كيف تتعامل مع زوجتك المريضة؟!

87

استيقظ “ياسر” في إحدى الليالي على صوت زوجته “منى” تصرخ وجعاً.. “آاااخ خاصرتي تؤلمني، أشعر كأن بطني سينفجر، خذني إلى المستشفى لا أستطيع الاحتمال أكثر”، بسرعة البرق نزل الزوج بأولاده الأربعة إلى حيث أمه، ونقلها إلى المستشفى في سيارة لتدخل مباشرةً غرفة العمليات بعد أن قرر الأطباء لها استئصال “الزائدة الدودية”.. بعض الوقت مرّ هناك، وعادت “منى”، دخلت بيتها تترنح! وعيون أبنائها ترمقها بنظرة استغراب، كيف لا؟ وهم الذين ما ظنوا أنها يمكن أن “ترقد يوماً”.

خلال اليومين الأولين بعد خروجها من المشفى تقول :”كان زوجي يتعامل معي وكأنني طبيعية، يلومني لأن له ثوباً لم أغسله قبل أن أمرض، ويرفع صوته لدى سماع أنيني لينهاني عن ذلك بعبارة :”بيكفي دلع يا منى، لإيمتا بدك تضلي بالفراش؟”، وتزيد :”كان يرسل إليّ طفلتي لأدرسها خلال الأسبوع الأول –وهو المعروف بضيق خلقه في التعامل مع الأطفال- بل كان يطلب مني أن أغير لطفلي ابن العام والنصف ملابسه المتسخة، وهو يعي جيداً خطورة الحركة الزائدة على سير شفاء الجراحة”.

“ياسر” لا يحتمل جوّ المرض، هكذا تصفه زوجته، فكان يقضي معظم وقته في تلك الفترة، خارج البيت مع أصدقائه أو عند بيت أهله في الطابق الأرضي معتمداً في تسيير يوم زوجته على أختها الصغرى وأمها اللتين قامتا بقضاء أسبوع عندها بين ذهابٍ وإياب! تقول :”كانت أول مرةٍ أحتاجه فيها فعلاً إلى جانبي، ولا أخفي عليكم شعرت نحوه بشيءٍ من الجفاء، وعندما راجعته أجابني :”يعني مريضة؟ شو بدي أعملّك؟ أتحمّل عنك وجعك كمان؟!”.

ليس هذا ما كانت تنتظره “منى” التي تعبت وضحت وقدمت التضحيات وأنجبت لزوجها الأطفال وتحمّلت حلو الحياة معه ومرّها، وليس هذا ما تفعله هو إذا أصابه المرض يوماً.. ما هو دور الزوج إذا ما مرضت زوجته؟ هذا ما يجيب عنه د.درداح الشاعر رئيس مجلس إدارة مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات بغزة:

كما تدين تدان

يقول د.الشاعر :”إن العلاقة الزوجية علاقة مودة ورحمة، وهي شراكة بين اثنين ارتضيا العيش مع بعضهما البعض في محيط كافة الظروف التي يمكن أن يمرا بها حلوها ومرها، وفي الأزمات التي يمر بها الاثنان تظهر عظمة الحب من قبل كل طرفٍ للآخر، فمن يتخلى عن دوره تجاه الثاني في محنته أو مرضه يكون غير جدير بالحب الذي يخبئه الآخر له”، مشيراً إلى أن المرأة المريضة تشعر بالقهر إذا ما أحست بانسحاب الزوج من حياتها في فترة مرضها التي تكون فيها بأمس الحاجة إليه، هذا زيادةً على شعورها بآلام المرض”.

ولا ينكر د.الشاعر وجود نسبة كبيرة من الرجال “الأوفياء” للعشرة، الذين لا يتركون زوجاتهم وقت المرض سيما لو كان “مستعصياً”، بل قد يبذلون جهوداً مضاعفة سعياً لإيجاد دواءٍ يساهم في شفائهن، بل ويلعبون دوراً أساسياً في دعمهن لتخطي عوائق المرض النفسية.

وشدد د.الشاعر على أهمية مؤازرة الزوج لزوجته في مرضها من الناحية النفسية ذلك تنفيذاً لما شُرِّعَ الزواج لأجله “المودة والرحمة”، فلا يتذمر من تعبها ورقودها في السرير، ويصبر عليها حتى تعود إلى سابق عهدها حيث لم تردّ له طلباً من قبل، معلقاً على ذلك بالقول :”لا تنسى المرأة أبداً لمسات زوجها الحانية على رأسها وقت تحتاج إلى الدعم، وتردّها بأضعافها إذا ما مرّ بنفس الموقف”.

إن مجرد بقاء الزوج في مرمى عين الزوجة وقت المرض، هو رسالةٌ لها تقول :”أنا هنا، معكِ.. أنتظر أن تعودي كما عهدتك وأقوى”، ومن يدري “قد يخبئ القدر للزوج يوماً لا يستطيع فيه الحراك، وعليه أن يحسب له من الآن ألف حساب، فمن يدري إن كان وقتذاك سيجد زوجته بقربه أم لا.. هذا ما سيحدده دوره وقت مرضها”.

وكما تقضي الشريعة الإسلامية تأمين الزوج لعلاج زوجته المريضة مادياً، فإنها تدعوه إلى الوقوف بجانبها “كداعمٍ نفسي” يسكب عليها الحنان والعطف فيدعمها نفسياً ويساعدها في تخطي محنتها بشكلٍ أسرع.. أما في حال المرض “الذي قد يمنع الزوجة عن أن تعطي زوجها حقه” فلا مانع من الزواج بأخرى بشرط العدل بين الاثنتين وعدم إجحاف الأولى حقها لمجرد أنها “مريضة”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن