“كافيـار” فـي غـزة.. هكـذا غــلاء الأســعـار!!

اسواق

الوطن اليوم /  بوابة الهدف: “إن ارتفاع الأسعار، وتدني الأجور، وأزمة رواتب الموظفين، تعمق من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, كما أن الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من ثماني سنوات له دوره الكبير في كل خراب، بما في ذلك ارتفاع نسب البطالة؛ ما يؤدي لارتفاع معدلات الفقر بين المواطنين، وتخلق هذه الأزمة تداعيات اجتماعية لتوفير مصادر الدخل بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة”.

هكذا أوجز الخبير الاقتصادي محسن أبو رمضان وصفًا، للحالة الاقتصادية بقطاع غزة، اليوم.

وأضاف أبو رمضان: حين نتحدث عن ثلاثة حروب قصمت ظهر القطاع، يجب أن نعرف أن هناك خسارة بشرية فادحة للطاقات والخبرات، والبنية التحتية، إن هذه الحروب أكبر سبب للأزمة الاقتصادية في القطاع، إضافة للحصار، والانقسام الذي مزق الجسد الفلسطيني.

وضرب أبو رمضان قطاع السائقين مثلاً، إذ لا يتسلم الموظفون رواتبهم بسبب أزمة الانقسام، فلا يخرجون من منازلهم، فلا يستقلون سيارات، ولا يصلون الأسواق، ويلجأون للديون المتراكمة في محلات البقالة، فلا يشتري صاحب المحل بضاعة جديدة، فيتوقف كل شيء.

من جهته قال أبو أحمد الدالي ستيني العمر الذي يعمل على سيارة أجرة في كراج الأزهر بغزة ويعيل منها 11 فرداً: لدي أربعة أبناء يدرسون في الجامعة، لا أستطيع أن أدفع لهم الرسوم الجامعية، ولا حتى أسعار الكتب؛ لأن السيارة اليوم أصبحت عبئا على السائق، أذهب وأجيء براكب أو اثنين، وبذلك  تكون “النقلة خسرانة”.

وأكمل الدالي: ربما حياءً من وجه زوجتي لا أجلس في البيت، هل يعقل أن أتكلف بعشرين شيقل لوقود السيارة، وأجني عشرة أو خمسة شواكل فقط، هل يعقل أن أنفق أنا على السيارة، بدلا من العكس!!.

أزمة الدالي لا تقف عند هذا الحد، فالذهاب إلى السوق لشراء بعض الكيلوات من الخضروات “الضرورية جدا” لقضاء حاجات أهل البيت، يشعره في كل مرة أنه ذاهب لشراء “الكافيار” أو “المخدرات” على حد قوله.

سرق بعض “البندورة”

إنك إذا مررت بشوارع غزة حتى أجمل أماكنها لرأيت شباباً بعمر الزهور يبيعون الشاي والسجائر والقهوة على أرصفتها بعد حصولهم على أعلى الدرجات الجامعية.

الشاب العشريني شادي عبد العال الذي تفوق في دراسته شاءت الظروف أن يكون من هؤلاء، بعد أن أعدم الحصار فرصته في العمل مع أحد المقاولين في مجال البناء، خاصة بعد العدوان الأخير، إذ لم يصل الأسمنت ولا مواد البناء.

عبد العال تحدث عن أحد الشباب الذي اضطر في إحدى الليالي لسرقة بعض البندورة من بيت جاره، ليطعم أطفاله، وتحدث عن بعض العائلات التي تزج بأطفالها للتسول والبيع بأقل القليل في شوارع قطاع غزة.

وقال عبد العال: هل تعتقدون أن الاقتصاد فقط هو الذي يتأثر بالحصار والحرب، أنتم مخطئون!! اذهبوا إلى المحاكم وراجعوا نسب الطلاق، واذهبوا إلى مراكز الشرطة واسألوا عن السرقات وعمليات النصب، اسألوا المخاتير عن الخصومات، اسألوا الأساتذة والمدراء في المدارس عن تسرب الطلاب، اسألوا المختصين عن متعاطي الترامال، اسألوا أصحاب المحلات عن أسعار البيض!!

عشرون شيقلا

في سياق قريب، تحدث الصياد عبد المعطي الهبيل: أنا أمتلك مركب كبير في ميناء غزة يعيل 23 أسرة في قطاع غزة, والعامل الواحد لا أستطيع أن أعطيه أجرة في اليوم أكثر من عشرين شيكلا مع علمي الكامل أن هذا المبلغ لا يكفي له ولأسرته, لكن حالنا هكذا كصيادين فالاحتلال الإسرائيلي متسلط علينا، يطلق النيران على مراكبنا لتغرق فلا نستطيع إصلاحها بسبب غلاء أسعار قطع الصيانة, والحكومات بضرائبها متسلطة علينا فجميعهم يشتركون في الحرب الإقتصادية على الصيادين وعلى باقي القطاعات الموجودة في غزة.

أبو محمود جمعة، صاحب إحدى محلات اللحوم بمدينة خانيونس، رأى أن من الطبيعي أن يلاحظ السيدات ينظرن إلى البضاعة على البسطات أمام محله، دون استطاعة حتى لشراء لعبة بشيكل واحد لطفلها، فلا عامل يعمل، ولا موظف يتسلم راتبه، وحتى الموظف راتبه لا يكفيه ويضطر للاستدانة.

وأشار جمعة للجوء الجزارين في السنوات الأخيرة لبيع لحوم البقر بدلا عن لحوم العجول، لتشجيع الناس على الشراء، خاصة أنها أقل سعرا، رغم أنها تحتاج للمزيد من الوقت على النار، رغم أزمة تعبئة أنابيب الغاز في كثير من الأحيان.

واختصر جمعة القول: الله يعين الناس، الحال “صعب”. وكررها ثلاثًا.

حصار وانقسام وحروب وأزمات تسببت في ارتفاع الأسعار تناسبًا مع تدني الأجور، وعدم انتظام دفع الرواتب لقطاع واسع من الموظفين، بل وعدم حصول آخرين على ما يكفي للقمة عيشهم.. فإلى أين أنتِ ذاهبة يا غزة؟!

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن