كيف ساهم الصراع السعودي الإيراني في تأزيم القضية الفلسطينية؟

السعودية إيران

نشرت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية تقريرا تطرقت من خلاله إلى تداعيات الصراع السعودي الإيراني على القضية الفلسطينية، الذي ساهم في تهميشها نتيجة انشغال المملكة العربية السعودية باحتواء الخطر الإيراني.

وقالت الصحيفة، إن موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط قد انقلبت، بينما تغيرت ملامح النظام العالمي الذي أقرته اتفاقية سايكس بيكو خلال القرن الماضي. وفي ظل بروز الصراع العربي الإسرائيلي على الساحة، تراجع اهتمام دول الشرق الأوسط بالقضية الفلسطينية بعد أن كانت في صدارة اهتمامات المنطقة منذ قيام الدولة العبرية سنة 1948.

وأكدت أن مختلف دول العالم تبحث منذ سنوات عن الحلول الكفيلة بإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط. وخلال الفترة الفاصلة بين سنة 1993 و1995، كان الإسرائيليون والفلسطينيون على وشك التوصل إلى اتفاق سلام. ورغم عقد اتفاقيات أوسلو، لم يقع حسم الجدل المتعلق بقضية القدس.

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ فشل اتفاقيات أوسلو، خرجت القضية الفلسطينية من دائرة اهتمام دول منطقة الشرق الأوسط نتيجة انشغالها بمسائل أخرى؛ على غرار التدخل الأمريكي في العراق والربيع العربي، والحرب السورية وظهور تنظيم الدولة. ومؤخرا، تصدر الصراع السعودي الإيراني دائرة اهتمام دول المنطقة على حساب الصراع العربي الإسرائيلي. كما ألقى الصراع السعودي الإيراني بظلاله على الحربين السورية واليمنية، إلى جانب الشأن اللبناني وحصار قطر.

وأوضحت أن الصراع العربي الإسرائيلي كان أمرا هامشيا بالنسبة لدول المنطقة، إلى أن اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقبل الإعلان عن هذا القرار الصادم، لم يعترف المجتمع الدولي بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل. وعلى هذا الأساس، رفضت مختلف دول العالم نقل مقرات سفاراتها من تل أبيب إلى القدس نظرا لأنهم على وعي تام بمدى خطورة وحساسية قضية القدس.

وأفادت الصحيفة بأن حل الدولتين مدرج ضمن مخططات منظمة الأمم المتحدة منذ سنة 1947، لكن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عاجزان عن تطبيقه على أرض الواقع نظرا لعدم توصلهما إلى أرضية تفاهم بشأن ترسيم الحدود والطبيعة القانونية للقدس. ورغم المفاوضات المكثفة الرامية إلى تحقيق السلام، إلا أنها باءت بالفشل نتيجة السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، ما يعني ضمنيا استحالة حل الدولتين.

وأوردت زود دويتشه تسايتونغ أنه رغم تحقيق عملية السلام لتقدم نسبي بعد اعتراف بعض الدول العربية بوجود إسرائيل، إلا أن الخطوة الأمريكية أحادية الجانب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قد تنسف كل الآمال في حل الدولتين، علما أن هذا القرار يخدم مصالح الإسرائيليين الذين لن يرضوا بحل الدولتين على الإطلاق، في ظل إصرارهم على بناء المستوطنات في الضفة الغربية.

وفي حال تبدد الحلم بإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، سيضطر الفلسطينيون إلى النضال من أجل ضمان حقوقهم المدنية عوض البحث عن إقامة دولتهم المستقلة. ومن جهة أخرى، يبقى خيار إنشاء دولة فلسطينية في قطاع غزة وشمال سيناء تحت الرقابة المصرية مجرد خيال، بينما قد تقسم الضفة الغربية بين الأردن وإسرائيل. وفي كل الأحوال، لن تقبل السلطات الفلسطينية بهذا الحل، تقول الصحيفة.

وبينت الصحيفة أن مواقف الدول العربية النافذة، على غرار المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، حيال القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كانت محتشمة، حيث تصب الرياض جل اهتمامها على احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة.

وتابعت أن المملكة العربية السعودية ستحاول الاستفادة من القوة العسكرية الإسرائيلية في سوريا ولبنان خاصة وأنها لن تكون قادرة على مواجهة إيران دون الدعم الأمريكي والإسرائيلي. وعلى ضوء هذه المعطيات، يبدو أن التحالف السعودي الإسرائيلي غير المعلن سيؤثر على النظام في المنطقة.

وقالت الصحيفة إن العديد من المؤشرات توحي بأن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل لا يرتبط بمصالح السياسة الداخلية الأمريكية كما يعتقد البعض، بل يندرج في إطار الصراع الإقليمي بين المملكة العربية السعودية وإيران. وفي الأثناء، سيكشف المستقبل عن مصير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في ظل هذه التجاذبات الإقليمية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن