مدارس وكنائس لها تاريخ

سهير سلمان منير

سهير سلمان منير

درس في مدارس البلاد الأهلية المسيحية 33 ألف طالب في 47 مدرسة مسيحية يعمل فيها نحو 3000 معلم. لكن دورها التنويري الأخلاقي والوطني يعود إلى قرون في بلادنا وجاراتها فقد تخرج منها جيل بعدجيل من المثقفين والمتعلمين العرب مسيحيين ومسلمين ودروز على حد سواء. حتى عندما خيم ظلام الجهل في المشرق العربي بقيت هذه المدارس في القدس، يافا، حيفا ،اللد ، الرملة، الناصرة،صفد وبيسان وطبريا وغيرها منارة للعلم والمعرفة والقيم الروحية جنبا لجنب مع الكنائس.

ولولا هذه المدارس الأهلية في المشرق لما سطعت في سمائنا نجوم كثيرة بددت العتمة. وبذلك مهدت لمسيرات تغيير مبارك في حياتنا الاقتصادية – الاجتماعية والسياسية بفضل آلاف من المربيات والمربين الأطباء، المهندسين ، المحامين، الأكاديميين والكتاب والصحفيين. وانتصر هنا لهذه المؤسسة ليس فقط كواحدة من خريجاتها اللواتي تمتعن بثمارها بل تأكيدا على كلمة حق ودعوة للتكاتف معها فهي منا ولنا.

وبدأت أزمة المدارس الأهلية في البلاد قبل سنوات بعدما قلصّت وزارة التعليم الإسرائيلية ميزانياتها وهذا كله تم بموازاة استمرار الاعتداءات على المقدسات المسيحية كنائس ومدارس لجانب الإسلامية دون إلقاء القبض على المعتدين.
وقد أصابت هذه المدارس الأهلية برفضها مقترحا إسرائيليا بتحويلها لرسمية لأنها تملك رسالة روحية أخلاقية على أسس محبة الله والإنسان.

وتصنّف هذه المؤسسات التعليمية منذ عدة عقود، كمدارس ” معترف بها غير رسمية ” وتمول جزئيا من وزارة التعليم الإسرائيلية.
لكن الوزارة اتّبعت في السنين الأخيرة سياسة تبدو انتقامية بدوافعها تؤدي إلى تجفيف هذه المدارس بتقليص المخصصات الرسمية الممنوحة لها من 75% إلى 29% من مجمل نفقاتها.

ولم تكتف الوزارة بذلك فمضت في قبضتها المشددة فأصدرت رسائل تحذيرية ضد عدد من المدارس وصلت إلى حد إيقاف تجديد ترخيصها عارضة الفتات عليها مقابل وقف إضرابها.

هذه المدارس الأهلية تعتمد المناهج الرسمية لكنها تربي على القيم والأخلاق الحميدة وتتفوق بنتائجها وربما هذا لا يروق لمن يسعى للتأكيد على الطابع اليهودي للدولة.

ولذا هذا كله وغيره من حق هذه المدارس علينا وحق أنفسنا علينا ومستقبل أبنائنا علينا أن نتصرف كأقلية قومية مستهدفة وبتفويت الفرصة على من يطمع بتجربة ” فرق تسد ” من جديد وعلى من يسعى بالسر والعلانية للتدخل بين اللحم والعظم والمخفي دائما أعظم.

وأحسنت ” المتابعة ” و ” المشتركة ” كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية العربية بقرارها اليوم تصعيد التضامن مع مدارس الأهلية بتعليق الدراسة يوم الإثنين وبخطوات إضافية.

بالمقابل رب ضارة نافعة فالتجربة الحالية تكشف مدى حيوية المحافظة على العلاقات الطيبة بين المدارس الأهلية وبين الأهالي كي لا يستفرد بها. وحري بها أيضا أن تبقي على تسميتها التاريخية المتداولة ” المدارس الأهلية ” بدلا من نعتها بصفة مذهبية فحسب.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن