قرار “ملزم” بتداول الليرة التركية بدل السورية بشمال سوريا

mini_78

بعد فشل تطبيق قرارها السابق الخاص باستبدال الليرة السورية في مناطق سيطرة الثوار بالليرة التركية، قررت “اللجنة السورية لاستبدال عملة التداول” في قرار صادر عنها مؤخرا منع تداول العملة السورية في هذه المناطق ابتداء من مطلع شهر كانون الأول / ديسمبر المقبل، لكنها لم تفصح عن الطريقة التي سيتم فيها فرض هذا القرار.

واللجنة المشار إليها منبثقة عن “نقابة الاقتصاديين الأحرار” في المناطق المحررة، وهي صاحبة المشروع، وتضم ممثلين الهيئات التي تدير شؤون هذه المناطق، مثل المحكمة الشرعية والمجالس المحلية.

وحول هذا القرار وكيفية تطبيقه، يقول عضو لجنة استبدال العملة محمد غياث دعاس: “الهدف من تطبيق القرار هو حفظ أموال الناس من الضياع، وخاصة بعد تسارع انهيار الليرة السورية، حيث خسرت أمام الدولار خلال الأيام الثلاثة الأخيرة أكثر من 30 ليرة”.

ويشير دعاس إلى أن العناصر المكلفة بنشر القرار في الأسواق ستبدأ بتنفيذه في المؤسسات المشاركة بالقرار، وتطبيقه على موظفيها وعناصرها أولا.

ويرى عضو اللجنة أن القرار السابق فشل، لأنه لم يكن قرارا ملزما وإنما كان هو الخطوة الأولى لكي يبدأ الناس بالتخلي عن العملة السورية والاستبدال لعملة أخرى، على حد قوله.

وكانت اللجنة قد أعلنت في مطلع آب/ أغسطس الماضي عن بدء تداول الليرة التركية في الشمال السوري بدلا من الليرة السورية، لكن الإعلان لم يلق تجاوبا من السكان، ما دعا اللجنة لإصدار قرار آخر في 29 تشرين الأول/ أكتوبر بإنهاء التعامل بالليرة السورية وبدء تداول الليرة التركية في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في شمال سوريا، اعتبارا من الأول من كانون الأول/ ديسمبر القادم.

وأوضح دعاس أن من أهم الصعوبات التي تواجه اللجنة وتطبيق هذا القرار، هو إصرار بعض الأهالي على ما اعتادوا عليه بتداول العملة السورية، رغم الانهيار الواضح للعملة، حيث هبطت قيمة العملة السورية أمام الدولار 700 في المئة على مدى أربع سنوات.

وحول معارضة هذا القرار من قبل أوساط مختلفة في المجتمع السوري، يقول دعاس: “هناك بعض المثقفين يعارضون القرار ويربطون التخلي عن العملة السورية، بالتخلي عن الوطنية”، رأى أن هذا القرار لاقى تأييدا في أوساط مؤسسات الثورة المدنية والعسكرية، وفق قوله.

وعن كيفية تطبيق القرار والجهة التي ستقوم بفرضه على المدنيين، يقول دعاس: “هناك قوة تنفيذية لفرض التعامل بالليرة التركية حيث سيتم بالتنسيق مع الفصائل العسكرية”، دون أن يحدد طبيعة هذه “القوة”.

ويلفت دعاس إلى أن سبب اختيار العملة التركية دون الدولار هو لتوافر فئات صغيرة من العملة التركية، بحيث يمكن التعامل بها في السوق، وهذا غير متاح بالنسبة للدولار.

بدوره، أوضح صهيب بوشي، عضو نقابة الاقتصاديين الأحرار وعضو لجنة الاستبدال، أنه بعد البدء بالتوسع بتداول الليرة التركية في المناطق المحررة، كانت هناك بعض الجهات التي تعمل لصالح النظام، وعملت بقوة على ضخ الفئات الجديدة، (1000 و500 ليرة)، والتي ككل الفئات فاقدة لأي غطاء نقدي”، بحسب قوله.

وأضاف: “من أجل كبح نشاط وعمل هذه الجهات، التي تعمل على توفير الدولار للنظام وضخ الليرة السورية في المناطق المحررة، كان هذا القرار من أجل ردع هذه الجهات”.

وقلل بوشي من مخاوف عدم تقبل الشارع الحلبي لفكرة استبدال العملة، وقال: “إن الشارع الحلبي على يقين أن الليرة السورية من انهيار إلى انهيار، وعلى قناعة أن الليرة فاقدة لقيمتها والتداعيات مهمة وهي وقف تدفق هذه الفئات”.

غير ذي جدوى

من جهته، يعارض الخبير القانوني غزوان قرنفل هذا القرار، حيث يقول: “لا يبدو أنه صدر عن أصحاب اختصاص حقيقة. فلا يعقل أن تطلب من الناس الكف عن التداول بعملتهم الوطنية وتجعل من منطقة سورية كاملة رهينة اقتصاد دولة أخرى”، وفق قوله.

ويتساءل قرنفل: “إن كان البديل الذي يسعون إليه هو الليرة التركية، فما هي الضمانات التي بين أيديهم بتوفير الكتلة النقدية التركية اللازمة للتداول، ومن الذي سيوفرها، وآليات ذلك؟”.

واستبعد قرنفل أن يكون هناك أي تأثير للقرار على النظام، ورأى أن الأثر السلبي سينعكس فقط على المواطنين، خصوصا أن عددا كبيرا من الناس ما يزال يتلقى رواتبه من النظام، وأن هذا القرار سيجعل من لقمة عيش الناس رهينة أوضاع اقتصادية لدولة أخرى.

أما محمود قدسي، رئيس المكتب التعليمي في المجلس المحلي في حلب، فيقول: “الأهالي ومنذ بدء تدهور العملة السورية قبل أكثر من ثلاث سنوات، عملوا في مناطق سيطرة المعارضة خاصة؛ على ادخار عملات أخرى كاليورو والدولار والليرة التركية، وإبقاء جزء بسيط بالليرة السورية للشراء والتعاملات اليومية”.

وقال “قد لا يروق ذلك للناس البسطاء المعتادين على الليرة السورية، وخاصة أن البضائع مسعرة بها واعتادوا شراءها بها”، وفق قوله.

ولكن قدسي يتفق من جهة أخرى، مع الخطوات التي تقوم بها لجنة استبدال العملة والهيئات الشرعية بإلغاء التداول بالعملة السورية نهائيا، بحيث يتم تسعير كل المواد والسلع بالليرة التركية، وأن يتم الشراء بالليرة التركية.

ورأى قدسي أنه لا مانع من وجود عملات أخرى غير الليرة السورية، معبرا عن اعتقاده بأن هذا الأمر لن يرفع من الاقتصاد التركي ولن يساهم بانهيار العملة السورية، وانما سيحافظ على أموال الأهالي في مناطق سيطرة المعارضة، وفق تقديره.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن