مخاطر الفساد وأهمية تفعيل قانون الكسب الغير مشروع

عادل عامر

د. عادل عامر

القانوني لكل دولة ومنح تلك الهيئة أو الهيئات ما يلزم الاستقلالية وفقا للمبادئ الأساسية للنظام القانوني لدولة الطرف لمكافحة ظاهرة الفساد وملاحقة مرتكبي هذه الجريمة والحد من أثارها المدمرة على كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية .

وان الفساد الإداري يعد جريمة في معظم البلدان . غير إن الجريمة الحقيقية هي إن هذه الآفة تمس الجميع، ولاسيما الفقراء والضعفاء بمن فيهم النساء وهم فئات لا تستطيع دفع الرشاوى ولو لتلبية ابسط الاحتياجات ونصيبها من الثروة الاقتصادية هزيل أصلا. ويؤدي الفساد أيضا إلى الإضرار بالاقتصاد والبيئة وبإمكانه أن يتسبب في تباطؤ التنمية بل وتراجعها في البلدان النامية لكونه يحول الموارد ويعد من المعوقات الدولية والاستثمار الأجنبي والداخلي وفي حالات قصوى تتداعى أركان القانون والنظام من جراء عدم أنفاد القوانين والأنظمة مما يؤدي إلى استشراء الجريمة والعنف ويتسبب في القلاقل الاجتماعية .

– جمهورية مصر العربية وإذ كانت تتطلع دائما إلى تطوير قوانينها لتتواكب وتتماشى مع الاتجاهات العالمية كانت نظرتها مستقبليا ذلك وانه قبل التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي جرمت تعمد الموظف العمومي في المادة 20 منها الإثراء غير المشروع واستغلاله لإعمال وظيفته وتطلبت من كل دولة طرف فيها ان تنظر بدستورها ونظامها الاساسى القانوني تجريم هذا الفعل كانت التشريعات المصرية قد نصت على تجريم هذا الفعل ووسعت دائرة الرقابة والمسائلة وصدر قانون رقم 62 لسنة 1975 متضمنة إنشاء إدارة متخصصة هي إدارة الكسب غير المشروع وهى من الأمور التي تتطلبه الاتفاقية من الدول المشاركة وأنيط بها دورا هاما في منع ومكافحة الفساد وذلك بان واجب القانون تقديم إقرارات الذمة المالية للخاضعين بصفة دورية للوقوف على مدى تطور عناصر الذمة المالية ومدى تناسبها مع موارد الخل المشروعة وهو ما يدخل في نطاق توقى وقوع الجريمة ومنعها فضلا عن انه أناط بها فحص الشكاوى والبلاغات التي تقدم من كافة الجهات والإفراد في هذا الشأن ومنحها سلطة التحقيق فيها عند قيام شبهات قوية على ارتكابها وتقديم مقترفها للمحاكمة الجنائية لمعاقبته بما ستحصل عليه من مال حرام وكسب غير مشروع . كما جعل القائمين على هذه الإدارة وهو أيضا من متطلبات الاتفاقية عناصر قضائية لها استقلالية وكفل لها كافة سلطات التحقيق المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية ومنها منع مرتكبي الجريمة من التصرف في أمواله وكان من شأن ما تقدم ووجود العنصر القضائي ومنحه هذه السلطات ان كان هناك استقلالية لإدارة الكسب غير المشروع تمكنها من أداء وظيفتها بفاعلية ودون اى تأثير كان له عظيم الأثر في تسليط الأضواء على أماكن الخلل وبؤر الفساد بما لذلك من دور فعال في الحد من تغول ظاهر الفساد وانتشاره . وتشكل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 58/4 تاريخ أكتوبر 2003 والتي دخلت حيّز النفاذ في 14 ديسمبر 2005 أول صك قانوني عالمي لمكافحة الفساد، وأهمية هذه الاتفاقية تكمن في إنها تطلب من الدول المصادقة عليها التزامات قانونية تصب في خانة مكافحة ممارسات الفساد، و تحدد هذه الاتفاقية التدابير الوقائية التي يجب على الدول الأطراف اتخاذها سواء كان في مجال تبني السياسات والممارسات أو اتخاذ الإجراءات الإدارية والمالية والقضائية لمنع وقوع الفساد في القطاع العام والقطاع الخاص. بالإضافة إلى إيجاد وتطوير مؤسسات وطنية لمنع ممارسات الفساد وملاحقة مرتكبيها، والتعاون مع الحكومات الأخرى لاستعادة الممتلكات والأموال المسروقة ومساعدة بعضها البعض بما في ذلك عن طريق المساعدات الفنية والمالية في مكافحة الفساد وتقليص فرص ظهوره وتعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للممتلكات العمومية. حيث تم ترشيحنا من قبل منظمة الشفافية الدولية في مشاركة المؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي عقد في الفترة ما بين 28-24 أكتوبر / تشرين الأول بمدينة مراكش بالمملكة المغربية الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وشارك في أعمال الدورة أكثر من 1600 ممثل من 155 دولة طرف في الاتفاقية ودول بصفة مراقب، ومنظمات دولية ومنظمات غير حكومية. تتطلب جهود الوقاية من الفساد ترسيخ مبادئ النزاهة والحاكمية الرشيدة وتفعيل الرقابة الداخلية ووضع وتطبيق مدونات السلوك الوظيفي في مؤسسات القطاع العام من خلال وضع التشريعات والسياسات وإجراءات العمل الكفؤة والفاعلة، كما ان مسؤولية الوقاية من الفساد تقع أيضا على مؤسسات القطاع الخاص وجمعيات المجتمع المدني، سواء في مجال  الممارسة او في مراقبة التزام مؤسسات القطاع العام. تتمتع جمهورية مصر العربية بالكثير من الموارد الطبيعية والزراعية والصناعية ،فنجد أرضها غنية بالبترول والغاز الطبيعي والمعادن الطبيعية والتي يتم تصديرها إلي كثير من بلدان العالم فضلا عن تنوع محاصيلها الزراعية التي يتهافت عليها المستوردون ولا ننسى ذلك الموقع الجغرافي الفريد لمصر الذي يجعلها من أكثر بلدان العالم نشاطا في الحركة الملاحية والجوية وجذبا للسياحة وهو ما يقطع أن هناك عوائد مالية طائلة تدرها تلك الموارد وكان يتعين معه والحال كذلك أن يرتفع الدخل القومي للبلاد ومستوى معيشة الفرد بها إلا وأننا نجد الحال معكوسا الأمر الذي وأن دل فأن يدل على وجود إساءة في استغلال تلك الموارد قد يكون نتيجة إهمال أو تعمد وكلاها يعبر عن وجود فساد متنوع بالدولة . ويقصد بالفساد في اللغة العربية ” التلف والعطب والاضطراب وإلحاق الضرر بالآخرين ”  و يعنى في اللغة الإنجليزية ” تدهور التكامل والفضيلة ومبادئ الأخلاق و يمكن تعريفة بشكل عام بأنه ” الأفعال التي يقدم على ممارستها شخص أو مجموعة من الأشخاص بدون وجه حق للحصول على منافع و مزايا بطرق ووسائل مخالفة لما نصت عليه القوانين والتشريعات الوطنية ويظهر من تلك التعريفات

أن مفهوم الفساد مركب ومطاطا و ذلك لأنه يختلف من عصر لأخر ومن مكان لأخر حيث تختلف النظرة إلى السلوك الذي تنطبق عليه خاصية الفساد طبقا لدلالته ، ومن أمثلة الممارسات الفاسدة الرشوة والاحتيال والتهرب من الضرائب وغسل الأموال وسوء تقدير السلع التجارية، وجدير بالذكر أنه لا يمكن حصر تلك الممارسات . إن توفر الشفافية الإدارية يعتبر من أهم متطلبات مكافحة الفساد الإداري وهو إحدى أهم الاستراتجيات الهامة التي تتبعها الدول لمكافحة الفساد بأشكاله المختلفة، فزيادة درجة الشفافية تساهم إلى حد بعيد في زيادة درجة الثقة التي يمنحها المواطنون للأفراد العاملين في القطاع الحكومي.

إن أهمية تفعيل الإدارة بالشفافية كمبدأ عام في إدارة الشؤون العامة، يساعد على خلق مناخ للإبداع وهو بذلك يعمل على إبعاد كل السلوكيات غير السوية داخل مختلف التنظيمات الإدارية والسياسية، باعتبار أن الأهداف التنموية الحالية في المجتمعات المعاصرة تعمل على إيجاد آلية من اجل والقضاء على الفقر ورفع المستويات المعيشية للشعوب وتحقيق الحكم الراشد والإدارة الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والإصلاح الإداري، والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والابتكار التطويري والوقاية من الفساد, وأن ونجاح الإدارة في أداء وظائفها، أمور لا يمكن تحقيها إلا مع وجود مبدأ عام للشفافية والمشاركة في إدارة كافة الشؤون العامة في الدولة، في مختلف مؤسساتها عامة كانت أم خاصة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأزمات الحديثة تشهد تطورات في حقل الاتصالات والثورة التكنولوجية, وأن التنظيمات المنفتحة تقبل التغير النابع من ثقافة المجتمع.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن