قطاع غزة في مأزق فأين الحل؟

بدون لغة للتهويل أو التهوين، فان قطاع غزة أرض البدايات، وحامل العبء التاريخي، وقلب فلسطين التي تقترب حثيثاً من دولتها المستقلة ليس بسهولة بل بذروة الصعوبة والتعقيد وبكل مستويات الاشتباك، وقطاع غزة بقرابة مليونين من سكانه، وبحصاره الطويل الخانق، ودماره المتراكم غير المسبوق كما تصرح كل التقارير الدولية، وبنسبة البطالة التي لا مثيل لها في العالم، وبانفلاته السياسي والأمني، حيث تحكمه حماس التي انقلبت على الشرعية، وتشارك في حياته السياسية فصائل حائرة في تبرير نفسها، وتحدث فيه انفجارات تنسب إلى المجهول، وتوزع فيه بيانات تنسب إلى داعش، وتعمل فيه حكومة توافق بلا أدنى صلاحيات، وتتوالى فيه رقصات الحرب بلا جدوى، هو في مأزق شديد، ويمكن القول بكل ثقة انه مازق قاتل، فهل هناك من حل؟

بعد قرابة سبع سنوات على الانقسام الذي تصفه المظاهرات والمسيرات الغزاوية بأنه عار، بلا منطق، ضار جداً، صناعة إسرائيلية مئة في المئة كما اعترف الإسرائيليون الذين جن جنونهم مع بوادرالمصالحة، بعد هذه السنوات تقدمنا خطوة فعلية ميدانية باتجاه المصالحة، عبر إعلان أو اتفاق الشاطئ في الثالث والعشرين من نيسان الماضي، وتشكلت حكومة توافق وأمامها جدول أعمال واضح يتمثل في إدارة الحياة اليومية والذهاب الى الانتخابات، ولكن إسرائيل ومعها بعض المتهمين قطعت خط السير، وشنت ضدنا حرباً بدأت في الضفة، ثم تصاعدت بشكل هستيري في قطاع غزة لمدة خمسين يوماً، ثم عادت إلى الضفة والقدس وما زالت مستمرة، وحدث تطور مستجد على جدول الأعمال، وهو إعادة الإعمار لما دمرته الحرب الإسرائيلية التدميرية، قلنا لأنفسنا انه يجب علينا أن نتوحد حول مصالحنا، وحول دمائنا المهدورة، وحول برنامجنا السياسي الذي يشهد تصاعداً وصلاً إلى مجلس الأمن وما بعد مجلس الأمن سواء كان قراره إيجابياً أم سلبياً، وقلنا للذين رقصوا رقصة الانتصار، حسناً، سواء اتفقنا أم اختلفنا على توصيف ماحدث، فإننا نريد استثماره في مصلحتنا الفلسطينية، ومصلحتنا الفلسطينية المقدسة التي لا يوجد أقدس منها بأن يصبح لنا دولة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران كما توافقنا قبل ذلك مليون مرة، وفجأة دخلت الذئاب إلى حديقتنا من جديد، فأصبح مطلب الدولة خيانة عند جماعة الخلافة، وأصبحت الأحزاب والحركات على حد تعبير لاريجاني في جولته الإمبراطورية إلى المنطقة أهم من الدول، ليست دولتنا المنشودة فقط، بل الدول القائمة التي تناضل من أجل البقاء مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن وغيرها، وهكذا تعطل البرنامج الوطني الذي اتفقنا عليه، أصبحت المصالحة عرضة للهجمات بأشكال متعددة، وأصبحت العودة إلى أحضان إيران أهم من العودة إلى أحضان الشرعية الفلسطينية، وأصبح مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة مؤامرة كبرى، أليس هذا ما تسمعونه صراخاً كل يوم؟ فهل هناك صراخ أكثر عدمية من ذلك؟ وكيف لا يغرق قطاع غزة في البؤس واليأس معاً؟ وها نحن نسمع رقصة الحرب من جديد من قبل المأزوم نتنياهو ووزير حربه يعلون، وهكذا نسمع من الناطقين العسكريين الذين مع تراجع المستوى السياسي في حماس أصبح كلامهم هو القول الفصل، وحتى هذه اللحظة لم نتقدم سنتيمتراً واحداً في إعادة الإعمار، أو في خارطة الطريق التي اتفقنا عليها بدءاً بتشكيل حكومة التوافق، بل إن الضجيجالعجيب انتقل فجأة للتشويش على مشروعنا في مجلس الأمن.

ما هو الحل؟ ليس سوى العودة إلى ما تفقنا عليه، وعدم زج أنفسنا في لعبة الآخرين، وأرجوكم أن تتذكروا أنه عندما كانت مفاوضات إيران مع الدول الخمس زائد واحد سالكة، فإن اسم فلسطين لم يذكر، وعندما كان التنظيم الدولي يوشك أن يقطف الثمار، تم تصغير القضية الفلسطينية إلى بعض خيم وبركسات في الشيخ زويد، أو دمجهم في حي شبرا كما قال المخلوع والمدحور محمد مرسي.

نفذوا الاتفاقات، نفذوها بنبضها وروحها وعمقها وعدالتها، فلا نجاة لكم إلا جبل الشرعية الفلسطينية ينقذكم من الطوفان، ولا مستقبل لشعبكم إلا بدولة تجمع الشتات، وتحرر القرار، وتكفر عن الخطيئة، وتحل طلاسم المأزق، وتعيد الأمل.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن