من الانقسام إلى التشرذم ومن الدردشات إلى الوشوشات

كتب: حمدي فراج

جاء نفي القيادي الحمساوي اسماعيل رضوان “للدردشات” مع إسرائيل التي كشف عنها زميله القيادي أحمد يوسف، بمثابة تأكيدها، حين قال عنها بالحرف “إنها موقف شخصي”، وكأن الدردشة اقتصرت على أحمد يوسف، أو أنه دردش وفق “اجتهاد” شخصي، يثاب عليه في الفهم الديني بحسنتين إذا ما اصاب وبحسنة إذا ما أخطأ.

ولن نتعمق بعيدا في مآل هذه الدردشات، ففي أحسن الأحوال ستأخذ حماس في غزة ما أخذته فتح في الضفة، ولربما أكثر قليلا، على اعتبار التعلم من نظرية “التجربة والخطأ”، وهو يظل قليلا مقياسا بالشعارات التي رفعتها منظمة التحرير سابقا وحماس لاحقا.

ان الانقسام الذي شهدته الساحة الفلسطينية، بين فتح وحماس، وأدى إلى فصل غزة عن الضفة، قد طال واستطال، وها هو يدخل عامه التاسع في الشهر القادم، دون أن نرى بادرة حقيقية على إنهائه، رغم أن الجميع تقريبا واصلوا التحدث منذ أيامه الأولى وحتى اللحظة عن ضرورة حله، وقد بذلت محاولات محلية وعربية واقليمية على هذا الصعيد، في القاهرة وصنعاء ومكة وعمان والدوحة، ودخلت انقرة على الخط وكذلك موسكو، وكل الذي تم التوصل إليه قبل نحو سنة هو حكومة توافق لم تستطع أن تحقق شيئا رئيسيا واحدا، بما في ذلك الاتفاق على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في غضون ستة أشهر من تشكيلها.

كان معروفا منذ البدء أن هذا الانقسام، ليس عابرا ولا طارئا ولا آنيا ولا فلسطينيا في جوهره، ولقد وضعت شخصيا في هذه الزاوية أيام قليلة بعد الحسم العسكري مقالا بعنوان “اضبطوا ساعاتكم، فغزة لن تعود”.

ان الانقسام الذي شق الوطن والشعب والفصائل والأماني والتطلعات، كان لا بد له في حالة عدم معالجته، أن يتفاقم ويتعاظم، هو كالشرخ في البنيان، سيتوسع إذا لم يتم رتقه في الوقت المناسب، وسيتصدع مقدمة لإحداث الانهيار، وفي الغالب، سيأتي هذا الانهيار على رؤوس أصحابه، وسيوقع خسائر تفوق المتوقع وقت حصوله.

ها نحن اليوم أمام “الدردشات”، التي يقوم بها فصيل من أصل نحو عشرين فصيلا، وكانت حتى قبل سنوات قليلة، تهمة تستحق الرجم بالخيانة العظمى لو قام بها فصيل آخر بغض النظر عن حجمه وتأثيره. هل تستطيع حماس بعد اليوم، مناهضة أي فصيل – أو حتى نقابة – يفتح حوارا مع إسرائيل، فيذهب للدفاع عن نفسه وتخفيف وقع التهمة من أنها مجرد “دردشات”.

إن “الدردشات”، تولدت في رحم الانقسام، الذي تطور خلال السنوات الثماني الماضي الى حالة من التشرذم والتشظي. ومن يدري إلى ماذا ستتطور الدردشات، وكما قال أحدهم: ربما إلى وشوشات.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن