معلّقون إسرائيليون ينتقدون نتنياهو: استسلم إلى “كلنا”و”يهدوت هتوراه”

نتنياهو

وكالات / الوطن اليوم

تقدم رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف بنيامين نتنياهو أكثر من خطوة باتجاه تشكيل ائتلافه الحكومي، بعد أن وقع «الليكود» اتفاقات ائتلافية مع كل من «كلنا»، بزعامة موشي كحلون، و«يهدوت هتوراه» الحريدي.

غير أن هذه الخطوات لا تضمن لنتنياهو سوى ترسيخ وجهة في تعامله مع كل من «شاس» من الحريديم و«الأخوة الأعداء» في اليمين القومي، «البيت اليهودي» بزعامة نفتالي بينت و«إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان.

ولا تبدو مهمة نتنياهو في تشكيل الحكومة سهلة، رغم أن كل المصاعب التي يواجهها في المفاوضات سوف لا تشكل سوى نزر يسير من المصاعب التي سيواجهها في إدارة الحكومة لاحقاً. فالثقة تكاد تكون معدومة بين نتنياهو و«الليكود» من جهة وكل من «البيت اليهودي» و«إسرائيل بيتنا»، وربما أيضا مع «شاس». ولكن الاتفاقات مع «كلنا» و«يهدوت هتوراه» تبين الأساس الذي سترتكز إليه حكومته في مفاوضاتها اللاحقة، سواء مع «الأخوة الأعداء» أو حتى مع «المعسكر الصهيوني» إن ثبت استحالة تشكيل الائتلاف اليميني الضيق.

وتناقضت تقديرات أوساط مختلفة في إسرائيل بشأن الاتفاقين مع «كلنا» و«يهدوت هتوراه». وفيما لاحظ البعض أن الحزبين نالا تقريباً كل ما طالبا به، كان واضحاً أن الإشارة تنطوي على إيجاب لواحدة وسلب للأخرى. فحزب «كلنا»، الذي ينظر إليه على انه «جناح يساري» في الحكومة الأشد يمينية في تاريخ إسرائيل أخذ، عدا الوزارات التي طالب بها والأدوات التي تسمح له بتحقيق برنامجه الانتخابي، الاقتصادي الطابع غالباً، تعهدات بشأن عدم تمرير بعض القوانين الأشد يمينية، بينها «قانون القومية» وقوانين تحد من صلاحيات المحكمة العليا وتعتبر فاشية ومناهضة لمبادئ الديموقراطية. وبكلمات أخرى نال كحلون «حق الفيتو» على تعديل أو سن مثل هذه القوانين. وأشارت الأنباء الإسرائيلية إلى أن كحلون نال تعهدات بمليار شيكل للجنود في الخدمة الإلزامية، توزع عليهم إما كزيادة في المخصصات أو ودائع لمنح دراسية. كما نال ميزانية خاصة لمكافحة الفقر بقيمة سبعة مليارات شيكل. وبديهي أن غالبية ما حصل عليه كحلون وحزبه لم يثر انتقادات واسعة، لا في صفوف الموالين للحكومة، ولا في صفوف المعارضة.

وبالعكس كان الموقف من «إنجازات يهدوت هتوراه»، والتي تمثلت في السيطرة على وزارة الصحة وتعيين عضو الكنيست يعقوب ليتسمان نائبا للوزير، وكذلك نيل منصب نائب وزير التعليم ورئاسة لجنة المالية. لكن ما أثار الانتقادات بشكل عاجل، ودفع البعض لاعتبار نتنياهو و «الليكود» في «بيع تصفية»، مسائل أخرى مثل إلغاء العقوبات الجنائية في قانون التجنيد الذي أقر في الكنيست السابقة وإعادة ميزانيات المدارس الدينية ومخصصات الأولاد إلى ما كانت عليه قبل العام 2013. كذلك أقر تجميد الإصلاح في التهويد، وإلغاء الإصلاحات الصحية التي أقرت في الحكومة السابقة حين كانت الوزيرة من «هناك مستقبل».

ولهذا السبب اعتبر المعلق السياسي في «معاريف» بن كسبيت اتفاق «الليكود» مع «يهدوت هتوراه» ليس أقل من «صك استسلام». وأشار إلى أن الحريديم، الذين غابوا عن الحكومة السابقة، «يجدون صعوبة في إزالة الضحكة عن وجوههم والسمن المنساب باتجاه ذقونهم. من حقهم. ليس هناك ادعاءات نقدمها لمن يطلبها. الذنب يقع على من استسلم. سيقال الكثير عن هذا الاتفاق الذي لم يبقِ حجراً على حجر من إنجازات الحكومة السابقة، بكل ما يتعلق بالتخصيصات، التعليم الديني، المساواة في تحمل العبء… الخ».

ولاحظ كسبيت التناقض الجوهري في الاتفاقين اللذين تم التوقيع عليهما مع «كلنا» و «يهدوت هتوراه». وأشار إلى أن ما يثير الفضول هو معرفة ما الذي يفكر فيه موشي كحلون، والذي سيتولى وزارة المالية في الحكومة الجديدة، وسيكون عليه توفير المليارات لتغطية الإنفاق على الاتفاقيات مع «يهدوت هتوراه». ويعتبر كسبيت أن الحريديم سينالون في الحكومة الجديدة تعويضاً عن كل ما خسروه في الحكومة السابقة.

كما أن جهات عديدة انتقدت الاتفاق على إلغاء قانون التهويد، واعتبرت ذلك مساً بمئات الآلاف من الإسرائيليين الذين تقيدهم القواعد الأرثوذكسية، وتحول دون الاعتراف بهم كيهود. وأشار آخرون إلى أن ذلك سوف يترك آثاراً مدمرة لاحقاً على علاقة قسم من الإسرائيليين باليهودية، وربما بدولة إسرائيل ذاتها.

على كل حال لا تزال المفاوضات على أشدها مع «البيت اليهودي» و «شاس». وهناك صراع بين الحزبين على تولي حقيبة الأديان، التي يبدو أن نتنياهو يريد أن يكسب بها ولاء «شاس»، فيما يرفض «البيت اليهودي» ذلك، ويطالب على الأقل بتقاسم هذه الحقيبة بين الحزبين. وكان «البيت اليهودي» تراجع عن مطلب منح زعيمه نفتالي بينت منصباً وزارياً أرفع، خصوصا وزارة الدفاع أو الخارجية. وبعد مناكفات ومشاكسات كثيرة، طلب بينت تولي وزارة التعليم بعد أن علم أن وزارة الخارجية محجوزة لافيغدور ليبرمان الذي من دونها قد لا تتشكل حكومة يمينية.

ويطالب بينت أيضا بميزانيات خاصة لتسهيل الادعاء بأنه حقق لجمهوره شيئاً. ورغم الخلافات الشديدة بين نتنياهو وبينت إلا أنهما اجتمعا مطولاً أمس الأول، ولأكثر من أربع ساعات في سبيل تذليل الخلافات. وفي كل حال من المتوقع أن يبرم «الليكود» اتفاقات مع شاس بعد أن وعد نتنياهو آرييه درعي بصفر ضريبة قيمة مضافة على المواد الأساسية، في إطار نيله وزارة الاقتصاد بدلا من الداخلية. ويبدو أن الاتفاق مع أفيغدور ليبرمان سوف يتم في اللحظة الأخيرة، وسيبقى وزيرا للخارجية إلا إذا طرأ ما يمنع تشكيل حكومة اليمين الضيقة.

كتب حلمي موسى لصحيفة “السفير” اللبنانية

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن