ما هي انعكاسات التشكيل الجديد لحكومة الإحتلال ؟

ما هي انعكاسات التشكيل الجديد لحكومة الإحتلال؟

رام الله / الوطن اليوم

نجح نتنياهو في تشكيل حكومته اليمينيّة في الوقت القاتل. أحد أبرز الأسباب التي دفعت لإجراء الانتخابات الإسرائيليّة العامة الأخيرة، بعد عامين من الانتخابات التي سبقتها، يكمن في نتائج انتخابات 2013، فعند انتهائها أراد بنيامين نتنياهو أن يشكل ائتلافاً مع من أسماهم “شركائه الطبيعيين” والذين بلغ عددهم 61 عضو كنيست، إضافة إلى حزب آخر، لكن وكنتيجة للتحالف الخاص غير المألوف بين حزبي “البيت اليهودي” و”يوجد مستقبل” فُرضت على نتنياهو حكومة كان تكوينها مختلفاً ومؤلفة من أحزاب “يوجد مستقبل” و”البيت اليهودي” و”الحركة” من دون أحزاب متدينة، و لهذا السبب عانت حكومته من عقبات كبيرة.

لذا فقد تأكّد إصرار نتنياهو على أن تشكيل حكومة يمينية، هو استخلاص للعبر من حكومته السابقة، خاصّة بعد ما قدّمه من تنازلات لشركاء ائتلاف حكومته الرابعة، والتي حقّقت مطالبهم كافة من ناحيتي الميزانيات و”القضايا المبدئية”.

في حواره مع “بوابة الهدف”يحلل  أنطوان شلحت،  مآلات تشكيل حكومة يمينيّة ضيّقة، و يُجيب عن مصير هذه الحكومة ومدى متانتها، و أبرز ما قد يتغيّر ضمن سياساتها العامة والداخلية تجاه الفلسطينيين، إضافة إلى قراءة في المتغيّرات الإسرائيلية التي أدّت إلى تشكيل حكومة يمينيّة متطرّفة.

يرى شلحت أن هناك من يعتقد أن الحكومة الجديدة لن تكون مستقرة، لكن هذا الاعتقاد سابق لأوانه. لأنها تستند إلى إجماع بين مركباتها على السياسة الإسرائيلية العامة سواء الخارجية أو الداخلية مما يوفر لها أسبابا ضرورية للاستقرار.

اما انعكاسات تشكيل الحكومة على الواقع الفلسطيني فيتوقع  أن تصعّد الحكومة الجديدة من ممارسات الاستيطان والاحتلال، ومن نهجها القائم على إدارة الصراع وليس على حله. هادفة إلى إبقاء تسوية القضية الفلسطينية معلقة حتى إشعار آخر.  وهو نهج يجاهر به منذ تفجر أحداث “الربيع العربي” سنة 2011 بحجة أن منطقة الشرق الأوسط تتغير، وأن لا مصلحة لإسرائيل بتغيير الوضع القائم لكون الظروف الإقليمية لا تسمح بذلك.

و يعتقد أنّ تأثير  سياسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة تجاه فلسطينيي 48، ستكون أكثر عدائية، خاصة بعد الدور الذي أداه الفلسطينيون في الانتخابات الأخيرة من خلال المشاركة فيها بقائمة مشتركة، الأمر الذي فتح شهية اليمين للتضييق ولمزيد من إجراءات الخنق، وهو ما لمسناه في الآونة الأخيرة عبر تصعيد سياسة هدم البيوت وتصريحات المسؤولين بأن هذه السياسة ستستمر ولن تتغير.

ويرى ان  فلسطينيي 48 سيواجهون المزيد من انتهاكات حقوقهم المدنية وذلك من خلال مشاريع القوانين التي تنوي الحكومة الجديدة سنها، وفي مركزها تقييد حرية عمل المحكمة العليا رغم أنها ليست محكمة منصفة، لكن حتى هذا الهامش الضيق تحاول الحكومة اليمينية وأحزابها المختلفة القضاء عليه.

وحول سبل مواجهة الحكومة الجديدة بين فلسطينيي 48 يرى شلحت بأن ليس كل الكرات المتعلقة بهذه الموضوعات موجودة في الملعب الإسرائيلي، بل هناك الكثير من الكرات في ملعب الفلسطينيين. ولذلك فأمام الفلسطينيين مهمات تتعلق بفهم  أنماط العمل السياسي المطلوب لمواجهة هذه الحكومة وتصعيداتها المرتقبة ولا سيما أن الانتخابات الأخيرة أفرزت حالة غير مسبوقة من وحدة العمل والهدف.

وحول الانزياحات اليمينية للمجتمع الاسرائيلي يقول شلحت: “يرتبط هذا الأمر بشكل بنيوي مع السياق التاريخي الاستعماري لمجتمع المهاجرين الخاص بإسرائيل ومع الصراعات الداخلية  لهذا المجتمع المتنافر، في ظل استمرار الصراع مع سكان البلاد الأصليين”.

و تظهر الأبحاث المتعدّدة أفولاً مستمراً لقوة التيارات الصهيونية العلمانية الأشكنازية “الاشتراكية” التي قادت تاريخياً المرحلة الأولى للدولة وحكمت إسرائيل حتى العام 1977، والسبب هو تحولات ديمغرافية واجتماعية عميقة حولت إسرائيل بالتدريج إلى مجتمع مهاجرين أكثر تديناً ويمينية.

وتشير الإحصائيات مثلاً إلى أن نحو 10 بالمئة من السكان في إسرائيل من الحريديم، و40 بالمئة من المتدينين غير الحريديم والمحافظين دينياً، في مقابل نسبة أقل من الثلث من العلمانيين، وهذه الأخيرة يتوقع لها أن تنخفض أكثر في العقود المقبلة.

وأضاف:  مرّت إسرائيل منذ إقامتها بثلاث مراحل أساسية متشابكة ومرتبطة بنيوياً بالتغيرات الاجتماعية، بدأت أولاها بتأسيس التيار الاشتراكي العلماني الأشكنازي للصهيونية، منذ 1948 وحتى 1977، ومن ثمّ المرحلة الثانية وهي انقسام المشهد السياسي الحزبي إلى معسكريّ اليمين “الليكود، واليسار “العمل”،  وبدأت مع فوز الليكود عام 1977، واعتبرت هذه الفترة مرحلة صعود قوة “إسرائيل الثانية”، وتميزت بانزياح الشرقيين نحو اليمين الليكودي كنوع من الاحتجاج على سياسات حزب العمل، و بعدعا استمرّ الصراع بين حزبي الليكود والعمل حتى عام 1999، حيث بدأت المرحلة الثالثة، الجديدة بتشرذم قوة الحزبين، وتحولهما إلى أحزاب بقوة متوسطة بموازاة صعود قوى حزبية فئوية جديدة.

ويتوقع أن تتجه وجهة التأثير نحو مواقف أكثر يمينية، فالدين وارتفاع مستوى التديّن وشيوع بعض أنماطه المتشددة ينبئ بمزيد من التوجّه نحو اليمين في المواقف السياسية وفي تداخل الدين والدولة، وفي إخضاع السياسة لاعتبارات الخلاص المسيحانية التي تحكم العقل السياسيّ للمتدينين الوطنيين الذين يزدادون قوة على الساحة السياسيّة وفي صفوف الجيش. ومن الطبيعي أن تكون لهذا كله نتائج في ما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية، والعلاقة مع العرب في إسرائيل، والعلاقة بين المتدينين والعلمانيين داخل إسرائيل.

وخلص شلحت الى أنه من المعروف أن الجانب الاجتماعي يطغى على أجندات الوسط- اليسار، والأمني يطغى على أجندة اليمين في مقابل غياب موضوع الاحتلال، ويأتي ذلك في ظل استقرار الوضع الأمني وعدم وجود تحديات أمنية مباشرة، سواء إقليمية مع انهيار جيوش دول الطوق أو انشغالها بأمورها الأمنية الخاصة، أو محلية في ظل الهدوء المستتب في الضفة والأهم في ظل صياغة أي مواجهة مع الفلسطينيين بلغة الأمن ونزعها عن سياق الاحتلال بل واعتبارها دليلاً على عدم إمكان الحل مع الجانب الفلسطيني كما حدث بالضبط في الحرب الأخيرة على غزة التي جاءت على خلفية انسداد الأفق السياسي ومحاولات إسرائيل تثبيت مفهوم إدارة الصراع لا حله.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن