لماذا نلتزم بعادات سيئة على الرغم من معرفتنا أنها مضرة؟

لماذا نلتزم بعادات سيئة على الرغم من معرفتنا أنها مضرة؟

بالتأكيد يعرف جميع البشر أن التدخين وعدم ممارسة أي مجهود بدني والابتعاد عن تناول الطعام الصحي واستبداله بالمأكولات الضارة والوجبات السريعة والحصول على عدد ساعات قليل من النوم من أبرز العادات الحياتية الخاطئة والمضرة .

والحقيقة أن ما يشير الدهشة عن التفكير قليلاً في تلك العادات هو لماذا يقوم البشر بارتكاب واتباع تلك العادات بمحض إرادتهم في الكثير من الأحيان على الرغم من أنها مضرة بل ومميتة أيضاً وذلك وفقاً لدراسة قام بها علماء في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) عام 2000.

ووجد القائمين على الدراسة بأن العادات الضارة مثل سوء التغذية وعدم ممارسة الرياضة والتدخين وشرب الكحول من أبرز الأسباب الكامنة التي تقف وراء ما يقرب من نصف الوفيات في الولايات المتحدة .

حيث أظهرت الدراسة نتائج مفزعة على صعيد تأثير تلك العادات على معدلات الوفيات حيث تسبب التدخين بمختلف أنواعه على سبيل المثال بوفاة 435000 أي ما يعادل 18.1 ٪ من مجموع الوفيات الأمريكية .

و تسبب الكسل وعدم ممارسة التمارين الرياضية أو المجهود البدني إلى وفاة 400000 أميركي عام 2000 أي بمقدار 16.6٪ من إجمالي عدد الوفيات في نفس العام .

بينما قضت المشروبات الكحولية على 85000 أميركي وبنسبة 3.5% من الوفيات بين الأمريكيين.

– وبعد الدراسات والأبحاث التي أوضحت مدى الدمار الذي تسببه العادات الحياتية الخاطئة على حياة البشر يبقى السؤال دائماً هو لماذا يقوم البشر بالاستمرار في ارتكاب واتباع تلك العادات على الرغم من معرفتهم أنها ضارة بل وقاتلة أيضاً ؟!

1- السبب الأول : العادات السيئة تمنح الدماغ البشرية الشعور بالراحة !

بالفعل هذا الأمر صحيحاً فدماغ الإنسان هي المسؤولة عن اتجاهه دائماً نحو ارتكاب العادات الضارة لأن هذا الأمر يمنحها الراحة والاتزان .

ولنظرة أكثر عمقاً فإن كل إجراء أو فعل يقوم به الإنسان يكون له هدف أو مقصد يكف خلف قيام الإنسان به حتى وإن لم يدرك الإنسان نفسه ذلك وغالباً ما يكون هذا الغرض الخفي الذي لا تعرف ما الذي جعلك تقوم بأمر سيء مثل التدخين أو تناول الطعام الضار هو بحث الدماغ عن الشعور بالهدوء والراحة عبر إطلاق وإفراز كمية من هرمون السعادة -الدوبامين- وهو مادة كيميائية مسؤولة عن إحساس الإنسان بالسعادة ولهذا من غير الوارد أن يتوقف الإنسان عن فعل عادة حياتية مضرة تشعره بالراحة بسهولة .

ويقوم الإحساس أو الشعور الرائع الذي يسري بداخل الإنسان بعد إفراز الدماغ لهرمون الدوبامين عقب ارتكاب أي عادة مضرة يجعل مسألة التخلي عن القيام بتلك العادة الضارة بالنسبة للإنسان أمر في غاية الصعوبة لأن ارتكاب تلك العادة السيئة مهما كانت طبيعتها أصبحت مرتبطة بروابط خفية قوية بشعورك بالراحة والسعادة .

2- السبب الثاني : لما قد أتخلى عنها والجميع يقوم بها ؟!

بشكل طبيعي يميل البشر في معظم الأحيان إلى ربط سلوكهم الشخصي بسلوك الجماعة حتى وإن كانت تلك السلوكيات التي تتم ممارستها جماعياً ضارة وغير نافعة مثل تناول الوجبات السريعة أو التدخين وإهمال ممارسة التمارين الرياضية فبمنطق العقل البشري بأنه لا بأس به طالما يقوم بها الجميع .

وبجانب السلوكيات الجامعية تظهر أيضاً مشكلة بحث الدماغ عن المبررات والحجج التي تجوب فل عقل الإنسان عند مجرد التفكير في الإقلاع أو التوقف عن ممارسة العادات الضارة .

فسرد الكثير من المبررات مثل تدخين سيجارة أخرى لن يضر أو العديد من المسنين لا يزالون يدخنون وهم في صحة جيدة حتى الأن كفيل بجعل مقاومتك تنعدم وسلوكك يحيد مرة أخرى نحو ارتكاب الفعل السيء أو العادة الضارة التي كنت قد قررت التخلي عنها .

وبشكل عام يميل الدماغ البشري إلى البحث والعثور على أي مبررات أو حجج مقنعة لكي يجذبك مرة أخرى إلى العدول عن قرارك بالتوقف عن العادات السيئة والعودة إليها من جديد .

– ما هي عواقب الاستمرار في ارتكاب العادات الصحية الضارة ؟

بجانب أن البشر بالتأكيد يعرفون أن عدم النجاح في التوقف عن ارتكاب العادات المضرة له تأثيراته الصحية المدمرة مثل الإصابة بمرض السرطان عند التدخين أو الإصابة بالسمنة وأمراض القلب عند الاستمرار في تناول الوجبات السريعة ولكن هناك عواقب أخرى أكثر عمقاً للاستمرار في ارتكاب العادات السيئة .

1- زيادة المشاكل الجسدية مع التقدم في العمر

2- الاكتئاب والمشاكل النفسية

3- أوجاع الجسد والكسل والخمول الدائم

4- الأمراض الخطرة والمميتة مثل أنواع السرطان المختلفة

ولعل الخبث والإصابة التدريجية التي لا نشعر بها كبشر أسوأ النتائج الصحية المدمرة المصاحبة لارتكاب العادات الصحية والحياتية المضرة وعدم النجاح في الإقلاع عنها .

– كيف تتمتع بالحسم والإرادة وتمتنع بشكل نهائي على ارتكاب العادات الصحية السيئة ؟

على الرغم أنه من الصعب التوقف أو الإقلاع عن العادات الخاطئة والضارة المتأصلة في حياتنا اليومية بسبب عدة أمور أهمها التعرض للضغط اليومي والصعوبات في الحياة إلا أن الحل يكمن دائماً في عادة برمجة عقولنا عن طريق عدة أمور مثل :-

1- أولا: فكر بهدوء وعقلانية عن تلك العادة الضارة التي تقوم بها ونتائجها وما الأهداف أو المنافع التي تحصل عليها بعد ممارستها أو فعلها ولماذا أصبح ممارسة تلك العادة أولوية بالنسبة إليك .

2- ثانياً : يجب أن تكون صادق وحاسم مع نفسك بشأن الالتزام بقرار التوقف عن ممارسة العادة السيئة التي تقوم بها خصوصاً بعد أن أدركت المخاطر التي تترتب على ممارستها ومحاولة استبدالها بعادة صحية أو إيجابية أخرى .

فعلى سبيل المثال إذا كنت لا تستطيع مقاومة تناول الشوكولاتة يمكنك فإن الوقت قد حان لاستبدالها أو تقليل من الكميات المتناولة وإذا كنت تبرر عدم مقدرتك على الالتزام بالابتعاد عنها لأنك تحظى بوقت عصيب وضغط كبير وتشعر بأن عقلك بحاجة إلى إفراز هرمون الدوبامين “هرمون السعادة” فإن الركض أو ممارسة الرياضة سوف تؤمن لك حدوث ذلك دون الحاجة لارتكاب أي فعل مضر صحياً .

3- ثالثاً : الثبات فهو مفتاح النجاح دائماً في التخلص من أي عادة سيئة يقوم بها الإنسان مهما كانت فبالتأكيد سوف يكون الأمر صعباً في البداية دون شك ولكن بالقليل من الصبر والثبات سوف يتكيف الدماغ على التعديل الجديد ويبدأ في الشعور بأن الامتناع عن ارتكاب العادة السيئة أصبح أمر طبيعي .

ففي النهاية لأمر كله يتعلق بتعلم كيفية التكيف بتكييف نفسك مع طريقة الحياة الإيجابية جديدة واستبدال طريقة تفكيرك القديمة إلى أخرى أكثر صحة وسعادة تكسب عن طريقها صحتك وسعادتك

وبالتأكيد يجب أن تدلل نفسك وتكافئها بعد النجاح في التخلص من العادات السيئة واستبدالها بعادات أخرى إيجابية سواء بالسفر أو بشراء أمر ما كنت بحاجة إليه.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن