محمد خير الجراح / “أبو بدر” عكيد باب الحارة!

محمد خير الجراح /

هو «أبو بدر»… من أهم الشخصيات في سلسلة «باب الحارة» الشهيرة عربياً، بحيث أُثبت وجوده في العمل منذ بداياته وحتى اليوم، ليكون شريكاً أساسياً فيه. ولكونه وفياً للعمل، تطورت شخصيته ليصبح أحد أبطال العمل، الذي يرى فيه سراً لم يتمكن أحد من اكتشافه.

لم تقتصر نجوميته على الأعمال الكوميدية، بل استطاع أن يثبت نفسه في الأعمال التراجيدية… وكل شخصية يقدمها يميزها بصوت خاص، وهي ملَكة يتمتع بها، إضافة إلى اللازمات التي يرددها الناس كلما رأوه…. إنه الفنان محمد خير الجراح الذي خصّنا بهذا الحوار.

– تباشرون تصوير «باب الحارة» في جزئه التاسع، حدّثنا عن التطورات التي ستطرأ على شخصيتك في هذا العمل؟

حتى الآن ما من نص معدّ للقراءة، فالنص يقرأه المخرج وإدارة العمل، لكن لدي بعض المعطيات التي أطلعني عليها كاتب المسلسل سليمان عبدالعزيز، وهي بمثابة اقتراحات، وسيشهد العمل أحداثاً مدهشة، وتطورات دراماتيكية غير متوقعة في شخصية «أبو بدر» لن أفصح عنها حالياً.

– لن تفصح عن التفاصيل… لكن اكشف لنا عن طبيعة الشخصيات في الجزء الجديد؟

ستصبح شخصيتا «فوزية» و«أبو بدر» من الشخصيات المؤثرة والفاعلة في الحارة. مثلاً، تخيل أن يصبح «أبو بدر» عكيداً، خاصة أنه بات ثرياً، والمال يصنع المعجزات. أما بالنسبة الى «فوزية» فيبدو أن قدري أن أبقى معها. هذا فضلاً عن التطورات في المرحلة التاريخية، إذ تدخل السينما الى الجزء الثامن، وسنرى إذا ذهب «أبو بدر» إلى السينما كيف سيتصرف.

– بعد تسعة أجزاء من مشاركتك في العمل، هل يمكن أن تتدخل في طبيعة دورك وتغير من ملامحه، أم أنك تجسد الشخصية كما كُتبت لك؟

لدي بعض التحفظات على الكثير من الشخصيات التي قُدمت في «باب الحارة»، والتي بدّلت هوية الشخصيات لتصبح تائهة بالنسبة الى الجمهور، بحيث يتساءل: هل هذه الشخصية سيئة أم جيدة، كوميدية أم جدية؟ أنا أؤمن بخصوصية الشخصيات التي بُني العمل على أساسها منذ الجزء الأول، وأن تستمر بظرف جديد وشرط جديد، فلا يُعقل أن نغير في تلك الشخصيات، وخاصة في الأعمال النمطية كـ«باب الحارة»، لئلا يصبح هناك تناقض في بنية العمل.

للأسف، في «باب الحارة» لا يستطيع المخرج أن يتدخل في أداء بعض الممثلين، والمتابع الجيد يستطيع أن يكتشف ذلك، وهذا لا يقتصر على «باب الحارة»، فهناك الكثير من الأعمال التي يتحكم فيها ممثلون لا يقبلون أن يملي المخرج عليهم توجيهاته، بل يتصرفون على هواهم، وهذه مصيبة بحد ذاتها.

فالمخرج عادةً يوافق على نص ثم يختار الممثلين، لكن يحدث في بعض الأعمال أن يتم تكليف المخرج بعمل جاهز، فينتقل من عمل الإخراج إلى منفذ للعمل، ومن يقرأ كلامي يعرف من أقصد، وقلائل هم المخرجون الذين لا يعملون بهذه الطريقة، ويفرضون شروطهم بعيداً عما يمليه عليهم الآخرون. ولصراحتي الشديدة إزاء هذا الموضوع، أصطدم كثيراً مع المخرجين عندما أسألهم عن أسباب استسلامهم للممثلين، وتركهم يفعلون ما يشاؤون.

– شاركت العام الماضي في المسلسل البيئي «عطر الشام»، هل تبقى لـ«باب الحارة» نكهته الخاصة مهما قدمت من أعمال بيئية؟

في الحقيقة، لـ«باب الحارة» سر خاص لم يتمكن أحد من اكتشافه، لا المخرج ولا المنتج ولا الكاتب ولا حتى الممثلون… العمل ملتصق بالناس، ويتوافق إيقاعه مع شريحة كبيرة منهم، وهناك اليوم نسخ كثيرة من الأعمال الشامية، وهي مطلوبة من المحطات الفضائية لأنها تحقق نسب مشاهدة عالية، فالناس يحبون مشاهدة الحارة الشامية بما فيها من تفاصيل كالشروال، والعكيد، والحياة الزوجية، وكلام النسوان… وتحاول شركات الإنتاج إيجاد منفذ لتسويق أعمالها، وكون العمل الشامي هو المرغوب عربياً، كان هذا النوع من الأعمال هو الأكثر إنتاجاً.

– تُعتبر من أهل البيت في «باب الحارة»، فأنت لم تغب عن العمل منذ بدايته، هل لشخصيتك والتنوع الذي تضيفه إلى العمل دور في استمرارها إلى اليوم، أم ماذا؟

استمر وجودي في «باب الحارة» لأنني وفيٌ للعمل، ويمكن أن تحدث بعض الخلافات بين إدارة العمل وأحد الفنانين والكتاب، ومع ذلك أرى أن الأمر يعود عليّ بالنفع، ومن يتابع العمل يجد أن هناك تفاوتاً في عدد مشاهدي على مدار الأجزاء، فشخصية «أبو بدر» دور بطولي في العمل، ومن يدّعي أنني أُجامل المخرج لأستمر في العمل، أؤكد له أن شخصية «أبو بدر» استطاعت أن تحقق جماهيرية خاصة بها في الوطن العربي، و«أبو بدر» جزء من «باب الحارة» ويساهم في تكوينها، بمساعدة فريق العمل من ممثلين ومخرج وكاتب.

– تغيرات كثيرة طرأت على «باب الحارة» منذ جزئه الأول وحتى اليوم، فثمة ممثلون انسحبوا، وآخرون سُحب الدور منهم… إلى أي مدى تؤثر العلاقات الشخصية بين المخرج والفنانين في وجودهم في العمل أو استبعادهم منه؟

لا قرار للمخرج في ذلك، وإنما المنتج هو المسؤول عن العمل. يأتي المخرجون تباعاً وينفذون فقط رغبة المنتج بسام الملا. الخلافات بين بسام الملا والممثلين عديدة، وتتمحور أحياناً حول النص، وأحياناً أخرى حول المال. والملا هو صاحب القرار الأول والأخير، فهذا مشروعه. ولكون بسام الملا المسؤول عن العمل، لا أستطيع التحدث بلسانه.

– قلت سابقاً إن بسام الملا هو من اقترح عليك أن تضع الأسنان الاصطناعية لتظهر كالأرنب في شخصية «أبو بدر»… هل أزعجك هذا الاقتراح، وكيف تأقلمت مع شكلك الجديد؟

أنا كنت صاحب فكرة تشبيه «أبو بدر» بالأرنب، لكونه جباناً، فكان يمشي كالأرنب، ويرتعب من أي حركة حوله، وعندما ناقشت المخرج حول شكل الشخصية، اقترح عليّ فكرة الأسنان الاصطناعية.

أزعجتني الأسنان في البداية، لكنني تعودت عليها في ما بعد، كما غيّرت من طبقات صوتي، فكنت أعطي لكل شخصية طبقة صوت تميزها، وهذا ما أعتبره ملَكة أتمتع بها بخلاف الجميع.

– شاركت في مسلسل «الطواريد» في الموسم الفائت وهو من النوع البدوي الكوميدي، ورغم مشاركة نجوم كثر في العمل، لكنه لم ينجح كما كان متوقعاً، ما السبب في رأيك؟

عدم نجاح «الطواريد» يعود الى أنه لم يعرض إلا على محطتين، وهذا عامل مهم، فمثلاً اشتهر مسلسل «الندم» في سورية فقط، أما عربياً فلم ينل نصيبه من الانتشار، ذلك أن العرض كان في سورية فقط، ولاقى ردود فعل جيدة، والأمر نفسه ينطبق على «باب الحارة»، فالقناة العارضة هي «إم بي سي»، وكان لها دور مهم في نجاحه.

– ستطلق قريباً أغنيتك الجديدة «مدوا الأيادي»، وفي العام السابق أطلقت أغنيتك «رح بضلي»، هل هي أغنية عن الأزمة السورية أيضاً، وهل هي مخصصة لمدينتك حلب؟

أعمل الآن على مجموعة أغانٍ ذات طابع إنساني، منها أغنية «يا يوم يا يوب»، أما «مدوا الأيادي» فهي أغنية حلبية تتناول الأزمة السورية، إضافة الى مجموعة أغنيات أخرى.

– والدك المرحوم الفنان عبدالوهاب الجراح، صاحب مسرح «المضحك المبكي» في حلب، هل فكرة إحياء مسرح الغناء الناقد هو تكريم لذكراه، أم أنه نوع من الشغف بالنسبة إليك؟

هو إحياء لهذا النوع من المسرح، وهو خط جديد أعمل عليه حالياً، فوالدي جزء أساس من تاريخي، تعلمت منه الكثير ومن جدّيته، وأخذت عنه القليل من ظرافته، والموروث الذي تركه لنا كان في غاية الأهمية.

– ذكرت سابقا أنك كنت تعمل مع والدك في محل الألبان والأجبان الخاص بكم في حلب، بالإضافة إلى دراستك، وكثر من الفنانين ينكرون أعمالهم السابقة قبل دخولهم الوسط الفني، لماذا برأيك؟

لا أنكر أنني عملت مع والدي في إنتاج الألبان والأجبان، كما عملت ميكانيكي سيارات لسنوات في العطل الصيفية. وعندما يطلب مني والدي صيانة سيارته، كان يعاملني كأي عامل وليس كابنه، وهذا جزء من التربية.

كما بعت في صغري على إحدى البسطات، واشتغلت في معمل للبوظة مساء، وتوليت قطع التذاكر عندما كان ابي ممثلاً ونجماً في المسرح، فهذا الأسلوب في الحياة علّمني العيش ببساطة، وأن لا شيء يلغي شيئاً آخر، فأنا لا أهتم بردود فعل من حولي، ولو لم أكن فناناً، كنت سأعمل بكل تواضع في تصنيع الألبان.

– أنت مشهور باللازمات التي تضيفها إلى شخصيتك، هل تساهم لازمة الشخصية في ترسيخ الدور في أذهان المشاهدين، وكيف تخترع تلك اللازمات؟

أحاول تمييز الشخصيات التي أقدمها بأن أنسب اليها لازمة خاصة بها يرددها الناس، وبالفعل نجح هذا الأسلوب مع كل الشخصيات، فهناك شخصية «قدري» في مسلسل «صبايا» ولازمة «والله ما تدري خالتو فريدة»… ولازمة «عليّ الطرباق» في مسلسل «ضبّوا الشناتي»، وغيرهما.

– اشتهرت بتقديمك شخصية «هاكوب» الأرمني، كيف استطعت تأدية الشخصية وكأنك فعلاً أرمني؟

أنا ابن حلب، ابن الجديدة، والعزيزية، والسليمانية، ولدي أصدقاء كثر من الأرمن، كانوا يظنون بدايةً أنني أرمني من خلال تقليدي لطريقتهم في الكلام قبل أن يتعرفوا على اسمي. وعندما كنت صغيراً، كانت أمي تتركني عند جارتنا الأرمنية لدى خروجها من المنزل، فأنا عشت بينهم وتربيت معهم.

– برنامج «العاقل يسمع» الذي تقدمه على إذاعة ميلودي، هل هو نوع من التنويع الفني؟

«العاقل يسمع» هو طريقة في البوح على طريقتي الخاصة، والتجربة على المستوى الفني كانت ناجحة، وتلقيت الكثير من الإطراءات من إعلاميين على أسلوب تفكيري.

– في كل حديث لك تذكر زوجتك السيدة «رفيدة»، وتجدد حبك لها أمام الناس، لكن ماذا تقول لك بعد عودتك من اللقاء وعندما تسمع كلمات الحب منك على الهواء؟

زوجتي هي شريكتي وكل حياتي، أحبّها كثيراً، والنساء اللواتي أثّرن في حياتي هما اثنتان، والدتي «فريزة»، التي بذلت كل ما في وسعها لتوصلني الى مكان مهم، خاصة أن فارق العمر بيني وبين أمي هو 15 عاماً فقط، فنحن تقريباً من الجيل نفسه، ومن ثم أعطت العصا لزوجتي لاستكمال ما بدأته، فهي لا تتعامل معي ومع أولادي إلا كمشاريع خاصة بها، وسر «الخلطة السحرية» التي جمعت بيننا لـ25 عاماً، يكمن في إيمان زوجتي بي ومتابعتها الدائمة لكل خطواتي والحب الكبير الذي يجمعنا.

– أخبرنا عن ولديك، عبدالوهاب وعربي، ولماذا لم نرهما في الوسط الفني كباقي أبناء الفنانين؟

هما يدرسان في أميركا، وابني عربي ذهب أخيراً إلى أميركا وكان يريد أن يدرس السينما، ولكنه فاجأنا بتخصصه في الدراما في لوس انجلس.

– قلت سابقاً إنك لا تمانع فكرة زرع الشعر، لماذا لم تنفذ الفكرة بعد، وهل زوجتك مع هذا الاقتراح؟

زوجتي لا تمانع في زرع الشعر، ولكنني لم أقتنع بالفكرة، خصوصاً أنني أجد شكلي الحالي جزءاً من شخصيتي.

– نلت العديد من التكريمات، كان آخرها في أميركا، وفي لبنان أيضاً، ماذا تعني لك هذه التكريمات؟

التكريمات كانت نوعا ماً بلا مرجعيات سياسية، بل هي تكريمات فنية بكل معنى الكلمة، فهم وجدوني شخصاً جيداً واستحق ذلك.

– أنت من مدينة حلب المشهورة بطعامها الشهي، هل تحضّر زوجتك الأطباق الحلبية، وما هي أحب الأكلات إليك؟

أطهو كل الأطباق الحلبية، كالسفرجلية، والمأمونية، والكبة بالصينية، ولكنني الآن أريد تحضير طبق حلبي اسمه «سبع دول».

أنا وشكران

ثنائيتك مع الفنانة شكران مرتجى في مسلسلي «باب الحارة» و«الخربة»، أصبحت من الثنائيات المشهورة… ماذا حل بالمشروع الذي فكّرتما فيه ويتضمن عملاً من بطولتكما؟

بالفعل هناك مشروع عمل سيجمعني بالفنانة شكران مرتجى، ونقوم فيه بأدوار البطولة، لكنني لن أكشف عن تفاصيله قبل أن يرى النور.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن