ما هي خيارات الفلسطينيين القانونية لمواجهة قرار ترامب بشأن القدس؟

دونالد ترامب

يرى خبراء بالقانون الدولي والسياسة، ان امام السلطة الفلسطينية عدة مسارات وخيارات قانونية بشأن القرار الاميركي المتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيلي، تتيح لها النظر في هذا القرار سواء عبر التوجه للقضاء الامريكي او للمنظمات الدولية، ولكن ذلك يتطلب إرادة سياسية قادرة على تحمل تبعات اي من هذه التوجهات.

وقال الخبير في القانون الدولي، الدكتور ياسر العموري، ان “اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بالقدس عاصمة لاسرائيل وما تبعه من قرار نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، يشكل انتهاكا لقواعد القانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر القدس جزءا من الاراضي المحتلة، بالتالي ينطبق عليها القانون الدولي الانساني واتفاقات جنيف وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1449 التي تحرم ممارسة دولة الاحتلال لاي مظهر من مظاهر السيادة على الاقليم الخاضع للاحتلال، وعليه فان الخطوة الامريكية تعتبرها شريكا لاسرائيل في انتهاك جسيم يرقى الى مصاف الانتهاكات التي تستتبع تحقيق المساءلة الدولية عن ذلك”.

واضاف “استنادا الى ذلك، فان الولايات المتحدة تعتبر في هذه الخطوة شريكة لدولة الاحتلال في هذا الانتهاك، وهذا يحملها المسؤولية الدولية مع دولة الاحتلال، لانها تعمل ليس فقط على تشجيع اسرائيل على انتهاك القانون الدولي والقانون الدولي الانساني وانما تعمل على مساعدتها كشريك في هذه الانتهاكات، وهذا يستتبع القول بامكانية وضرورة الضغط على امريكا من خلال ملاحقاتها في المنظمة الدولية وتحمليها المسؤولية الدولية عن هذه الشراكة الجرمية ما بينها وبين دولة الاحتلال”.

وبين انه “يمكن تحقيق ذلك، من خلال التوجه الى الامم المتحدة باجهزتها المختلفة من أجل استصدار قرارات تجبر الولايات المتحدة الامريكية على التراجع عن هذه الخطوة وتحملها المسؤولية الدولية عن الشراكة في هذه الانتهاكات للقانون الدولي الانساني، ويتحقق هذا من خلال ضرورة التوجه الى الاجهزة الرئيسية في الامم المتحدة، ومنها الجمعية العامة ومجلس الامن ومجلس حقوق الانسان في جنيف، لا سيما وان هذا القرار يتنافى مع قرارات الامم المتحدة، حيث ان قرار رقم 478 الصادر عن مجلس الامن عام 1980 لا يعترف بالقانون الاسرائيلي الذي تحدث عن توحيد وضم القدس واعتبرها عاصمة موحدة لاسرائيل، ودعا هذا القرار الدول الى عدم نقل سفارتها الى القدس باعتبارها اراض محتلة”.

وقال “يضاف الى ذلك القرار رقم 2334 الصادر عن مجلس الامن الدولي في 23 ديسمبر 2016 والذي تحدث عن الخطوات الاسرائيلية الخاصة بالاستيطان بما فيها القدس باعتبارها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الانساني، وطالب اسرائيل بضرورة وقف هذه الانتهاكات وحملها المسؤولية الدولية، واعتبر القدس جزءا من الارض المحتلة. ومعنى ذلك ان القرارات التي صدرت عن الامم المتحدة بما فيها مجلس الامن تشكل بمجموعها موقف القانون الدولي والشرعية الدولية، وفي خطواها هذه فان امريكا تنتهك هذه القرارات، وهي احد الاعضاء الخمس الدائمين في مجلس الامن، وبالتالي لا يجوز لها ان تخالف وتنتهك هذه القرارات، وهذا يستدعي طلب قرار من مجلس الامن بتحميل امريكا المسؤولية الدولية عن هذه الانتهاكات وعن هذه القرارات، اضافة الى ضرورة مساءلة امريكا في مجلس حقوق الانسان الذي يعتبر ان هذه الانتهاكات يجب ان تتوقف وتتحمل الدولة المنتهكة المسؤولية الدولية عنها”.

واوضح انه “يمكن كذلك دعوة الاطراف السامية المتعاقدة باتفاقيات جنيف للانعقاد في مؤتمر لبحث الموقف الامريكي الذي يشكل انتهاكا لاتفاقية جنيف، لا سيما المادة الاولى المشتركة من اتفاقية جنيف، التي تحدد بان مسؤولية تطبيق هذه الاتفاقيات هي مسؤولية مشتركة لاعضاء المجتمع الدولي والاطراف السامية المتعاقدة في هذه الاتفاقية، واسرائيل وامريكا اطراف باتفاقية جنيف وبالتالي يمكن من خلال المؤتمر مسائلتهما قانونيا”.

واشار الى ان “المساءلة متاحة، ولكن ذلك بحاجة لخطة متكاملة، حيث لا توجد خطوة سحرية يمكن اتبعاها في هذه المرحلة، بحيث يمكن تفعيل مجموعة من الادولات القانونية المتاحة، وجميع الخطوات التي ذكرت بذات الاهمية، لذلك يجب عدم الانتقاء بين هذه الخطوات كي يتسنى لنا ملاحقة اسرائيل وامريكا على هذا الانتهاكات، واتباع وتوظيف الادوات التي تتكامل في هذه المساءلة بهذا الشأن”.

ويرى العموري، انه “في حال امتلكنا الارادة السياسية والخطة القانونية المتكاملة فمن المؤكد ان تشكل هذه الخطوات عملية ضاغطة وملاحقة للانتهاكات” مشيرا الى ان القانون والادوات القانونية “أدوات ملاحقة بطيئة، لذلك يجب ان لا يقتصر التحرك على المواجهة القانونية، وانما يجب ان تكون هناك عدة خيارات اخرى، على القيادة السياسية اتباعها، عبر تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والدولية حتى يمكن تحقيق نتائج ايجابية ووقف هذا القرار ومساءلة اسرائيل والولايات المتحدة عن انتهاكاتهما”.

من جانبه يرى الخبير في القانون الدولي والقانون الامريكي، الدكتور سعيد ابو فار، ان القرار الذي صدر عن رئيس الولايات المتحدة، “يخالف الدستور الامريكي وفق المادة 6 من الفقرة الثانية التي تعتبر قرارات المعاهدات الدولية جزءا لا يتجزء من القانون الامريكي، لذلك فانه يمكن للقيادة الفلسطينية ان تتحرك برفع دعوى أمام القضاء الوطني الامريكي (محكمة العدل الامريكية) باعتبار ان القرار صادر عن رئيس الدولة، لانتزاع قرار بان هذا الفعل مخالف للقانون الامريكي”.

وقال “هناك وسائل اخرى عبر التوجه الى المنظمات الدولية المعنية وعلى رأسها الجمعية العامة، ومجلس الامن، حيث ان مجموعة الدول العربية ان استطاعت تحريك هذه المسألة وانتزاع قرار من مجلس الامن استنادا للفصل السابع الملزم، فان ذلك سيكون رادعا، ولكن من المرجح ان تستخدم الولايات المتحدة حق النقض /الفيتو/ في مثل هذه الحالة وتعطل صدور اي قرار، ولكن يمكن ايضا التوجه الى محكمة العدل الدولية من خلال مجموعة الدول العربية الاعضاء بالمحكمة (فلسطين دولة غير عضو في المحكمة) للمطالبة بقرار عرض هذه المسألة على المحكمة كما حصل في قضية الجدار، واحراج امريكا سياسيا”.

وفي السياق، قال المحلل السياسي، عماد غياظة، ان السلطة الفلسطينية لا يوجد امامها خيارات اخرى لملاحقة الولايات المتحدة على اعترافها بالقدس عاصمة دولة اسرائيل سوى الملاحقة القانونية داخل المنظمات والهيئات الدولية بعد ان تبنت استراتجية الدبلوماسية الناعمة، مضيفا لديها الرغبة بالملاحقة القانونية والدبلوماسية للولايات المتحدة لكن الامكانيات والرغبات مرتبطة بالعوامل الجانبية والضغوطات المختلفة سواء من الاقليم العربي او الاوروبي او امريكا نفسها.

واوضح نلاحظ من خلال التصريحات المسؤليين الفلسطينيين ان القيادة تضغط نحو هذا الاتجاه لوجود اعتبارات داخلية وخارجية، لكن يبقى الاختبار الحقيقي مدى امكانية توجه القيادة الفلسطينية الى الهيئات الدولية بالموقف الملعلن حول رفض استقبال نائب الرئيس الامريكي الاسبوع المقبل.

ويرى ان “التجربة تشير الى ان القيادة الفلسطينية غير مستعدة لتبعات مثل هذا التوجه، حيث انها وعلى مدار اكثر من 20 سنة لم تضع (القيادة الفلسطينية) خطة بديلة لتهيئة الشارع في حال فشلت جهود عملية السلام، غير ان الشعب اثبت قدرته على التحمل تبيعات كبيرة من حرب الخليج والانتفاضة الاولى والثانية”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن