معاريف: اقتراح إقامة قناة مائية حول قطاع غزة لحماية إسرائيل

الحدود الاسرائيلية

في بداية الأسبوع تبادلت اسرائيل وغزة الضربات، وتحدث وزراء الحكومة. وزير التعليم نفتالي بينيت قال إن الحرب مع حماس لا يمكن منعها، أما وزير البناء يوآف غالنت فذهب أبعد من ذلك، وقال إنه يجب الاستعداد للحرب في الربيع.

في إسرائيل يحب الوزراء التحدث عن كل شيء، خصوصا الشؤون الأمنية. وهم لا يتحدثون عن مجال مسؤوليتهم. هذا لا يحدث في دول أخرى. وزير التعليم في الولايات المتحدة لا يتحدث عن الحرب ضد «داعش». ووزير البناء في بريطانيا لا يتحدث عن الحرب في أفغانستان.

الأحاديث حول جولة جديدة لا يمكن منعها، هي أحاديث لا لزوم لها. يؤججون الوضع ويزيدون التوتر إلى درجة خطورة النبوءة التي تحقق ذاتها.

تصريحات مشابهة اُطلقت أيضا بعد حرب لبنان الثانية في 2006، والحقيقة هي أنه مرت 11 سنة، والهدوء مع «حزب الله» ما زال سائدا، إنها فترة الهدوء الأكبر في حروب اسرائيل منذ قيامها. هذا الهدوء تحقق لأن الطرفين لا يريدان الحرب، وبفضل الردع الإسرائيلي أيضا، وبسبب الدم الذي ينزفه «حزب الله» في سوريا.

هكذا الحال بالنسبة لغزة، الحرب ليست قدراً. يمكن منعها وإبعادها. وهذا متعلق بالطرفين، حيث أنه حسب التقديرات لا يريدان جولة أخرى. رغم أنهما يستمران في التسلح والاستعداد للحرب القادمة. «حماس» تقوم بحفر الأنفاق داخل إسرائيل، وتقوم بصناعة الصواريخ التي تتحسن دقتها ويتحسن مداها، وتقوم بإجراء التجارب في البحر المتوسط. وهي تقوم أيضا بتحسين وتوسيع القدرات البحرية وتحت البحرية والجوية. وتطور ذراعاً بحرية فيها وحدات غواصين، وذراعها الجوية لديها طائرات بدون طيار من أنواع مختلفة، وسلاح مضاد للطائرات.

المواد الأولية للصواريخ يتم تهريبها عبر الأنفاق من مصر (التي يقل عددها بسبب القيود التي تفرضها حكومة السيسي)، أو عن طريق المعابر الحدودية مع إسرائيل. خلافا للسابق، حيث أن جزءا كبيرا من الصواريخ تم تهريبه في الأنفاق، اليوم يتم انتاجها في مصانع السلاح السرية في غزة. إيران أيضا تزيد من تمويلها لذراع حماس العسكرية الذي بلغ في 2016 نحو 100 مليون دولار.

بعض الوسائل هي ثنائية الاستخدام: يتم شراؤها من قبل التجار في قطاع غزة والضفة الغربية من اسرائيل ومن الخارج، لأهداف مدنية ظاهرياً. ولكن يمكن استخدامها في تطوير القدرة العسكرية. ولا يمر أسبوع دون أن يتحدث «الشباك» وسلطة المعابر في وزارة الدفاع عن محاولة تهريب تم احباطها. هذا الأسبوع مثلا تم الكشف عن محاولة تهريب مئات طرود البريد التي تم وضع المحركات الصغيرة فيها، والكاميرات ووسائل الليزر التي اشتريت عن طريق الإنترنت.

إسرائيل من جهتها تستمر في إقامة الجدار تحت الأرضي على الحدود مع غزة، وهي تطور وسائل افضل للكشف عن الأنفاق وتحسن قدرتها التسليحية.

هناك تقديرات تقول إن «حماس» استعادت قدرتها العسكرية التي كانت لها قبل عملية»الجرف الصامد». ولكن التقديرات الاستخبارية في إسرائيل تقول إن «حماس» غير معنية الآن بمواجهة جديدة.

وهذه المنظمة تمر بعملية تغيير في القيادة، وعليها أن تختار بديلاً لخالد مشعل، الذي أعلن قبل أكثر من سنة بأنه سيعتزل القيادة. ومجلس الشورى هو الذي يختار، وقد ناقش هذا الأمر قبل بضعة أشهر. التقديرات تفيد بأن رئيس حكومة غزة اسماعيل هنية سيكون قائد الحركة. وبالتوازي تقوم «حماس» بتحسين علاقاتها مع مصر، خصوصاً على المستوى السياسي. الذراع العسكرية، أي «كتائب عز الدين القسام» أقل حماسة، وتفضل تحسين العلاقة مع إيران. الاختلافات بين الذراع العسكرية والسياسية تشكل سببا آخر لعدم رغبة «حماس» في الحرب.

التقارب من مصر من شأنه أن يعزز فرصة صفقة إعادة جثث الجنديين الإسرائيليين والمواطنين الثلاثة الموجودين في غزة. وقد قيل حتى الآن إن الوسطاء كانوا موظفين من قطر. ومؤخراً، في أعقاب تحسن العلاقة، تركيا أيضا على صلة بالموضوع.

وعلى الرغم من ذلك، حتى لو تم حدوث تقدم، فإن الصفقة ستكون بعيدة عن التنفيذ، حيث ستطلب «حماس» مقابل الجثث والمواطنين الثلاثة إطلاق سراح مئات المخربين من السجون الاسرائيلية.

إن رغبة «حماس» في الحفاظ على الهدوء لها أدلة في الميدان. القوات الأمنية التابعة لها تقوم بالتجوال على طول الحدود لمنع التسلل، ويحاولون الحصول على معلومات عن نوايا المنظمات السلفية غير الخاضعة والتي لا توافق على إمرة «حماس».

وهي تسعى إلى إطلاق الصواريخ على إسرائيل. و»حماس» تقوم بالاعتقالات الاحترازية في أوساط هذه المنظمات بعد كل عملية لإطلاق النار. إسرائيل تعرف هذا الأمر، لكن سياستها حاسمة. وهي تعتبر أن «حماس» هي السيّد في غزة، لذلك هي المسؤولة عن الحفاظ على الهدوء. في السنة الماضية، قبل تعيين ليبرمان وزيراً للجيش، ردت إسرائيل بشدة على كل صاروخ تم اطلاقه.

وهناك من اعتبر أن الرد مبالغ فيه. وفي الشهرين الماضيين حدثت أربع إطلاقات كهذه، والهدف ليس الردع والعقاب فقط، بل استغلال إسرائيل للأحداث من أجل الإضرار ببنية «حماس» وقدرتها مثل الأنفاق ومخازن السلاح.

على خلفية التوتر في حدود غزة، وانتظار تقارير مراقب الدولة، وحقيقة أن الجهاز العسكري لم يطور بعد القدرة التي تعطي جوابا وحلا لتهديد الانفاق، فإن الأمريكي د. ديفيد تشارني، ارسل اقتراحا لافتاً في هذا الأمر، بسيطا ومفاجئا: إقامة قناة مائية حول قطاع غزة. والمفاجىء هو أن الأمر جاء ممن ليس مهندسا أو خبيرا عسكريا. الدكتور تشارني هو عالم نفس يهودي أمريكي، عيادته توجد في ولاية فيرجينيا. وهو يتعلق بكل احساسه بإسرائيل، وعلى مدى عشرين سنة كان يعمل طبيبا نفسيا مع الـ سي.آي.ايه.

في مقابلة مع «معاريف» قال د. تشارني إن الفكرة تعتمد على حكمة البساطة. اسرائيل، بالتعاون مع مصر، تقوم بإحاطة القطاع بقناة مائية عميقة وواسعة يتم ضخ مياه البحر المتوسط اليها. وهو يقترح قناة بعرض 200 متر وعمق 60 مترا. والقناة ستمر في الأراضي الاسرائيلية شمال غزة وتلتقي مع البحر المتوسط وتحيط القطاع حتى نقطة الالتقاء في الجنوب، حيث الحدود مع مصر. ويشدد د. تشارني على أن الحديث هو عن فكرة قديمة لبناء النفق كأداة دفاعية أمام الغزاة.

من أجل عدم خلق الشعور الصعب للحصار على غزة لدى مليوني شخص، ومن اجل تخفيف السياق الامني السلبي لهذه الخطوة، يقترح تسميتها «قناة إسرائيل» كي تذكر بقناة السويس.

وهناك سياق إيجابي لقناة السويس، لأنها تقوم بنقل البضائع وتربط بين الأمم ولا تفرق بينها. ويذكر أن عمق قناة السويس هو 24 مترا، وتم توسيعها مؤخرا ليصبح عرضها 100 متر.

يوسي ملمان
معاريف

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن