“نيوزويك” الاميركية: فلسطيني يقاوم سلمياً المستوطنات الإسرائيلية في الخليل

مواجهات

تعتبر مدينة الخليل من أقدم مدن العالم، وأصبحت بمثابة نقطة وميض للتوترات التي تجري في الضفة الغربية المحتلة، لأنها بنظر اليهود ثاني أهم مواقعهم المقدسة، حيث توجد أضرحة الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب، كما ينظر إليها المسلمون باعتبارها رابع أقدس المدن.

وبعد أقل من عام على احتلال القوات الإسرائيلية للضفة الغربية في ١٩٦٧، أنشأ مستوطنون يهود مستوطنة كيريات أربع، مطلقين حركة انتشار لمواقع يهودية عبر المدينة ذات الغالبية العربية.

وبحسب مجلة “نيوزويك” الأمريكية، طبقت قوات الأمن الإسرائيلية وبالتدريج، سياسة فصل جسدي في الخليل لحماية المستوطنين، لذا باتت حركة الفلسطينيين محكومة بشبكة من نقاط التفتيش، مما أدى لإغلاق مئات المتاجر وتهجير آلاف الفلسطينيين من بيوتهم في القسم القديم من الخليل.

بروتوكول الخليل

وتطبيقاً لبروتوكول الخليل لعام ١٩٦٧، قسمت المدينة التي كانت سابقاً تمثل المحور الاقتصادي في الضفة الغربية، إلى منطقتين “إتش١” للفلسطينيين، وتخضع للسلطة الفلسطينية، ومنطقة “إتش٢” الأصغر تحت الحكم الإسرائيلي، حيث يمنع الفلسطينيون من دخولها، وبقيت محال كانت سابقاً تغص بالحركة والنشاط خاوية وسط شوارع مهجورة.

ويقول مراسل نيوزويك إنه بعد دخوله عبر المنطقة إتش٢، واستدلاله على الطريق من خلال سلسلة من الكتابات الملونة بالأبيض والأزرق على صخور، وصل إلى بيت في حي تل روميدة الفلسطيني المجاور، والتقى بمجموعة من الجنود الإسرائيليين المسلحين يقومون بحراسة مستوطنة رامات ييشاي الملاصقة للحي.

وهناك أوقفه أحد الجنود الواقفين على تلة تشرف على منزل قصده المراسل وزميله المصور، وصاح بهم “ممنوع مقابلته”، ولكن بقي الرجلان في حالة انتظار وتوتر إلى أن سمح لهم آخر بعبور البوابة.

ويقول مراسل نيوزويك: “ذهبنا لزيارة عيسى عمرو، ناشط فلسطيني مؤسس حركة لا عنف تحمل اسم (شباب ضد الاستيطان)، ووافق على لقائنا في مركز الحركة، الذي يقع بجوار نقطة تفتيش إسرائيلية”.

إلهام غاندي

مستلهماً بفلسفة غاندي، أسس عيسى حركة “شباب ضد الاستيطان” عام ٢٠٠٧، داعياً للعصيان المدني ولاتخاذ إجراءات دون عنف، لتوثيق الاحتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي في الخليل والضفة الغربية.

ويقوم على حماية ٦٠٠ مستوطن يقيمون في الخليل، أكثر من ٢٠٠٠ جندي وسط سكان فلسطينيين يقارب عددهم ٢٠٠ ألف نسمة.

ويضيف مراسل نيوزويك “أشرف 5 جنود حاملين بنادقهم على المكان أثناء دخولنا، ونظرت إلى الأرض وأنا أمشي بسرعة عبر درب ضيق، ووجدنا عيسى يقف وسط شرفة، متجنباً أشعة شمس يوليو (تموز)، ونظرات الجنود في الباب المجاور، ودعانا للجلوس وقدم لنا الماء عند ظهيرة يوم من شهر رمضان”.

ويوثق عيسى وزملاؤه أعمال عنف يرتكبها جنود ومستوطنون إسرائيليون، لنشر الوعي بشأن الوضع المتوتر في المدينة، وفي العام الماضي، انتشر بسرعة فيلم صورته مجموعة عيسى حول جندي يوجه بندقيته لرأس فتى فلسطيني.

نبذ العنف

ويقول عيسى، وهو يستعرض صفحة الحركة على فيس بوك “نعمل دوماً على التسجيل، وتصوير ما يجري لحماية أنفسنا، ونعتقد أن الكاميرا أصدق شاهد يمنحنا القدرة على صيانة حقوقنا، نحن مجموعة فلسطينية ندعو لنبد العنف وللعصيان المدني، وسياسة اللاعنف ليست سلمية، والسلام يعني عدم الرد مطلقاً، ولكننا نرد على الممارسات الإسرائيلية بأساليب مختلفة”.

ويلفت المراسل إلى تنظيم المجموعة احتجاجات دون عنف وحملات وجولات مع منظمات لا حكومية مثل حركة “خرق الصمت الإسرائيلية”، كما تنظم الحركة ورش عمل ومشاريع لرفع درجة الوعي بما يجري في الحياة اليومية في ظل الاحتلال لمدينة الخليل، ولتحسين حياة من تضرروا بالقيود التي تفرضها القوات الإسرائيلية.

قاعدة عريضة

ويقول مراسل نيوزويك، اتسعت قاعدة نشطاء المجموعة التي لم يكن يربو عدد أعضائها عند إنشائها في عام ٢٠٠٧ عن ٥٠ ناشطاً، وهي اليوم قادرة على تنظيم تظاهرات تضم آلاف الفلسطينيين من المدينة.

وكان أكبر تجمع نظمته الحركة ضم أكثر من ٢٥ ألف متظاهر خرجوا تنديداً بالحملة الإسرائيلية ضد قطاع غزة الصيف الماضي، ويؤيد عيسى أسلوب “المقاومة المجتمعية” في مقابل العمل الفردي.

يقول عيسى بتفاؤل إنه “ليس عملاً فردياً، بل هو نابع من كافة أطياف المجتمع، لا يمكن لأحد أن يقهر شعباً إن شارك الجميع”، ورغم ذلك يشير إلى أنه “ليس جميع الفلسطينيين يقاومون الاحتلال خوفاً من القمع أو العقوبة”.

وتحمل حملة الحركة الرئيسية عنوان “افتحوا شارع الشهداء”، احتجاجاً على إغلاق الإسرائيليين لمئات المحال الفلسطينية لما يشير إليه عيسى بأنه “شارع أوكسفورد” الخليل، والمعروف حالياً بأنه مكان مهجور داخل المنطقة إتش٢، حيث لا يسمح بالدخول إليه سوى للأجانب والمستوطنين اليهود.

وكان “شارع الشهداء” أغلق بعد مذبحة وقعت عام ١٩٩٤، حيث قتل المستوطن باروخ غولدشتاين ٢٩ فلسطينياً داخل المسجد الإبراهيمي خلال شهر رمضان، وأعيد افتتاح الشارع وإغلاقه ثانية عدة مرات خلال السنوات اللاحقة، لحين اندلاع الانتفاضة الثانية في عام ٢٠٠٠، عندما أغلقت القوات الإسرائيلية الشارع نهائياً.

ويقول عيسى: “الحياة اليومية هنا مستحيلة، إنها ليست حياة، ولا يمكن وصفها بأنها حياة، إنها عبارة عن ملاحقات يومية وابتزاز يومي، أنت لا تشعر بالأمان في منزلك، ولا تشعر بالأمان عند خروجك من بيتك، ويمارس المستوطنون العنف البدني واللفظي والرمزي”.

ويضيف: “إنهم يغيرون هوية مدينتنا، بتنا نفقد شوارعنا ومحلاتنا ومدينتنا، ولا نستطيع الوقوف متفرجين على ما يجري إنهم يعتدون على أشجار زيتوننا، وعلى أنابيب مياهنا، ويرمون الحجارة على بيوتنا، أخاف على حياتي، ولكن هذا واجبي ولا معنى لحياتي إن لم أدافع عن حقوق أبناء شعبي بطرق سلمية”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن