ بعد أسبوع تماماً من ضربة الميغ، أي في الرابع والعشرين من كانون الأول عام 2012.

كان أحمد مع عائلته في شارع لوبية حين أصيب مع والده وبعض أفراد عائلته بشظايا قذيفة هاون. ونقل المصابون إلى مشفى فلسطين في المخيم. المشفى استقبل جميع الجرحى واعتذر عن استقبال أحمد، بسبب سوء إصابته وعدم وجود غرفة عمليات بتجهيزات عالية.

يشرح أحمد ‘كانت إصابتي الرئيسية هي شظية ضربت النخاع الشوكي وهشمت فقرتين، المشفي نصحني بمغادرة المخيم على الفور لأتلقى العلاج في دمشق، فنقلت إلى أول المخيم، ووجدت سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر السوري بانتظاري’. لم يكن الحصار على مخيم اليرموك قد بدأ بعد.

لا أطباء في دمشق

اعتذر مشفى المجتهد في قلب العاصمة السورية عن استقبال أحمد، وحوله إلى مشفى المواساة الجامعي، وأجريت له أول عملية جراحية في ‘المواساة’ حيث انتزع الأطباء الشظية من العمود الفقري، وأصلحوا الضرر في الفقرتين بزارعة فقرتين صناعيتين بدلاً منهما. ويقول ‘أصبت بالشلل في الأطراف السفلية، كان الخطر كبيراً بأن أصاب بالشلل الرباعي’.

بقي أحمد يقيم في دمشق لأكثر من عام ونصف بعد ذلك، ترافقه كل العائلة التي غادرت المخيم، باستثناء والده الذي بقي في مخيم اليرموك، في العاصمة.

لم يكن من السهل على أحمد أن يتلقى علاجاً بدنيا لتتحسن حالته الصحية، فالبلاد فقدت نسبة كبيرة من أطبائها المتخصصين الذين إما غادوا البلاد أو قتلوا أو اعتقلوا أو اختطفوا، العلاج البسيط الذي كان يقدم لأحمد جعله يفكر بمغادرة سوريا بشكل نهائي، عله يجد العلاج الذي يحتاجه شاب بعمره وبإصابته.

في تركيا

رفضت الأردن استقبال أحمد، ونصحه أصدقاؤه بالتوجه إلى تركيا، لكنه لم يكن يعلم أي شيء عن تفاصيل الرحلة.

يقول ‘هنا كان عذابى كبيراً، فالطريق البري منهك للأصحاء فكيف لشخص بوضعى الصحي، حتى عفرين بشمال سوريا كان الأمر مقبولاً نوعاً ما، لكن قطع الحدود بطريقة غير شرعية كان مؤلماً وصعباً في ذات الوقت’ وصل أحمد مع شقيقه الأصغر إلى تركيا ليحبطه انقطاع العلاج، تماماً وليس سوءه أو صعوبته كما كان الوضع في دمشق.

رفضت المشافى التركية استقبال أحمد أو إجراء الفحص له لأنه لا يملك أوراقاً تثبت وجوده في البلاد، راجع مركزا صحياً سورياً فقالوا له إن قدمه بحاجة لبتر فوري، كان أحمد في هذه المرحلة يعاني من تقرحات في أسفل ظهره وقدمه نتيجة توقف حركة جسده بشكل تام.

يقول ‘لم أصدق ما قاله الأطباء عن بتر قدمي، اتصلت بالإسعاف التركي الذي وصل إلى منزلي وفحصني لكنه رفض نقلي إلى المشفى. قال لي المسعفون إن قدمي يجب أن تبتر، حاولت لأسبوعين أن أدخل أي مشفى إلا أن ذلك كان مستحيلاً’.

تمكن أحمد من دخول مشفى تركي بطريقة غير شرعية، يرفض أن يكشف تفاصيلها الآن، في المشفى عولجت قدم أحمد عن طريق عمل جراحي وترميم جلد، ولم تبتر، وغادر المشفى بعد عشرين يوماً.

السفارات مغلقة

يقول أحمد إنه كان يجب أن يبقى في دمشق ولا يغادرها إلى تركيا في ظرفه الصحي الحالي، لكنه هنا الآن، يفكر بالسفر إلى أوربا التي لا يجد لها طريقاً إلا عبر البحر، الطريق الخطر على المعافين يبدو مميتاً لشاب فقد القدرة على السير، لكنه يأمل بأن يكون الطب في أوروبا قد وصل لحل لمشكلته الصحية، وهو يختار البحر لأن لا طريق آخر إلى هناك.

يقول ‘مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في اسطنبول أعطتني موعداً بعد عام ونصف، فيما قالت لي السفارات الأوروبية إنها مشغولة الآن بطلبات لمّ الشمل للسوريين والفلسطينين في أوروبا، ولم أجرب أن اتواصل مع السفارة الفلسطينية لأنني سمعت من غيري أن لا أمل منها’.

لم يبق إلا البحر، يقول أحمد، كي يصل إلى بلد يقدم له العلاج.

أنقذوا المخيم

لا يزال والد أحمد في مخيم اليرموك يعيش الحصار فيه، من النادر أن يتحدث الشاب المصاب مع والده بسبب ما يسميه بصعوبة التواصل، فيما يعيش اليوم في مدينة مرسين التركية، ويتابع أخبار المخيم على شبكات التواصل الاجتماعي.

يشتاق أحمد للمخيم وتوجعه أخباره أكثر من جراحه التي لن يشُفى بعضها، يذكر اليرموك في أغلب حديثه، فيما ينتظر فرجاً من الله أولاً كما يقول، وليس من أي جهة أو تيار أو فصيل أو اسم.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن