لست داعشيا !

الكاتب: ماهر أبو طير

الحرب على التطرف، بات يتم استثمارها، لتشويه الإسلام كدين، بل ان الآراء الوقحة باتت تقول إن أصل المشكلة في الإسلام ذاته، وليس في داعش وفهمها للإسلام!.

علينا ان نلاحظ سموما كثيرة تتدفق، وراء داعش، بل باتت فرصة لاهانة علماء الاسلام، ورجالاته وكتبه، وبعضنا يسترجل على كتب قديمه ويدوسها ويحرقها، بدلا من ان يقول إن المشكلة في الاصل هي في الفهم والتأويل، وليس في الاسلام ذاته، الذي تتعدد فيه التأويلات، وبيننا مئات الملايين الذين لا يؤمنون اصلا، بكل هذه الدموية.

الحرب على داعش يتم قلبها تدريجيا لتأخذنا الى حرب على الاسلام، وكأن التنصل من داعش وافعالها، بات يوجب التنصل من الاسلام، ومن هذه الامة، وبتنا نقرأ ونسمع استهزاء بكل متدين، وبكل من اطلق لحيته، وكل من خطب جمعة، وكل من ذهب الى مسجد، وكل من استذكر اية او حديثا في مجلس، وهذه امة يتم اختطافها دون وعي، في سياق التنديد بالجرائم، وبحيث يتحول التنديد الى تبرؤ من ذات الاسلام، وبحيث يرتد المرء عن دينه، تدريجيا، امام هذه السموم التي يتم صبها في عروقه.

بتنا في حيرة من امرنا، فنسخ الاسلام كلها مرفوضة، من الاسلام المعتدل الوسطي، مرورا بالإسلام بصوره السلفية العادية، وتلك المتفتحة التي يصح وصفها بالليبرالية، وصولا الى كل نسخ الاسلام السياسي الحالية، والمدارس الفكرية والروحية ،والخلاصة تقول إن كل النسخ، الاصلية والمستحدثة، يتم اطالة اللسان عليها، والاستهزاء بها، وكأن المطلوب فض الناس عن الدين كليا.

جرائم داعش ساعدت الذين يكرهون الاسلام، لتشويه سمعة الاسلام، وتوظيف جرائم داعش اشد بشاعة من افعال داعش نفسها، من جانب قوى كثيرة.

اللافت للانتباه، انه ولا نسخة من الاسلام يريدون، وقد نفهم ان النسخ المتطرفة الدموية مرفوضة، لكننا بالمقابل نلمس طحنا ناعما ايضا لكل النسخ الاخرى، بما في ذلك النسخ التي تؤمن بالصلاة والصيام، فقط، ولا تمد عينيها إلى أي شيء آخر.

من الخطير جدا هنا، أن يتنبه كثيرون إلى هكذا فكرة، أي أن الاسلام هو المطلوب رأسه، سواء كان معتدلا أم متطرفا، مؤمنا بالحياة، أم مؤمنا بالآخرة، وهذا يوجب على كثيرين، وقف التذاكي علينا، ووقف المزج البطيء الذي يتسلل إلى عقولنا، للقول إن الإسلام بكل صوره متحجر ورجعي ودموي، فأن لم يكن اسلام قتلة، كان اسلام دشاديش وكهوف الماضي والمسواك.

علينا أن ندافع عن ديننا، وأن لا نغرق تحت وطأة الاتهام، بحيث يتنصل الانسان تدريجيا من حيث لا يدري من دينه، وبحيث تتم فتنته وترويع عقله ووجدانه، وكأنه متهم بكونه داعشيا، فأن صد هذا الاتهام اكتشفنا أيضا حربا ناعمة، تريد من المسلم التخلي عن كل اسلامه، بما في ذلك النسخ التي يمكن وصفها بغير المتشددة، والعقلانية.

مرات تشعر من فرحة المطبلين لجرائم داعش، بأن الدليل على همجية الاسلام، جاء أخيرا الى هؤلاء على يد الدواعش، وهم هنا، لا يهللون فقط لهذه الجرائم، الا بقدر كونها تساعدهم في معركة نقض ذات الاسلام، واعتباره دينا غير صالح للبشر.

في آلاف التوظيفات اليومية، نلمس هذه الجهود، وهذه المفردات المتذاكية، التي تريد اعادة انتاج اهل المنطقة، بحيث يكونوا “بلا” أي دين، حتى يثبتوا أهليتهم وصلاحيتهم لمواصفات العالم الحر والمتنور!.

لست داعشيا، لكنني مسلم، لكنني اتحسس بشدة اذ يراد بعد التبرؤ عن قناعة من افعال داعش، ان يتم اخذي بعد قليل الى التبرؤ من ذات الاسلام، باعتبار ان كل الشجرة شيطانية، ولا يليق الانتساب اليها!.

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن