ما أبرز تداعيات الضربة الأمريكية لسوريا؟

ترامب وبوتين

بعث قرار الرئيس دونالد ترامب بتوجيه ضربة إلى سوريا رسالة قوية حول العالم، يمكن أن تقرأ بطرق مختلفة جداً في كل من: موسكو وطهران وبيونغ يانغ وبكين.

إشعار لبوتين

بالنسبة لروسيا، فقد فندت الضربة أخيراً التوقعات التي برزت في حملة العام 2016 بأن ترامب سيتوصل إلى إقامة علاقات أوثق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حليف الرئيس السوري بشار الأسد.

ومن بين أبرز تبعات الضربة الأمريكية الأخيرة، “إشعار” بوتين بأن الولايات المتحدة لن تتقبل علاقاته الوثيقة مع الأسد أكثر مما هي عليه.

وفي إشارة إلى مدى ضعف الثقة بين الولايات المتحدة وروسيا، قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون إن بلاده لم تتشاور مع موسكو قبل اتخاذ قرار الضربات، بل بدلاً من ذلك، استخدمت قناة عسكرية لإبلاغ روسيا أن هناك هجوماً قريباً.

وقال تيليرسون للصحفيين ليلة الخميس في ولاية فلوريدا: “لم تكن هناك مناقشات أو اتصالات سابقة مع موسكو، ولم يجر أي منها منذ الهجوم”.

تيليرسون، الذي كان من المقرر أن يجتمع مع بوتين في موسكو الأسبوع المقبل، لم يترك أي مجال للشك حول رؤية الإدارة الأمريكية لعلاقة الرئيس الروسي مع الرئيس الأسد. وقال إن روسيا تتحمل بعض المسؤولية عن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، ووصف موسكو أنها إما “متواطئة” أو”غير كفؤة”.

سوريا

تمثل الضربة أقوى تحرك أمريكي مباشر في سوريا حتى الآن لكن محللين سياسيين عربًا أبدوا تشككا في أنها ستحدث تغيرًا كبيرًا في اتجاه الصراع في سوريا أو في الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي له.

وقال عبد العزيز الصقر، وهو أكاديمي سعودي ورئيس مركز الخليج للأبحاث: “هذا النوع من الضربات لن يسقط النظام السوري.

“لكن الضربات تظهر توجهًا جديدًا من الإدارة الأمريكية في المنطقة وهو أنها ستأخذ بزمام المبادرة بمفردها إذا لزم الأمر.”

إيران

تبدو الضربة أيضًا في طهران رسالة جديدة من أمريكا بضرورة تفادي استفزاز الإدارة الجديدة، والتفكير مرتين بشأن مواصلة أعمالها العدائية.

كوريا الشمالية

وإلى جانب الرسالة العلنية لروسيا ، يكمن هناك أيضًا تحذير ضمني إلى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بأن الولايات المتحدة كانت تراقب عن كثب متابعة برنامجه لأنظمة الصواريخ النووية.

وأنها كما قال ترامب في مقابلة نشرتها صحيفة “فاينانشيال تايمز” يوم 2 أبريل/ نيسان ، ستقوم بالتصرف من تلقاء نفسها لوقف كوريا الشمالية من تطوير سلاح نووي، إذا كانت الصين لا تستطيع أن تفعل ذلك.

فبعد عقدين من الفشل في كبح جماح برنامج أسلحة بيونغ يانغ، تشعر الولايات المتحدة أن نظام كيم جونغ أون يحاول بناء صاروخ يمكنه حمل سلاح نووي إلى أمريكا الشمالية.

ومؤخرًا أطلق كيم جونغ أون عشرات الصواريخ وأجرى ثلاث تجارب نووية منذ مجيئه إلى السلطة بعد وفاة والده العام 2011، وفي كانون الثاني/يناير، ادعى كيم جونغ أون أنه في المراحل النهائية من التحضير لتجربة إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات.

من جانبها دعمت الصين كوريا الشمالية منذ الحرب التي اشتعلت في شبه الجزيرة الكورية إبان الخمسينيات، في محاولة منها لمنع وجود حليف للولايات المتحدة على حدودها، بينما ساهم القادة في بكين بفرض بعض العقوبات التوافقية دولياً على كوريا الشمالية، والمدعومة من الأمم المتحدة، بعد سلسلة من التجارب النووية والصواريخ الباليستية، وتمثل الصين أكثر من 90% من إجمالي تجارتها.

النهج الجديد

إن هجمات ترامب على سوريا ليست وسيلة خفية جداً لتقول لبكين إنه يجب اعتماد نهج جديد تجاه نظام كيم جونغ أون.

حيث يقول مدير مركز “دراسات آسيا والمحيط الهادئ” في جامعة لينغنان في هونغ كونغ تشانغ باو: “إن كثيرًا من المفكرين الاستراتيجيين الصينيين يعتقدون أن الولايات المتحدة قد تبدأ بهجوم وقائي ضد المنشآت النووية في كوريا الشمالية، لهذا فإنه من المحتمل أن تشجع هذه الضربات الرئيس الصيني على القيام بالمزيد لمساعدة الولايات المتحدة بشأن هذه المسألة”، مضيفاً: “بينما تميل الصين إلى الاعتقاد أن الحرب أمر ممكن في شبه الجزيرة الكورية، وهو شيء ترغب بتجنبه بأي ثمن”.

وكان من المفترض أن تكون زيارة الرئيس الصيني لترامب في فلوريدا، فرصة للزعيمين لبناء علاقة جيدة والعمل من خلال القضايا الصعبة، لا سيما التجارية، ولكن بدلاً من ذلك، تعطل أول اجتماع لهم وطغت عليه هجمات سوريا.

بعد العشاء

تم إطلاق صواريخ كروز بعد دقائق من انتهاء الرئيس الصيني من العشاء في منتجع ترامب في “مار لاغو”، بينما كان كلا القائدين يتطلعان للمضي قدمًا بأجندة الجمعة المليئة بالمناقشات، ولم يكن مجرد توقيت الهجوم هو الذي وضع الرئيس الصيني في موقف محرج.

ويقول المدير السابق للقضايا الآسيوية في “مجلس الأمن القومي” للرئيس جورج دبليو بوش دينيس وايلدر: “إن الصين لن تكون سعيدة بهذا التطور بأن تقوم أمريكا باتخاذ إجراء عسكري أحادي الجانب ضد أي بلد في اللحظة التي يتناول الرئيس الصيني فيها طعام العشاء الذي قد يظهر أن هناك موافقة صينية، على نحو ما، على هذا الإجراء”.

وأضاف أن الصين -إلى حد كبير- ضد فكرة الإطاحة بالرئيس الأسد ولا تريد أن تبدو متواطئة في هذا الأمر.

وقال وايلدر: عموماً، أنا اعتقد أن الرئيس الصيني سيبذل جهده لتجاهل هذا الأمر، وسيستمر بالتصرف كما لو أن شيئاً لم يحدث وسيظهر للعموم أنه يريد الخروج من هذا”. وأضاف: “إن الصينيين سيقومون بالتعبير عن بعض غضبهم سراً إلى الولايات المتحدة.

المصدر: إرم نيوز

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن