نكبة فلسطين.. هنا باقون كأشجار الزعتر والزيتون

غسان مصطفى الشامي
غسان مصطفى الشامي

الكاتب// غسان مصطفى الشامي

ثمانية وستون عاما مرت على اغتصاب أرض فلسطين المباركة، هي سنوات مريرة وأليمة وسنوات وجراح وسنوات نضال ومقاومة من أجل تحرير أرضنا الفلسطينية المباركة، ومن أجل العودة إلى ديارنا وبلادنا التي هُجرنا منها عنوة وقسوة وظلما وعدوان؛ ولم نفقد الألم يوما أو ساعة في العودة إلى القدس العاصمة الأبدية لفلسطين ويافا وحيفا وعكا وتل الزهور ودير ياسين وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية .

إن ذكرى نكبة فلسطين ذكرى ضياع الفردوس المفقود لدى الأمة العربية والإسلامية، تحمل في طياتها ذكرى جراحات الأمة وسقوط عزتها وكرامتها، بسقوط أرض فلسطين، ذكرى قتل وذبح آلاف الفلسطينيين على أيدي العصابات الصهيونية (الهاغاناة والأرغون والشيترون وغيرها).

بينما نتذكر آلام وجراحات نكبة فلسطين، يتراقص الصهاينة فرحا وطربا على هذه الذكريات ويرفعون أعلام الكيان احتفاءً بذكرى النكبة، بل ويطلق الصهاينة على أيام النكبة (حرب الاستقلال ) ، هذه الحرب الصهيونية التي استشهد خلالها آلاف الفلسطينيين وتم تشريد أكثر من 860 ألف دمرت أكثر من 500 قرية ومدينة فلسطينية من أجل اقامة الكيان الصهيوني بالدماء والمجازر على أرض فلسطين، وقد اجتمع حينها رئيس الوزراء الصهيوني الأول (ديفيد بن غوريون) مع أعضاء الهيئة التأسيسية للجمعية اليهودية وأبدى شعورا بالطمأنينة والسعادة والرضى بعد المجازر الصهيوني التي ارتكبتها العصابات اليهودية الصهيونية عام 1948م، وتحدث لهم عن بدء تحقيق أحلام اليهود في إقامة وطنهم ودولتهم اليهودية.

إن التاريخ الفلسطيني والعالمي يسجل الدور الخبيث والماكر لبريطانيا في احتلال أرض فلسطين، وتسليمها لليهود، حتى أن التاريخ يسجل الجهود التي بذلها اليهود في التقرب من بريطانيا من أجل الحصول على هذا الوعد المشئوم، كما أن كان لليهود دورا في حصول بريطانيا على فلسطين كوصية عليها عند تقسيم البلاد العربية في اتفاقية (سايكس بيكو) المشئومة في مايو 1916م التي تمت بصورة سريا بين فرنسا وبريطانيا وروسيا وتم الاتفاق على اقتسام ميراث الإمبراطورية العثمانية من منطقة الهلال الخصيب.

وأنقل لكم في هذا المقال ما سجلته الوثائق التاريخية السرية حول أيام حرب عام 1948م حيث اتخذ القادة الصهاينة القرار بتهجير الفلسطينيين عن أرضهم في العاشر من مارس/ آذار عام 1948م عندما اجتمع القادة والضباط العسكريون ( الإسرائيليين ) في البيت الأحمر في مستوطنة (تل أبيب) ، ووضعوا خطط لقتل الفلسطينيين وتهجيرهم عن أرضهم يستغرق تنفيذها 6 شهور، وتم تنفيذ الخطط بصورة منهجية تهدف إلى تهجير الفلسطينيين عن أرضهم وتطبيق خطط التطهير العرقي التي تحدث في الحروب العسكرية.

وقد تحدث المؤرخ الصهيوني (إيلان بابه) في كتابه جرائم التطهير العرقي في فلسطين – عن ما حدث في نكبة فلسطين بعد حصوله على وثائق وأوراق من الأرشيف العسكري الصهيوني، وصفها بالتطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية، وما يرتكب هذه الجرائم يعتبرون مجرمون ويجب محاكمتهم أمام هيئات قضائية خاصة.

وقال المؤرخ الصهيوني بابه ” نعرف أسماء القادة العسكريون الذين خططوا لجرائم التطهير العرقي، عندما جلسوا في الطبقة العلوية من البيت الأحمر تحت ملصقات ماركسية الإيحاء كتب عليها شعارات ” إخوة في السلاح” ، و” القبضة الفولاذية” ورسوم تمثل ” اليهود الجدد” مفتولي العضلات ويصبون بنادقهم من وراء سواتر واقية ضد ” الغزاة العرب المعتدين”، كما قال في كتابة التطهير العرقي في فلسطين ” إننا نعرف أسماء الضباط الكبار الذين نفذوا الأوامر على الأرض، وجمعيهم شخصيات معروفة في هيكل عظماء البطولة ( الإسرائيلية)، وكثيرون منهم كانوا إلى فترة غير بعيدة أحياء يرزقون، ويؤدون أدوارا رئيسية في السياسية والمجتمع الإسرائيلي، أما الآن، قلة منهم لا تزال على قيد الحياة “.

وحسب الوثائق التاريخية التي اطلع عليها كاتب السطور حول النكبة فقد اتبع القادة الصهاينة خلال حروب النكبة أربعة خطط محكمة تحت عنوان خطط الاستيلاء على أرض فلسطين تم إعداد الأولى والثانية عام 1946م وتم وضع المعايير الخاصة بهذه الخطط والإمكانيات وعمليات التنفيذ، وقام القادة الصهاينة آنذاك بإجراء تعديل على هذه الخطط ودمجهم في الخطة الثالثة (ج) وهي ترتكز على: قتل القادة السياسيين الفلسطينيين، وقتل “المحرضين” الفلسطينيين الذين يقدمون دعمًا ماليًا لشعب فلسطين، وقتل الضباط والموظفين الفلسطينيين الكبار، وإلحاق الضرر بحركة النقل الفلسطينية، إلحاق الضرر الكبير بمصادر العيش الفلسطينية، وتدمير آبار المياه، ومهاجمة القرى الفلسطينية المجاورة، مهاجمة النوادي والمقاهي وأماكن تجمع الفلسطينيين، ثم قام الصهاينة بوضع الخطة الرابعة والشهيرة بـــ اسم ( خطة دالت) لبدء تنفيذ عمليات قتل الفلسطينيين وذبحهم وتهجيرهم من أرضهم وقد بدأ تنفيذ الخطة في العاشر من مارس عام 1948م، كما رسم الصهاينة خططًا لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين، وكانت هناك طرق أمامهم للهروب وترك منازلهم التي تم تدميرها وسرقتها، كما سرق اليهود خلال النكبة آلاف المخطوطات والوثائق التاريخية الفلسطينية، وسرقوا الصهاينة أرواق وسجلات الطابو الفلسطينية وحتى مفاتيح المنازل سرقوها، فضلاً عن مآسي القتل وجمع الفلسطينيين وتكبيلهم وإطلاق الرصاص عليهم.

اليوم وبعد مرور 68 عاما على اغتصاب أرض فلسطين يجب أن نتعلم جيدا من دروس التاريخ وأن ندرك أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأننا باقون في أرضنا المحتلة مزروعون كأشجار الزعتر والزيتون، وحتما سنعود لقرنا ومدننا المهجرة .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن