لا تختبروا صبر قيادتنا وعقلانيتها

موفق مطر
موفق مطر

بقلم: موفق مطر

لا جدوى من امتحان جديد لاختبار صلابة الموقف الفلسطيني وثبات القيادة عند الخطوط الحمراء، أما محاولات تقديم خدمة لدولة الاحتلال بدفع القيادة لتجاوزها، فهذا ما يمكن وصفه بالجهل، أو تصديق الأوهام، فنحن نفترض وجود كتاب للتجربة مع القيادة الفلسطينية منذ ولوجها العملية السياسية حتى قبل انطلاق مؤتمر مدريد.

قد يكون مفيدا للذين بيدهم (مفاتيح الصفقات الكبرى) في المنطقة، ومفتاح الصفقة الأكبر لحل القضية الفلسطينية التأكد من نتائج كل التجارب السابقة لأنهم وبمراجعة دقيقة سيكتشفون ان الرئيس محمود عباس، ومن قبله الرئيس ياسر عرفات رحمه الله لم يخضعا لضغط أو تهديد، وان الواقعية في مدرسة السياسة الفلسطينية لا تعني التفريط او القبول بأقل من ثوابت الحد الأدنى المعلنة في وثيقة الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني في الدورة 19 من العام 1988 وعنوانها قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على ارض فلسطين.

في كل صفحة من كتاب التجربة الأميركية مع قيادتنا الوطنية تحديدا، سيكتشف قادة الادارة الأميركية أن قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس الذي حمل أمانة المسؤولية والقرار الأول بعد الرئيس الشهيد ياسر عرفات بانتخابات ديمقراطية، لم ولن يقبل أي حل يتعارض مع أهداف الشعب الفلسطيني المعلنة في برنامج منظمة التحرير، أو يمس الحقوق المقررة في مواثيق وقوانين الشرعية الدولية، ولا يتوافق مع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وقرارات الاجماع العربي المساندة في مؤتمرات القمة، على رأسها المبادرة العربية، وأنه لن يرفض أي حل يحقق الحرية والاستقلال والسلام للشعب الفلسطيني، ويؤمن سيادته على حدود دولته ومواردها، ويؤمن تواصلها مع عمقها العربي بلا حواجز الاحتلال الاسرائيلي او ثكنات الاستيطان الاستعماري العنصري.

تملك الولايات المتحدة الأميركية القدرة على نصب ميزان العدل لحل قضية فلسطين، لكنها لا تملك القدرة لإقناعنا بقبول الظلم أو الخضوع للاحتلال الاسرائيلي، فالأمر لا يتعلق بصراع شركات على الأسواق، أو من اجل انجاح تحالفات مرتبطة بمصالح هنا وهناك، وإنما بصراع من اجل ديمومة وجودنا في أرض وطننا فلسطين، وعودة الذين اضطرتهم جرائم جيش الاحتلال الاسرائيلي الى الهجرة من بيوتهم وأراضيهم طلبا للحياة منذ اكثر من سبعين عاما.

نحن معنيون بعلاقة جيدة بل وممتازة مع الادارة الأميركية، وبعلاقات احترام مع أية دولة في العالم، ومعنيون ايضا بإيصال قادة الولايات المتحدة الى الاقتناع بشرعية حقوقنا، وأننا لا نطلب منهم الانحياز الينا بقدر ما نطلب منهم الانحياز الى قيم الحرية والعدل وقوانين الحقوق السياسية والانسانية التي تقوم عليها اركان دولتهم العظمى، وبذات الوقت نعلمهم أن معادلة السلام في المنطقة الأهم والأكثر حيوية في العالم، لن تكتمل دون الاقرار بحقوق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

قد تستطيع دولة عظمى فرض وقائع على ارض صراع في منطقة ما بقوة السلاح، او استخدام نفوذها المتعدد الأطراف، والضغوط التي تبدأ بالسياسية ولا تنتهي عند الحصار الاقتصادي والمالي، لكنها لا تملك كلمة السر التي تمكنها من تمرير ما تشاء على شعب حر، باتت لتجاربه في الصمود وابداع وسائل النضال مدرسة يرتادها المؤمنون بالحرية، فمشيئة وارادة الشعب الفلسطيني هي القدر الذي سيرسم ملامح مستقبل ارض فلسطين التاريخية والطبيعية، وحقوق كل انسان يعيش عليها.

يتطلع شعبنا الى يوم تستجيب فيه الدول الكبرى الحافظة لتوازن العالم ليس الى نداء الحق وحسب، بل الى نداء مصالحها الكامنة في الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة والعضوية في الأمم المتحدة، ولا يتطلع الى حروب وصراعات دموية، لكن لا يتمنى على اي كان اختبار صبر قيادته وعقلانيتها وواقعيتها السياسية التي تمثل ارادته في خطواتها وتوجهاتها وبرنامج العمل الوطني الذي ينظم حركتها في كل اتجاهات ومسارات القضية.

تستطيع الادارة الأميركية اغلاق مكتب تمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية، لكن كل قوى الاستعمار والاحتلال المتعاقبة على ارضنا لم تستطع اغلاق دروبنا نحو الحرية، فنحن سنفتح الف درب وطريق الى وطننا الحر كما نراه ابداً، ونفتح ملايين الدروب لترسيخ عدالة قضيتنا في وعي الشعوب كلما اغلقوا بوجهنا دربا او طريقا.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن