متى ستشتعل “جبهة غزة”

قلل “يوسي ميلمان” محلل الشئون العسكرية بصحيفة “معاريف” من أن الصورة المتشائمة التي رسمها وزراء وأعضاء كنيست وسفراء إسرائيليين وزعماء يهود بالولايات المتحدة خلال مؤتمر صحيفة “جروزاليم بوست” الذي عقد مؤخرا في نيويورك حول التهديدات التي تواجه إسرائيل لا تعكس الواقع بالمرة.

واستعرض ما وصفه بالأوضاع الهادئة على معظم الحدود الإسرائيلية سواء مع مصر أو لبنان وكذلك هضبة الجولان السورية، وصولاً للحدود الشرقية لفلسطين المحتلة مع الأردن.

وأوضح “ميلمان”:على الحدود الجنوبية مع سيناء، فإن العلاقات الأمنية بين إسرائيل ومصر لم تكن أبدًا في حال أفضل. على قاعدة العلاقة مع مصر في عهد السيسي تقف مصالح متطابقة، في مقدمتها الحرب الضارية على “ولاية سيناء” الذي بايع داعش قبل عامين”.

ورأى أنَّ هناك مصلحة مشتركة أخرى تتمثل في إضعاف حركة حماس في غزة بشكل عام وجناحها العسكري “عز الدين القسام” بشكل خاص، الذي قال إن نظام السيسي غاضب لتعاونه مع داعش، مضيفا يتجلى هذا التعاون في مساعدة “ولاية سيناء” في تهريب السلاح لغزة، والحصول في المقابل على المال، والتدريب وتقديم العلاج للمصابين في مستشفيات القطاع.

محلل “معاريف” اعتبر أنَّ حماس حريصة على إعادة بناء قوتها العسكرية، ورغم صعوبة حصولها على الأسمنت ومواد البناء، فإنها تواصل حفر الأنفاق، ومحاولة تهريب الأسلحة من ليبيا والسودان وتطوير صناعاتها المحلية للسلاح، استعدادًا لجولة جديدة من المواجهة العسكرية مع إسرائيل.

ورغم استعداد الجيش الإسرائيلي لتلك المواجهة، بمصطلحات مثل “الردع” في الميدان، شكك “ميلمان” من إمكانية احتلال غزة وإسقاط نظام حماس حال اندلاع الحرب، رغم تولي اليميني المتشدد “أفيغدور ليبرمان” زعيم حزب “يسرائيل بيتينو” حقيبة الجيش في حكومة بنيامين نتنياهو.

لكن حماس وفقا للتقديرات العسكرية الإسرائيلية ليست معنية بخوض جولة جديدة من المواجهة، وهو ما جهر به قادة الحركة، الأمر الذي يعزز من فرصة استمرار الهدوء على الجبهة الجنوبية لإسرائيل لسنوات طويلة أخرى، وهو الأمر المرهون أيضا بمدى المرونة التي ستبديها تل أبيب حيال إزالة الحصار عن القطاع، وبذل الجهود لتحسين الأوضاع المعيشية غير المحتملة للقطاع، وتوفير مياه صالحة للشرب، وعلاج الانقطاع المستمر للكهرباء، والبطالة التي تصل نسبتها لـ60%.

وانتقل “ميلمان” لتحليل الأوضاع على الحدود اللبنانية ، مع اقتراب مرور 10 سنوات على حرب لبنان الثانية، التي لا تزال محفورة بشدة في وعي حزب الله، الذي بات غير معني هو الآخر بمواجهة جديدة مع إسرائيل. لكنّه أشار في ذات الوقت إلى أن الميليشيا الشيعية لا تزال تمثل الخطر الأكبر على دولة الاحتلال.

واستعرض تطوير حزب الله قدراته وصواريخه خلال السنوات الماضية، والخبرة التي حصل عليها من مشاركته في الحرب السورية، رغم الخسائر الفادحة التي مني بها هناك.

وخلص بالقول:” احتمالات اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله ليست كبيرة. بالطبع طالما استمرت الحرب في سوريا، واستمرت التضحية بحزب الله من قبل راعيه الإيراني للدفاع على ما تبقى من نظام الأسد”.

وليس بعيدا من هناك، يسود الهدوء أيضا هضبة الجولان، وذلك رغم انتشار عناصر من جبهة النصرة الموالية للقاعدة هناك، على الخط الحدودي أو على بعد كيلومترات معدودة منه، وكذلك عناصر تابعة لتنظيم داعش، ممثلة في “شهداء اليرموك”.

وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أن هذه التنظيمات تعلمت “التعايش مع الجار الإسرائيلي، ليس لأنها غيرت عقيدتها الدينية المتشددة، أو قللت من كراهيتها لإسرائيل واليهود. فمثل حزب الله، كذلك التنظيمات الإرهابية الجهادية في سوريا تخشى قوة الجيش الإسرائيلي، وتتخوف من الرد الإسرائيلي القاسي إذا ما تجرأوا على العمل ضدها في الجولان. كذلك بالطبع لديهم أعداء أكثر أهمية، في هذه المرحلة من إسرائيل”.

على الحدود الأردنية، فإن العلاقات بين تل أبيب وعمان جيدة كالعادة، كما يصفها “ميلمان”، رغم قلق بعض العناصر الإسرائيلية من مصير المملكة الهاشمية.

وتابع :”حتى الآن، بدا أن الملك عبد الله يحقق نجاحا ليس بالسيئ في ترسيخ مكانته رغم أزمات مملكته، وبينها العبء الاقتصادي على خلفية استيعابها أكثر من نصف مليون لاجئ سوري. الأجهزة الأمنية والجيش السوري يعملون جيدا، يحافظون على حدود المملكة، ويحبطون الكثير من المخططات الهجومية من قبل داعش. التعاون العسكري لحماية الحدود المشتركة، الذي دائما ما كان وطيدا، يستمر كعادته ويساهم في الاستقرار”.

وخلص “ميلمان” إلى أنه وبعيدا عن الهدوء على الحدود الإسرائيلية، فإنَّ الحقيقة البارزة التي تشكل الوضع الاستراتيجي هي أن إسرائيل لا تواجه أي تهديد من جيوش دول عربية، بسبب معاهدات السلام مع مصر والأردن، ولأن جيوشا كانت قوية في الماضي، في سوريا والعراق وليبيا، شاركت وحدات منها في حروب ضد إسرائيل أو ساهمت بالسلاح، قد انهارت أو ضعفت، أو تنشغل بمهام أكثر إلحاحا”.

وقال :”عمليا، ليست هناك الآن قوة عسكرية منظمة وقوية تهدد أو تشكل تحديا لإسرائيل. ينطبق هذا أيضا على إيران، التي لا تزال تشكل القوة الوحيدة بالشرق الأوسط القادرة على تهديد إسرائيل”.

فإيران التي وقعت اتفاقا نوويا مع الولايات المتحدة والقوى الغربية تتأخر بموجبه عن حيازة سلاح نووي لعدة سنوات أخرى، منشغلة أكثر من مواجهة إسرائيل برغبتها في تحسين الاقتصاد، كذلك فهي متورطة في حروب متواصلة بسوريا واليمن.

في المقابل- والحديث لـ”يوسي ميلمان”- “يوطد أعداء إيران السنة علاقتهم مع إسرائيل ويعتبرونها عائقا أمام الطموحات التوسعية للشيعة”، مدللا على ذلك بالحديث عن علاقات تجارية واقتصادية بين رجال أعمال إسرائيليين بينهم قادة سابقون في أجهزة الأمن، مع الإمارات العربية المتحدة.

وختم بالقول:”كل هذه الأحداث والتطورات تنضم لصورة واسعة، تتضح منها صورة واضحة: إسرائيل التي يعزى إليها الاحتكار النووي، والاستخبارات الأكثر جودة وسلاح الطيران الأقوى في المنطقة وخارجها أيضا، هي أكبر وأقوى قوة عسكرية وتكنولوجية بالشرق الأوسط”.وكالات

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن