لماذا تفرض واشنطن عقوبات متزامنة على روسيا وتركيا وإيران؟

لماذا تفرض واشنطن عقوبات متزامنة على روسيا وتركيا وإيران؟

نشرت صحيفة “نيوز. ري” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن العقوبات الأمريكية الموجهة ضد تركيا وروسيا وإيران، التي يعتبرها السياسيون الأمريكيون الإجراء الأكثر فعالية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها إنه تم الإعلان عن فرض عقوبات ضد كل من روسيا وإيران وتركيا في الوقت نفسه تقريبا. ومن المتوقع أن تؤثر العقوبات الأمريكية سلباً على المناخ الاقتصادي لهذه الدول الثلاث، خاصة أنها أثارت ردود فعل مشابهة تقريبا من قبل قادة الدول الذين كانت طرق تعبيرهم عن استيائهم من القرار الأمريكي مختلفة إلى حد ما.

وذكرت الصحيفة أنه في العاشر من آب/ أغسطس، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفع رسوم استيراد الصلب والألومنيوم من تركيا، بنسبة 50 و20 بالمائة. وفي أوائل شهر آب/ أغسطس، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على وزيري الداخلية والعدل التركيين، ردا على رفض أنقرة الإفراج عن القس الأمريكي الذي يخضع للإقامة الجبرية، أندرو برونسون.

وفي السابع من آب/ أغسطس، أعلن ترامب عن فرض حزمة جديدة من العقوبات ضد إيران، التي تقضي بإنهاء المعاملات المالية وحظر استيراد المواد الخام، وبعض المنتجات الصناعية. وفي 22 آب/ أغسطس، ستدخل جملة من العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا حيز التنفيذ.

وأفادت الصحيفة بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رد على انخفاض الليرة بدعوة الشعب التركي للاستعداد لمعركة وطنية ضد أعدائهم في المجال الاقتصادي. وقد اعتبر الكرملين الحزمة القادمة من العقوبات المناهضة لروسيا غير قانونية. أما الرئيس الإيراني حسن روحاني، فقد كان تصريحه الأكثر حدة بالمقارنة مع بوتين وأردوغان، حيث علق قائلا: “ستندم الولايات المتحدة على ذلك”، إلا أنه لم يحدد ما يقصده من ذلك على وجه التهديد.

ونقلت الصحيفة عن الخبير البارز والنائب الأول لرئيس مركز التقنيات السياسية، أليكسي ماكاركين، أن “التزامن النسبي للعقوبات ضد روسيا وإيران وتركيا يتأثر بالعديد من العوامل. ومن الواضح أن ترامب لا يفهم قيمة حلفائه، ويرغب في المضي قدما دون النظر إلى المخاطر المحتملة لقراراته، وهذا يتعارض مع السياسة التي انتهجها باراك أوباما”.

ولطالما انتقد الرئيس الأمريكي صراحة شركاءه على غرار الاتحاد الأوروبي وتركيا، مع العلم أن المشكلات في العلاقات الأمريكية التركية قائمة منذ عهد إدارة أوباما، أي عندما اشتبه أردوغان في تورط البيت الأبيض في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في صيف 2016.

وأضافت الصحيفة أنه في حين فضل أوباما عدم جر العلاقات التركية الأمريكية إلى صراع مفتوح، لا يتردد ترامب الآن في خوض جدال مع أردوغان الذي أبدى رفضه للإذعان للبيت الأبيض. وفيما يتعلق بالعقوبات ضد إيران، أبدى ترامب اتباعه لسياسة مخالِفة تماما لسياسة أوباما، الذي وافق على الصفقة النووية.

أما في حالة روسيا، فقد نفى ترامب منذ بداية فترة رئاسته التهم المتعلقة بتعاونه مع الكرملين. في المقابل، لم يتعرض أوباما لتُهم مماثلة لـ “عميل لموسكو” لذلك كانت عقوباته ضد روسيا أقل حدة، في حين أنه على ترامب إثبات عدم تعاونه مع بوتين من خلال فرض المزيد من العقوبات.

وحسب الخبير وعضو مجلس الشؤون الدولية الروسي ونادي فالداي الدولي، ماكسيم سواشكوف، لا يمكن اعتبار فرض العقوبات ضد روسيا وتركيا وإيران في الوقت نفسه محض صدفة، وإنما هناك نوايا مبيتة. وأشار الخبير إلى أن “هذه العقوبات هي دليل على الاتجاه الذي تنتهجه الولايات المتحدة مع أولئك الذين تعتبرهم خصوما لها، أو حلفاء انحرفوا عن الطريق”. وذكر الخبير أن الإجراءات الأمريكية ضد هذه الدول تكتسي دلالة هامة، والأمر سيان بالنسبة للجدول الزمني للإعلان عن فرض هذه العقوبات.

ونقلت الصحيفة عن الخبير قوله إن “فرض العقوبات ضد إيران أمر معروف وشائع منذ فترة طويلة، أما العقوبات ضد روسيا فهي رد فعل من قبل الكونغرس الأمريكي على السلوك المخادع للرئيس في هلسنكي، وتبديد الشكوك المتعلقة بالتعاون بين ترامب والكرملين في الانتخابات الرئاسية”. وأضاف الخبير “تتأثر العقوبات ضد تركيا بالعامل الروسي، بالإضافة إلى مسألة اعتقال القس الأمريكي في تركيا، التي تمس صورة ترامب في بلاده”.

وأوردت الصحيفة وجهة نظر مدير مركز تحليل النزاعات في الشرق الأوسط بمعهد الولايات المتحدة وكندا، التابع لأكاديمية العلوم الروسية، المستشرق ألكسندر شوميلين، الذي يعتقد أن تزامن العقوبات ضد طهران وموسكو وأنقرة هو موقف ظاهري ظرفي أكثر مما هو موقف متعمد. وأكد الخبير أن “العقوبات الأمريكية تضع كلا من روسيا وتركيا وإيران في مركب واحد، مما يحتم على الدول الثلاث التعاون مع بعضها البعض، لكنني لا أتوقع نشوء أي تقارب قوي فيما بينها”.

وحسب هذا الخبير “تكمن المشكلة في أنه لكل طرف من الأطراف الثلاثة أهداف ونوايا مختلفة، فمثلا لن تفضل تركيا البقاء في نفس المركب مع روسيا وإيران، فيما ستختار إيران مزيد التقرب من روسيا. ومن ناحيتها، لا يزعج روسيا البقاء في نفس المركب مع كل من تركيا وإيران”. ويعتقد شوملين أن موسكو ستحاول استغلال التناقضات بين أنقرة والغرب، ولكن من الناحية الاستراتيجية من المستحيل ضمان تحالف طويل الأمد مع تركيا، وإنما يمكنهما الاستفادة من بعضهما البعض في الوقت الحالي”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن