معدلات التلوث في غزة والضفة وصلت مستويات خطيرة

مياة الشرب غزة

حذر باحث فلسطيني من ارتفاع معدلات التلوث الجوي في قطاع غزة والضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة لتصل مستويات خطيرة لها تأثير على صحة الإنسان، وذلك استنادًا إلى ما توصلت إليه دراسة علمية أكاديمية صدرت في يونيو، 2016.

وأجرى الباحث عبد الله شاهين المقيم في باكستان، دراسة أكاديمية تتعلق بتحديد معدلات التلوث الجوي -وتحديدًا المركب الكيميائي- فوق قطاع غزة والضفة الغربية بين عامي 2000م إلى 2014م، وتركزت حول عدة أسئلة تتعلق بأسباب زيادة معدلات التلوث الجوي خلال السنوات الأخيرة وما علاقة العوامل البيئية بذلك.

وركزت الدراسة على حساب التغير في التلوث الجوي (الذي يعني جميع المركبات الكيميائية في الجو التي حجمها أقل من 10 ميكرون)، وتم التركيز على منطقتين دراسيتين هما قطاع غزة والضفة الغربية.

وتتلخص أهمية الدراسة وفق تأكيد شاهين بتحديد معدلات التلوث الجوي ومدى إمكانية تصنيفها ضمن المعدلات الخطيرة، وتحديد المناطق الأكثر تلوثا والأسباب وإمكانية تقييم هذه المناطق للحد من التلوث الجوي.

ونظرًا لأهمية ما توصلت إليه الدراسة فقد تم نشرها في مركز الأبحاث العالمي في وكالة ناسا لأبحاث الفضاء، وأُرسلَت رسالة إلى الأمم المتحدة مفادها بأن الأراضي الفلسطينية تعاني من التلوث الجوي ويجب أن تبذل جهودها في حل هذه المشكلة، كما يقول الباحث شاهين.

ونوه إلى أنه في العام 2000م وصل المعدل السنوي للتلوث الجوي إلى 65 ميكرو جرام لكل متر مكعب، منوهًا إلى أن القيمة الصغرى 25 ميكرو جرام لكل متر مكعب، أما القيمة القصوى فبلغت 105 ميكرو جرامات لكل متر مكعب، قبل أن تبدأ هذه المعدلات بالازدياد لتصل في عام 2014 إلى 85 ميكرو جرام لكل متر مكعب، (الصغرى 47 ميكرو جرام، والقصوى 130 ميكرو جرام).
الاستشعار عن بعد

وذكر شاهين في حديث لـ”آفاق البيئة والتنمية” أن الأراضي الفلسطينية تعتبر من الدول الفقيرة في البحث العلمي المتعلق في الاستشعار عن بُعد باستخدام صور الأقمار الصناعية، ولذلك تم اختيار دراسة التلوث الجوي من خلال الصور الجوية الصادرة عن وكالة الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا لأبحاث الفضاء الأمريكية.

والاستشعار عن بعد كما يقول شاهين يتعلق بدراسة علوم الأرض والغلاف الجوي باستخدام صور الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض وتلتقط صورًا يومية للأرض، بغرض دراسة مشاكل بيئية تواجه الدول مثل مشاكل التربة والتلوث المائي في البحار والمحيطات، وأيضا التلوث الجوي من خلال تحديد الانبعاثات والمركبات الجوية المنبعثة من الأرض نحو الغلاف الجوي والتي تشكل ضررًا للبيئة والإنسان.

وخلال الدراسة تم الاستناد على مقالات علمية منشورة على الشبكة العنكبوتية والتي صدرت من خلال جامعة بيرزيت في رام الله بالضفة الغربية، حيث تؤكد بأن المصانع الإسرائيلية في الضفة الغربية سوف تزيد من معدل التلوث الجوي خلال السنوات القادمة.
أسباب التلوث

كذلك أشارت الدراسة إلى أن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عشرة أعوام فضلًا عن انقطاع التيار الكهربائي واستخدام المولدات الكهربائية، كلها عوامل تساهم في زيادة التلوث الجوي في قطاع غزة.

وتتلخص أسباب التلوث الجوي في قطاع غزة كما جاء في الدراسة بانخفاض المعدل السنوي للأمطار في القطاع، حيث أن الأمطار تساعد على تصفية الغلاف الجوي من المركبات الكيميائية والغبار وبالتالي فإن منسوب الأمطار يتناسب عكسيا مع التلوث الجوي.

كما تتلخص في زيادة المناطق السكنية في قطاع غزة والتعداد السكاني، فزيادة المناطق السكنية على حساب المناطق الزراعية يؤدي إلى زيادة الغازات المنبعثة من قِبل المنازل والمنشآت الصناعية والطرق والمركبات، إلى جانب الحصار والحروب الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة في الأعوام الأخيرة.

وذكرت الدراسة أن الانبعاثات التي صدرت من الحروب زادت نسبة التلوث خلال السنوات الثمانية الاخيرة بشكل ملحوظ.

وتؤكد الدراسة بأن الحروب من أكبر العوامل التي أثرت على زيادة التلوث الجوي في مدينة غزة.

وشنت إسرائيل ثلاث حروب على قطاع غزة في أعوام 2008/2009 و2012 و2014 ووصلت عدد أيامها إلى أكثر من 80 يومًا واستخدمت فيها إسرائيل أنواع عديدة من الصواريخ والمتفجرات التي حولت العديد من المناطق في قطاع غزة إلى مناطق بوار لا تصلح للزراعة.

وفصل الباحث شاهين ما جاء في دراسته أكثر بالقول إنه خلال فترة الحروب تحديدًا، حصلت زيادة كبيرة في معدلات التلوث الجوي وذلك نتيجة الغازات المنبعثة من المناطق التي اُستهدفت، ثم انخفضت هذه المعدلات مع انتهاء الحرب قبل أن تعاود الارتفاع مع بدء عملية الإعمار وإزالة أكوام الركام في المناطق المستهدفة، نتيجة الغازات والأتربة المنبعثة والغبار.

ويحذر شاهين من تأثير التلوث على الإنسان إذ يصيبه بالأمراض القلبية والاختناق.

وأشار كذلك إلى تأثير التلوث على النبات فعند اختلاط مياه الأمطار مع مركبات التلوث الجوي تؤدي إلى أكسده هذه المياه ومما يؤثر سلبًا على النباتات في عملية البناء الضوئي وعملية النمو وقد يؤدي إلى موت النباتات، وأيضاً يؤدي إلى تلوث الثمرات المنتجة من هذه النباتات مما يعود بالسلب على الإنسان.

وأمام كل ما سبق يرى شاهين أن الحلول تكمن في التقليل من استخدام المولدات الكهربائية، والتخلص من السيارات القديمة، والتخلص من حرق النفايات بطرق متقدمة وصحية.

وينوه شاهين إلى أن ما قاده إلى هذه الدراسة في رسالة الماجستير هو التلوث الجوي الذي يعد مشكلة عالمية خطيرة وهذا ما شدد عليه مؤتمر باريس الأخير عام 2015، محذراً من خطورة التلوث الجوي على تغير المناخ وتفاقم مشكلة الاحتباس الحراري.

وحول إمكانية تطبيق ما جاء فيها على أرض الواقع، فأكد شاهين أن الأمر يتعلق بمدى اهتمام المسئولين في البلديات والحكومة بالدراسة، مشيرًا إلى أنه حتى اللحظة، لم يتم التواصل معه من قبل أي جهة رسمية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.

والباحث عبدالله عوني عبد الله شاهين من مدينة غزة مواليد عام 1990، حاصل على درجة البكالوريوس تخصص الهندسة المدنية من جامعة فلسطين في العام 2012. وحصل على منحة التعاون الإسلامي، لدراسة الماجستير، تخصص الاستشعار عن بعد في جامعة الكومساتس الباكستانية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن