ميدل إيست آي: دور عسكري للإمارات ولعب مع الأسماك الكبيرة

دبابات الإمارات

نشر موقع “ميدل إيست آي” في لندن مقالا للمحلل في شؤون الشرق الأوسط بيل لو، عن “أسبرطة الصغيرة” والدور الذي باتت تؤديه الإمارات العربية المتحدة في اللعبة العسكرية في الشرق الأوسط.

ويبدأ الكاتب مقاله بالقول: “تحب الإمارات العربية المتحدة الفيدرالية، المكونة من سبع إمارات، وبينها أبو ظبي ودبي، أن تفكر بنفسها بصفتها بلدا فيه كل شيء، بما في ذلك وزارة السعادة، وكما قال حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: (السعادة الوطنية ليست حلما، لكنها خطط ومشاريع وبرامج ومؤشرات تفيد عمل وزارتنا من أجل تحقيق السعادة)”.

ويستدرك لو بأن “السعادة، بالطبع تعني أشياء مختلفة للأشخاص المختلفين، ففي الوقت الذي ركز فيه الشيخ محمد انتباهه لتحويل دبي إلى مركز للسياحة الدولية وللتجارة، فإن نظيره رئيس الإمارات وحاكم دبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة خليفة بن زايد بن سلطان آل النهيان، يرى السعادة في مكان آخر، وبالنسبة للشيخ خليفة، خريج كلية ساندهيرست، والمحب لكل ما هو عسكري، فإن السعادة كما تقول فرقة البيتلز هي (بندقية دافئة)”.

ويذهب الكاتب في مقاله، الذي ترجمته “عربي21” إلى أن “هذا يفسر الحماسة التي أبدتها الإمارات في عدد من المواجهات المثيرة للدهشة في المنطقة وخارجها، وهو ما أفرح الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وصف الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، وزير دفاع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2014، الإمارات العربية المتحدة بـ(اسبرطة الصغيرة)، وقال: (إنهم ليسوا مستعدين للقتال فقط، لكنهم محاربون عظام”.

ويشير إلى أن “(المحاربون العظام) وقعوا لماتيس منذ البداية على المشاركة في الحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا، وتحولت قاعدة الظفرة، التي تبعد 20 ميلا عن العاصمة أبو ظبي، إلى مركز لحوالي 2500 من الجنود الأمريكيين، واعتمدوا عليها بشكل كبير للقيام بغارات جوية، وقام سلاح الطيران الإماراتي بعدد من الغارات الجوية”.

ويورد الموقع أنه بحسب صحيفة “واشنطن بوست”، فإن “المقاتلات الإماراتية قامت بغارات جوية منذ بدابة الحرب على تتظيم الدولة، أكثر من أي دولة عضو في التحالف الدولي”، الذي تقوده الولايات المتحدة.

ويلفت الكاتب إلى أن “الإمارات تشارك بشكل مكثف في الحملة التي تقودها السعودية في اليمن من ناحية المشاركة الجوية والبرية، واستخدمت القوات الإماراتية لإخراج الحوثيين من عدن والمكلا، بالإضافة إلى أنها انشغلت بدعم الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، ودعمت في أفغانستان القوات الأمريكية”.

ويبين “لو” أن “آخر تحرك للإماراتيين هو توقيع صفقات مع (صومالي لاند) و(بونت لاند) لبناء موانئ في المياه العميقة وقاعدة عسكرية، وتتيح الصفقات، التي تقدر قيمتها بمئات الملايين، للإمارات حضورا كبيرا في المنطقة التي شهدت عمليات حشد عسكري، منها أمريكي وصيني وفرنسي وياباني وألماني، ولهذا فإن أسبرطة الصغيرة تسبح مع الأسماك الكبيرة”.

ويعلق الكاتب قائلا إن “الإمارات مسلحة بأفضل المعدات وأكثرها تقدما، من التي يمكن للمال أن يشتريها، لكن كيف تمكن بلد عدد سكانه أكثر من مليون نسمة، ونسبة 90% من التسعة ملايين الذين يعيشون فيها هم من الأجانب والعمالة الوافدة، من امتلاك هذا الأثر العسكري؟”.

وينوه “لو” هنا إلى القنوات السرية، قائلا: “ابحث عن رجل قفز من روايات جون لوكاري البوليسية، اسمه إريك برينس، وهو شقيق وزيرة التعليم بيتسي ديفوس، التي عينها دونالد ترامب والمثيرة للجدل، وهو نفسه الذي أنشأ شركة التعهدات الأمنية أو الجنود المرتزقة (بلاكووتر) وذات السمعة السيئة، لقتلها المدنيين العراقيين في عام 2007، وأبعد برينس نفسه عن الشركة التي عانت من الفضائح، لكنه ظهر في الإمارات العربية المتحدة في عام 2011، ووقع عقدا ضخما بقيمة 529 مليون دولار لتزويد الإمارات بقوة من المرتزقة قادرة على شن عمليات خاصة، وحماية المنشآت الحيوية في البلاد من الهجمات الإرهابية”.

ويجد الكاتب أن “الغريب أن برينس، الذي ظل منذ أيامه في (بلاكووتر) بعيدا عن الأضواء، التقى في 11 كانون الثاني/ يناير في جزر السيشل بروسي شخصا مقربا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكان الهدف من اللقاء هو إنشاء قنوات سرية بين الإدارة القادمة لترامب والروس، وتم ترتيب اللقاء، بحسب صحيفة (واشنطن بوست) من الإماراتيين، وربما كان لقاء تمنى برينس أنه لم يحدث، خاصة أن مكتب التحقيقات الفيدرالية (أف بي آي) يقوم الآن بالتحقيق فيه، كجزء من تحقيق واسع حول التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016”.

ويفيد لو بأنه “في الوقت ذاته، فإن الإماراتيين يترددون بالحديث عن عدد المرتزقة الذين يقومون بالقتال نيابة عنهم، وبالتأكيد فعندما قتل 45 جنديا في هجوم صاروخي في جنوب اليمن عام 2015 ، فإنه تم التعتيم على جنسية القتلى في الإعلام الإماراتي، ومن المحتمل أن عددا من القتلى هم من أمريكا اللاتينية وإرتيريا، واشترى الإماراتيون خدمة ضباط أستراليين كبار لتدريب القوات الرئاسية الخاصة والإشراف عليهم، وهي قصة كشف عنها الصحفي روري دوناهي في (ميدل إيست آي) عام 2015 في تقرير (لا تشتر أفضل جهاز لكن اشتر أفضل موهبة)”.

ويقول الكاتب إن “هناك جانبا مظلما لأسبرطة الجديدة، وهي نابعة من العقلية العسكرية والسلطوية، ولهذا فإنها تتناقض مع الصورة التي يتم تسويقها بذكاء عن التسامح والمنطقة المناسبة للسياحة والتجارة، التي استطاعت دبي وأبو ظبي تسويقها بنجاح، حيث سحقت الإمارات العربية المتحدة بشكل مستمر حقوق الإنسان، في محاولتها لإسكات المعارضة، ومنع ما تراه التأثير الخبيث للإخوان المسلمين، ولهذا حكمت على العشرات بالسجن، بناء على أدلة واهية، وتم الحصول عليها من خلال الإكراه والتعذيب، فحكم على الأستاذ الاقتصادي المعروف ناصر الغيث، فقط لانتقاده حكومة عبد الفتاح السيسي في مصر، أما أحمد منصور، الفائز بالجائزة المرموقة (جائزة مارتن إينالز) للمدافعين عن حقوق الإنسان، فإنه اعتقل في آذار/ مارس، وينتظر المحاكمة بناء على اتهامات غير معروفة، ولن يثير هذا الجانب قلقا من أصدقاء الإمارات في الغرب، الذي يعقد صفقات السلاح المتقدم، وحصل على التزام بدعم الحملات العسكرية في الخارج”.

ويضيف لو أن “الإمارات ربما مضغت أكثر مما تستطيع بلعه، ولست بحاجة إلا إلى النظر أبعد من قطر، عضو مجلس التعاون الخليجي، ففي ظل رئيس وزرائها حمد بن جاسم شبكت قطر نفسها في أكثر من مبادرة دبلوماسية لم يكن بإمكانها الوفاء بها، وعندما تولى الأمير الجديد البلاد عام 2013 ، تم تحييد حمد بن جاسم، وخفضت قطر من طموحاتها الإقليمية عندما تقاعد ابن جاسم ليتابع مصالحه التجارية الكبيرة في لندن ومناطق أخرى، وتركت قطر المسرح، وقد تضررت سمعتها، لكن ليس إلى غير رجعة”.

ويخلص الكاتب إلى القول إنه “على خلاف قطر، فإن الإماراتيين يلعبون بالكرة الصلبة مع تكنولوجيا السلاح المتطور والبنادق المستأجرة/ المرتزقة، وأعلنت (أسبرطة الجديدة) عن تفضيلها للمتفجرات على الكلمات، وفي منطقة تشهد اضطرابات فإن هذه لعبة خطيرة”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن