كيف ظهر تحالف 4+1 بقيادة بوتين بعد لقائه مع سليماني؟

بوتين سليماني

احتفلت صحيفة الأخبار اللبنانية الصادرة، الثلاثاء، بما أسمته نشوء تحالف 4+1 لمحاربة الإرهاب الذي يضم الأربعة: روسيا وسوريا وإيران والعراق. أما الواحد فهو “حزب الله اللبناني” الذي اعتبرته الصحيفة مكملا للحلف الرباعي.

وبحسب مقال رئيس التحرير إبراهيم الأمين، فإن الحلف يقوده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ويضم إلى جانبهما سوريا والعراق في حربهما على الإرهاب، ويكملهما بدوره في سوريا والعراق واليمن ولبنان حزب الله اللبناني المدعوم إيرانيا.

وسبق نشوء الحلف زيارة في 24 تموز/ يوليو، سافر فيها “المبعوث العسكري الخاص للمرشد الأعلى الإيراني” ومنصبه المعلن، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني، على متن طائرة تجارية إيرانية، واجتمع خلالها مع الرئيس الروسي ووزير دفاعه سيرغي شويغو.

ومثل سليماني في اللقاء “المسؤول الإيراني الأرفع” عن ملفات المنطقة الساخنة من فلسطين إلى سوريا والعراق واليمن والمغرب العربي.

وبعد زيارة سليماني، زار مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبر اللهيان موسكو والتقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.

وأفادت وزارة الخارجية الروسية، في بيان بعد لقاء المسؤولين، بأنهما أكدا “أهمية تنشيط التعامل مع المعنيين الدوليين والإقليميين الآخرين من أجل تسوية ثابتة للنزاع في سوريا، وتوحيد الجهود الرامية إلى مواجهة الخطر الإرهابي، ولا سيما الذي يشكله تنظيم داعش”.

وبعد أسابيع على الزيارات والمناورات والتسريبات، تبين أن موسكو كانت قد شهدت تتويجا لمشاورات واجتماعات سرية شاركت فيها وفود من الأطقم العسكرية الاستراتيجية في روسيا وإيران وسوريا والعراق، قبل أن تصل إلى خلاصة، هي عبارة عن تحالف جديد لمواجهة الإرهاب في الشرق الأوسط.. ولاحقا علمت “الأخبار” أن الناتج كان نشوء حلف 4+1 لمحاربة الإرهاب.

ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن الاتفاق يشمل آليات تنفيذية للتعاون السياسي والاستخباراتي والعسكري الميداني في عدة مناطق من الشرق الأوسط، تشمل بدرجة رئيسة سوريا والعراق. وأن أطراف التحالف هي دول روسيا وإيران وسوريا والعراق، أما الطرف الخامس فهو حزب الله اللبناني.

ويشتمل التحالف على مناقشة وإعداد الخطوات العملية لمواجهة الوضع المتفاقم في المنطقة إزاء الحرب القاسية التي تشن على سوريا والعراق من قبل المجموعات التكفيرية التابعة لتنظيم القاعدة، بشقيها تنظيم الدولة وجبهة النصرة.

وعن مبررات روسيا لقيادة الحلف قال الأمين في مقاله، إن التطورات الجارية على الأرض لم تكن كافية لشرح حجم التبدل الاستراتيجي في الموقف الروسي من الأزمة السورية، وظلت موسكو حاضنة للرئيس الأسد، لكنها أبقت جميع الأبواب مفتوحة أمام مستويات مختلفة من التنسيق مع الغرب ودول في المنطقة، بحثا عن حل سياسي. وطال الأمر بعض الوقت، قبل أن تدرك موسكو أن واشنطن وحلفاءها في المنطقة، وخصوصا تركيا والسعودية، ليست في وارد التقدم خطوات جدية نحو الحل، وأنها تواصل المحاولات لقلب الوقائع الميدانية بحثا عن مكاسب سياسية كبرى.

و”بعد الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، كانت موسكو شاهد الإثبات الأول، على عدم شمول الاتفاق أي تفاهمات أو مناقشات حول المواضيع الساخنة في الإقليم. لا بل تأكدت روسيا من أن إيران تواصل العمل وفق خططها السابقة في العراق وسوريا. وتلقت القيادة الروسية تقارير مفصلة عن الأحداث اليومية في سوريا على وجه التحديد، ما كان كافيا لأجل إحداث تغيير جدي في النظرة والتعامل”.

وأحد الأسباب بحسب الأمين، فشل اللقاءات التي أجراها اللواء علي المملوك، مسؤول الأمن الوطني السوري، مع القيادات السعودية والإماراتية، والمصرية، والتي انتهت برفض تركي سعودي وإصرار على إسقاط الأسد، ما أدى إلى حسم الموقف الروسي من الأزمة السورية.

وتابع: “في هذه الأثناء، كان التحالف السعودي ـ التركي ـ القطري ـ الأردني، برعاية أمريكية وفرنسية وبريطانية، يجرب حظه مرة أخرى. وأقدم على عمليات عسكرية كبيرة جنوب ووسط وشمال وشرق سوريا بغية تحقيق نجاحات تقود إلى تنازلات سياسية من جانب دمشق وطهران. كانت النتائج الفشل للمرة السابعة جنوب سوريا، قبل تعطيل غرفة (الموك) الموجودة في الأردن، ثم عدم القدرة على أي استثمار سياسي لتقدم الأتراك ومجموعات (القاعدة) في مناطق إدلب، ونجاح الجيش السوري في وقف التقدم الذي بدأه تنظيم داعش من الناحية الشرقية لخط دمشق مع حمص. وفي كل الحالات، كان محور الإرهاب يحصد الخيبة السياسية، حتى وصل الأمر بالأمريكيين إلى حد إعلان العجز عن تحقيق إنجازات كبيرة”.

وعند هذا الحد، “لمس الأمريكيون، كما الروس، أن المحاولات الجديدة قد تقود إلى استسهال دعم وصول داعش إلى خط حمص ـ دمشق، وفتح الطريق أمام النصرة نحو الساحل السوري. وهي خطوة ستكون نتيجتها، لو نجحت، خسارة الغرب والسعودية أي نفوذ أو قدرة على السيطرة على التنظيمات الإرهابية”.

وتحتم خطوة إنشاء الحلف على إيران تدخلا من نوع جذري بحسب تعبير الكاتب، وهو ما يترافق مع إعلان حزب الله استعداده لإرسال قوات كبيرة إلى سوريا لمنع تهديد النظام في دمشق.

“عراقيّا، لا يبدو الأمر شديد التعقيد كما هي الحال في سوريا. إذ تشكل الوقائع السياسية والميدانية العراقية، مدخلا أكثر سهولة. إذ لا توجد هناك عملية عزل دولية للنظام الموجود، ويوجد الأمريكيون سياسيا وعسكريا وأمنيا. كذلك، الوجود الإيراني أكثر وضوحا وكثافة، وهو تعزز في الفترة الأخيرة من خلال دعم مجموعات (الحشد الشعبي). ولا تجد روسيا هناك حاجة لتدخل خاص ومباشر وكثيف كما هي الحال في سوريا. علما بأن القوات العراقية بدأت تحصل على دعم عسكري روسي خاص، وعلى أسلحة ليست موجودة إلى الآن في سوريا، لجهة سلاح الجو، سواء على صعيد المقاتلات والمروحيات أو القاذفات، وكذلك بالنسبة إلى بعض الذخائر والأسلحة الميدانية النوعية”.

وقالت الصحيفة إن أول قرارات الروس كانت الاتفاق مع الأطراف الأخرى على وحدة الأراضي السورية وحفظ الدولة والجيش وتعزيزه، وإقفال نهائي لأي بحث في مستقبل الرئيس بشار الأسد، وتفاهم سوري-إيراني على احترام المصالح المشتركة للبلدين في العراق وسوريا.

ولاحقا، باشرت موسكو خطوات عملية نوعية:

– أمر بوتين بإجراء اختبار مفاجئ لجاهزية قوات المنطقة العسكرية الوسطى في روسيا.

– تدربت طواقم سلاح الجو الروسي بصورة مفاجئة، على إجراء عمليات الهبوط في مطارات غير معروفة، بينما تدربت الطواقم الأرضية على تجهيز الطائرات للإقلاع المكرر. وجرى الاختبار بمشاركة نحو 95 ألف عسكري وأكثر من 7 آلاف قطعة من الأسلحة والمعدات العسكرية وزهاء 170 طائرة في الاختبار المذكور.

– أُنشئت غرف عمليات عسكرية واستخباراتية في جميع العواصم المعنية بالتحالف، بحيث يوجد ضباط من سوريا والعراق وروسيا وإيران، إضافة إلى ضباط من وحدة خاصة من حزب الله اللبناني في هذه الغرف.

– توجهت قطع حربية روسية، مع جسر جوي إلى الساحل السوري، ونُقل سرب من الطائرات المقاتلة الحربية من طراز جديد، وسرب من المروحيات المقاتلة، مع قوة دعم في أسلحة المدفعية والاختصاصات الأرضية. وعُزِّزت منظومة الاستخبارات العسكرية التقنية في المنطقة برمتها. وأُرسل أكثر من ألف ضابط وجندي روسي ليعملوا مع مئات آخرين موجودين في سوريا أصلاً. وجُهِّزت قواعد جوية في مناطق الساحل.

– تمركز الجنود الروس في عدة نقاط في منطقة اللاذقية، وانتشر الجنود الروس عند مداخل بعض المراكز الكبرى.

وأضافت الصحيفة: “قبل أيام، قام ضباط روس برفقة ضباط اختصاص من القوات الروسية الآتية إلى سوريا، بجولة على عدد من المواقع في منطقة سهل الغاب في حماه، وأجروا استطلاعا ميدانيا برفقة ضباط من الجيش السوري وضباط من حزب الله. كذلك حصلت جولات مماثلة في محيط إدلب، وفي سلسلة جبال الساحل المشرفة على منطقة اللاذقية. ويتضح أن القوة الروسية تشتمل على مختلف الاختصاصات، من سلاح جو، إلى وحدات متخصصة في أعمال القنص، وضباط المدفعية، إلى جانب فرق الاستطلاع والرصد”.

وأكدت أنه سيكون للروس دور فعال على الأرض، وسيشاركون في القتال بأسلحتهم المتطورة في الميدان، من خلال قيادة العمليات والمشاركة في القصف المدفعي، وسلاح الجو وغيره، إلى جانب الجيش السوري وحزب الله.

وعن أولى نتائج الحلف وعن زيارة نتنياهو إلى موسكو قالت الصحيفة إنه مهما كانت رواية نتنياهو حول نتائج زيارته لموسكو، إلا أنّها لن تغيّر كثيرا من الواقع الآخذ بالتشكل في الساحة السورية، بعد التدخل العسكري الروسي المباشر. مشكلة تل أبيب لا تقتصر فقط على إمكانية “الاحتكاك” مع الجيش الروسي في السماء السورية، بل تتجاوز ذلك إلى أبعاد أخرى أكثر عمقا وأهمية. ولية التنسيق المعلنة، لا تلغي أن القدرة الإسرائيلية باتت مقلصة جدا فوق السماء السورية، وبات يمنع عليها تنفيذ أنشطة عدائية، في كثير من المناطق في سوريا.

وبناء عليه، فقد خرج رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، من لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كي يسارع للتحدث إلى الإعلام عن التوصل إلى تنسيق أمني مع الروس حول سوريا. ونقل الإعلام العبري كلامه كما ورد، مع تشكيك بأن قدرة تل أبيب على المناورة في سوريا وشن هجمات، باتت مغايرة عن السابق، ويمنع عليها مهاجمة دمشق، أو ضرب شحنات أسلحة إلى حزب الله، ما لم تكن قد وصلت بالفعل إلى الحدود مع لبنان.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن