لاتجهضوا ثورة السكاكين…

قلم / غسان مصطفى الشامي
[email protected]
تتوالى الأخبار والأحداث الميدانية وتتسارع عمليات الطعن ضد الجنود الصهاينة، في القدس المحتلة وبئر السبع ومناطق مختلفة من مدن الضفة المحتلة، كما تتواصل المواجهات اليومية والاشتباكات مع جنود الاحتلال عند نقاط التماس في الضفة المحتلة؛ ولقد أثلج صدورنا رؤية ذلك الشباب الفارس الهمام الشهيد إياد العواودة من مدينة خليل الرحمن؛ الذي استل خنجره وتوجه نحو عدد من الجنود المتمركزين في إحدى نقاط التماس، وقام بطعن أحد الجنود؛ كما أخذت الصورة صدىً إعلاميا وجماهيريا واسعا كونها تصور أحد الجنود الصهاينة مدجج بالسلاح يهرب من الفدائي العواودة؛ هذا العمل البطولي يسطره التاريخ بماء الذهب على صفحات هذه الانتفاضة الخالدة.. هذه الانتفاضة التي أطلق عليها ” ثورة السكاكين” .. هذه الانتفاضة التي انطلقت من أجل الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، هذه الانتفاضة التي ثارت في وجه الصهاينة والمتآمرين والتي انطلقت من ساحات وباحات المسجد الأقصى، ودبت الرعب في قلوب المستوطنين الذين باتوا يفكرون ألف مرة في كيفية حماية أنفسهم من شبان وشابات بيت المقدس.
ويشدد كاتب السطور على أن ثورة السكاكين أركبت مخططات الجيش الصهيوني وحساباته، حيث أصدرت وزارة الدفاع الصهيونية تعليمات صارمة تقضي بوقف الدورات العسكرية، وعلمت على إلغاء طوابير الأركان داخل المراكز والمواقع الأمنية المختلفة، خشية هجمات فلسطينية مباغتة قد تطال مواقع الأمن بشكل مفاجئ.

لقد دخلت انتفاضة القدس المجيدة وثورة السكاكين أسبوعها الرابع وسط التلاحم الكبير من كافة قوى شعبنا، والدعم المتواصل لهذه الانتفاضة، ومداد الدم المتدفق من أجل استمرار هذه الانتفاضة.
إن رسالة هذه الانتفاضة يجب أن يدركها السياسي أنه لا عودة لمسار التسوية والسلام مع الاحتلال، هو مسار ثبت فشله وهو مضيع للحقوق والثوابت، ولابد أن يدرك المفاوض الفلسطيني ثمن الدماء الفلسطينية التي سالت ويجب أن لا تضيع هدرا من أجل وعود واهية من قبل المجتمع الدولي والعدو الصهيوني.
إن ثورة السكاكين حققت إنجازات فلسطينية نضالية أكثر من الإنجازات التي يسعى المفاوض الفلسطيني على مدار عشرات السنين تحقيقها، وطالما لهث المفاوض الفلسطيني وراء المطالبة بدولة فلسطينية على حدود 67 دون أي استجابة أو ردود، واليوم قد تفرض ثورة السكاكين الكثير من المعادلات السياسية على الأرض، حيث قالت صحيفة نيويوريك تايمز الأمريكية في افتتاحياتها قبل أيام إن أعمال الطعن، التي انتشرت في القدس الشرقية والضفة الغربية، جديدة في أسلوبها, الذي لا يستخدم الحجارة ولا التفجيرات، وأن هذه الهجمات الجديدة تثبت أن جيلا جديدا من الفلسطينيين مستعد لما سمته “العنف الانتحاري”، وأن إيقاف إسرائيل لهذه الهجمات، لن يتم بدفاعها عن نفسها فقط، بل بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جوارها، يعترف الجميع بحقها في الوجود.”
إن ثورة السكاكين في القدس والضفة كشفت بحسب المحللين السياسيين الصهاينة، عن ضعف الدولة العبرية، وعن ضعفت وانهيار الجبهة الداخلية قابلة للإصابة أكثر مما اعتقدنا. الحديث لا يدور فقط عن الخوف الذي تسببت به ثورة السكاكين للصهاينة وتأثير هذا على مجريات الحياة اليومية، بل تأثير هذه الثورة على الأمن الشخصي وانهيار الجبهة الداخلية.
ويؤكد المراقبون الصهاينة أن ثورة السكاكين أثرت بشكل كبير على استعدادا الجيش الصهيوني لأية مواجهات أو حرب طارئة حيث أدت إلى إغلاق طرق داخلية في الكيان وإلحاق الضرر بتجنيد الاحتياط والبنى الإستراتيجية في الكيان، كما أثرت هذه الانتفاضة بحسب التقارير الإعلامية العبرية على ميزانية الجيش والاستعداد المالي للإنفاق على مواجهة هذه الانتفاضة على المدى البعيد.
اليوم لا يعرف العدو الصهيوني كيفية التعامل مع هذه الانتفاضة، وهذه الثورة التي انطلقت في قلوب الشباب في القدس ومدن الضفة، وقد أصبح الكيان الصهيوني مهدد في كل ساعة جراء عمليات الطعن والقتل التي تنفذ ضد المستوطنين وجنود الاحتلال، بل وأصبحت الكثير من طرقات القدس خالية من قطعان المستوطنين .
لقد قلبت ثورة السكاكين حياة المستوطنين رأسا على عقب، وأصبحوا يعيشون حياة هستيرية ويبلغون الجيش عن أي حالة اشتباه، لدرجة أن جنود الاحتلال قاموا بإطلاق الرصاص صوب الفتى المقدسي معتز عليان (16 عاما) من جبل المكبر يعاني من مرض الصرع، حيث قتله الجنود لمجرد الاشتباه به أن يحمل سكينا في حقيبته وقد كان يضحك؛ لهذه الدرجة وصلت الأمور لدى الصهاينة، وأصبحوا في حالة دائمة من الجنون .
إن ثورة السكاكين أحيت الهمة والعزيمة في مواجهة مخططات الصهاينة الرامية لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا والوقوف في وجه اقتحامات قطعان المستوطنين لباحات المسجد الأقصى، كما أوصلت هذه الثورة الصوت الفلسطيني عاليا لكافة المسلمين والعرب في شتى بقاع الأرض، أن هبوا من أجل مسرى النبي ومعراجه .. أن هبوا نصرة للقدس والمسجد الأقصى.
المطلوب فلسطينيا، وعربيا اليوم ألا تجهض هذه الثورة، وعدم التجاوب مع الوساطات الدولية والزيارات الأمريكية للسلطة والدول العربية من أجل فتح قناة تفاوضية بين الفلسطينيين والصهاينة، بهدف السيطرة على هذه الانتفاضة وقمعها؛ ولابد منا توفير كافة سبل الدعم والمساندة لثورة السكاكين في القدس، والعمل على إبقاء جذوة الانتفاضة مشتعلة في كافة الجبهات والميادين، وألا يهدأ لنا بال حتى يوقف العدو الصهيوني مخططاته تجاه المسجد الأقصى ويوقف الاعتداءات على الحرائر والشيوخ في القدس .
إلى الملتقى،،

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن