لماذا لم تنجح حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية؟!

بعد مرور حوالي خمسة اشهر على بدء حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، والتي بدأت واخذت زخما كبيرا خلال العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، من الواضح انها لم تحقق الهدف منها، وبـأن زخمها او حتى فعاليتها قد وصلت الى الحد الادنى، وبأن الدعوات لمواصلتها اصبحت دعوات خجولة، ولا تجد من يصغي اليها او من هو على استعداد للالتزام بها او حتى للدفاع عنها!

وفي هذا الواقع، من المفترض بكافة الاطراف ذات العلاقة، والتي شاركت او دعمت او ساندت حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، والتي تختلف عن مقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية، سواء اكانت جهات رسمية او مؤسسات شعبية مختلفة، ان تبادر الى اجراء تقييم موضوعي لحملات المقاطعة، من خلال خبراء ومختصين وناشطين في مجال حماية وتوعية وارشاد المستهلك، وكذلك مختصون في عملية المتابعة والتقييم، وبالاعتماد على اسس موضوعية، بعيدا عن الانفعالية وردات الفعل السريعة، والقاء اللوم على هذا الطرف او ذاك، من هنا او هناك؟

وعملية التقييم وان تمت، من المفترض وفي اطار تقييم صفة ” الاستدامة” او تواصل الحملات، ان تبحث او تناقش كيفية ايجاد الاسس الكفيلة بتوفير البدائل للمنتجات الاسرائيلية، والتركيز على جودة المنتجات المحلية، ومراقبة الاسعار، واعطاء الافضلية للمنتج الوطني، واجراء الفحوصات المخبرية، والتركيز على مواصفات وطنية تحمي المنتج المحلي، وكذلك تفعيل التواصل مع المستهلك والتاجر والمسؤول فيما يتعلق بنوعية واهمية حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية.

وكذلك التقييم من اجل تحديد المعيقات والعقبات والسلبيات، وبالتالي سبر امكانيات الحلول او الاساليب من اجل التغلب على هذه المعيقات، ورسم البوصلة بالاتجاه الصحيح، ومن ثم رصد الطاقات والمصادر والجهد بناء على نتائج التقييم، وهذا بالضبط ينطبق على حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والوطنية، وحتى الابعاد الاخلاقية؟

وتقييم حملات المقاطعة، من المفترض ان يبحث عن الاسباب التي حالت دون بناء الثقة والتواصل مع المستهلك الفلسطيني، الذي كان وسوف يبقى هو الضمان الاهم لاستمرار ولنجاح حملات المقاطعة، حيث ان المستهلك هو اللبنة الاساسية من اجل ترسيخ ثقافة الابتعاد عن المنتجات الاسرائيلية، وكذلك لاكتشاف وللابلاغ عن المواد الفاسدة، او عن التلاعب بالاسعار، ولكن من الواضح ان غالبية المستهلكين الفلسطينيين لم تكن تعرف كيف والى اين تتجه في حال وجود استفسارات تتعلق بحملات المقاطعة.

ومن ضمن الاسئلة المفروض الاجابة عليها، او وضع تصورات بخصوصها، هو كيفية بناء او توطيد المرجعية او الاطار الضامن لمواصلة ولتوسع الحملات، حيث ان هذا الاطار كان من المفترض ان يعمل على ارضية الفوائد او الايجابيات التي يمكن ان تؤدي اليها مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، سواء على صعيد الفرد، اي المستهلك الفلسطيني، او على صعيد التاجر او القطاع الخاص او القطاع العام، او حتى على صعيد الاقتصاد بشكل عام، من انتاج وتشغيل وبطالة وتصدير وما الى ذلك؟

والتقييم يجب ان يركز على الدور الذي قام به القطاع العام، وماهية العقبات او القيود التي واجهته في القيام بهذا الدور، حيث ان هذا القطاع هو من ضمن القطاعات الحيوية لنجاح حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، الذي يساند او يدعم قرار المقاطعة، ومن ثم يوفر له الغطاء السياسي والقانوني والعملياتي، والذي يراقب ويفتش ويوفر الالية اللازمة للمتابعة، والذي يتأكد من الالتزام بالمواصفات والشروط، ولكن من الواضح ان هذا القطاع، ولاسباب متعددة لم يقم بالدور المنوط به على اكمل وجه؟

وهناك الدور الحيوي للقطاع الخاص، بكافة امتداداته، الذي يستورد ويوزع ويبيع المنتجات الاسرائيلية، سواء اكانت منتجات غذائية او ادوية او مواد بناء وانشاءات او حتى فيما يتعلق بالخدمات والتكنولوجيا وما الى ذلك، وهو كذلك الذي يعول عليه بأن ينتج او بأن يستطيع ان يوفر البدائل وبالجودة وبالامان اللازمين، في حال اختفاء المنتجات الاسرائيلية من الاسواق الفلسطينية، ولكن ومن خلال عملية تقييم سريعة، فإنة يبدو ان هذا القطاع لم يقتنع وبالتالي لم يمارس الدور الهام، الذي كان متوقع منه؟.

ومن ضمن الثغرات التي واجهتها حملات المقاطعة، امور تتعلق بالمنتج البديل، اي المنتج المحلي، سواء اكان من حيث الجودة او السلامة، او من حيث وجود مواصفات وطنية تلبي متطلبات وحاجات المستهلك الفلسطيني، وكذلك تحدد مقومات الجودة للمنتج، وتضمن بأن يتمتع بالسلامة والامان، سواء اكانت مواصفات لمكونات المنتج، او لالية انتاج المنتج، او لطريقة ايصاله بالجودة والسلامة الى المستهلك الفلسطيني، وتلك التي تصف الية الفحوصات وتوثيقها والية المتابعة والتفتيش والية او اجراءات الردع وتطبيق القوانين في حال عدم الالتزام، وما الى ذلك من تفاصيل

وهناك الاعلام الفلسطيني، المفترض ان يعمل على ايصال الرسالة اللازمة لاستمرار ولنجاح حملات المقاطعة، وكذلك من اجل ترسيخ ثقافة حماية المستهلك وفي بناء خطوط التواصل معه، وهذا يشمل الصحف المحلية والاذاعات والتلفزيون، ولكن من الواضح ان ذلك لم يكن بالمستوى المطلوب خلال حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية الحالية؟

ومن خلال تجربة حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية التي بدأت قبل عدة اشهر، ومن اجل نجاح تجارب مشابهة في المستقبل، من المفترض ان تشمل عملية التقييم الموضوعي، ايجاد الاسس الكفيلة من اجل توفير البدائل، والتركيز على جودة وسلامة المنتجات المحلية، واعطاء الافضلية من المستوى الرسمي للمنتج الوطني، واجراء الفحوصات المخبرية، واعتماد مواصفات وطنية تحمي المنتج المحلي، وكذلك تفعيل التواصل مع المستهلك والتاجر والمسؤول فيما يتعلق بأهمية وجدوى حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن