لا نريد اعتذارا بل نريد حقوقا

تمارا حداد
تمارا حداد

بقلم الكاتبة: تمارا حداد

مئة عام تحمل طيات مأساة شعب خلفَتها وعود بلفورية، مئة عام نبحث عن وطن تحت ركام النكبات، مئة عام ما زالت فلسطين تنزف، مئة عام مازالت الجريمة تنتزع آمالنا واحلامنا، مئة عام والتشريد قائم لصالح اقامة دولة الكيان الصهيوني، مئة عام وخيامنا وقرانا تشتتت، مئة عام والقدس تهوَد دون رادع، مئة عام وقرارات أممية تتوالى دون تنفيذ، مئة عام وحقوقنا تُسلب وتُنهب، مئة عام وها هي بريطانيا تحتفل بوعدها وبمكافئتها لحاييم وايزمن مؤسس الحركة الصهيونية باعطائه ارض فلسطين للصهاينة وانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

من شرق اوروبا الى غربها وتدفق اليهود اليها ارادت الحكومات التخلص من اليهود، كانت بريطانيا اولى الحكومات التي تبنت فكرة التخلص من اليهود، وكان بلفور من اشد المتديينين البريطانيين والمتمسك بالطائفة البروتستانتية والتي تؤيد اقامة وطن يهودي في فلسطين الى حين ظهور المهدي واعتناق هؤلاء الديانة المسيحية، ومن هنا بدأت “الحركة المسيحية اليهودية” والتي تفضل الطقوس العبرية في العبادة عن الطقوس ” المسيحية ” بالإضافة إلى دراسة اللغة العبرية، هذه الأفكار ضمن اطار الحركة الصهيونية المسيحية ، تيريزا من مؤيدي هذه الحركة لذلك تحتفل اليوم بهذا الوعد وتدافع عن الصهيونية.

الصهيونية هي ايديولوجية تؤيد قيام دولة قومية يهودية في فلسطين بوصفها ارض الميعاد لليهود وصهيون جبل في القدس، بريطانيا من الدول التي بدأت بها الحركة الصهيونية المسيحية فهي الدعم المسيحي للفكرة الصهيونية، فهي حركة مسيحية قومية تعمل من اجل عودة الشعب اليهودي الى فلسطين وسيادة اليهود على الارض المقدسة .

لذلك طرح بلفور ” قانون الغرباء ” والذي كان يهدف الى وضع حد من دخول اليهود الى بريطانيا، ووضع اكثر من خيار لليهود بإقامة وطنهم، إما الأرجنتين، أوغندا، ليبيا ، العريش في سيناء او فلسطين، وتم اختيار فلسطين لموقعها الاستراتيجي المميز والذي يربط بين القارتين الاسيوية والافريقية، وحتى تكون اسرائيل الفاصل بينهما ووجودها يحقق اهداف الدول الاستعمارية المستقبلية.

لم يكن وعد بلفور الولادة الاولى لنكبة الشعب الفلسطيني، وولادة المعاناة الفلسطينية فنشأة الوطن اليهودي هي مكافأة لحاييم وايزمن الضاغط على بلفور لاستصدار هذا القرار المشؤوم بعد تسليمه مادة الاسيتون الى بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، قدم بلفور وعده لامريكا وفرنسا وايطاليا ووافقت عليه اليابان ثم وافقت عليه بريطانيا عبر برلمانها ولعبت عصبة الامم المتحدة دورا في تمرير هذا القرار، من هنا نرى ان وعودا بلفورية كثيرة ليست فقط بريطانيا المسئولة عن هذه الجريمة بحق الشعب الفلسطيني وانما دول عظمى اطاحت بالحقوق الفلسطينية، واضاعت حقنا في ان يكون لنا دولة مستقلة على حدود ارضنا التاريخية، لا نريد اعتذارا من بريطانيا، ولكن عليها ان تتحمل مسئولية ما جرى للشعب الفلسطيني من تشريد ونكبات، وليس هي فقط عليها تحمل المسئولية على كل دولة وافقت على هذا الوعد ان تنظر في كيفية الرجوع عن قرارات لصالح اسرائيل وما زال حتى اليوم القرارات الاممية والامريكية وبعض العربية لصالح اسرائيل، مازالت المستوطنات تنهب الارض ولن تقوم دولة على قطع متناثرة، وحل الدولتين في هذه الاحوال بات صعبا، ودولة واحدة ضمن دولة ديمقراطية يعني ضياع حقوق المواطنيين الفلسطينين، كلا الحالتين الخاسر هو الشعب الفلسطيني.

اي اعتذار سينفع بعد كل هذا هل سيحقق تقرير مصيرنا على ارضنا؟ اعتقد لا! على المجتمع الدولي ان يتحمل مسئوليته في تنفيذ قرارات عديدة أقرت للفلسطينيين، فالحق ثابت وجذور الفلسطيني اقدم من البريطانيين في بريطانيا، واقدم من الامريكان في امريكا ، فرغم تباعد السنين فحلم دولة ما زال موعدنا وما زال الهدف نديا في قلوب كل فلسطيني حقيقي وشريف، هي فلسطين تجمعنا وحلمنا لا يموت كمشكاة نور ليلج النور وتبزغ شمس الحرية الى فلسطين الابية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن