نيويورك تايمز: السيسي يتبع نهج روسيا والصين في الحكم

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إنه من الغريب هذا القلق والتوتر الذي بدا على تصرفات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، على الرغم من أنه ليس هناك من ينافسه؛ بل إن المرشح الوحيد الذي تقدم للمنافسة هو شخص غير معروف، ولم يكلف نفسه حتى الشروع في حملة انتخابية.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه بحسب موقع للمراهنات، تصل خسارة السيسي في هذه الانتخابات من 1 إلى 500، وأيضاً فإن معظم مراقبي الانتخابات في جميع أنحاء مصر ينظرون إلى ما بعد الانتخابات على اعتبار أن نتيجتها محسومة.

وتابعت: “مع اقتراب موعد الانتخابات، كانت غريبةً حالةُ التوتر التي بدا عليها السيسي، فبعد أن شنّ حملة اعتقالات شملت العديد من منافسيه، فإن لهجة التهديد والوعيد كانت واضحة في كلامه مؤخراً بعدة مناسبات حضرها، فضلاً عن أن الحكومة المصرية طردت مراسل بريطانيا، من دون تفسير”.

واستطردت أن “أنور السادات، المرشح السابق للانتخابات، الذي ترك السباق الرئاسي بسبب قلقه على سلامة العاملين في حملته، قال إن الأمر مُربك للغاية؛ لدى السيسي كل شيء، كل شيء في متناول يده، إذن لماذا الخوف؟!”.

وأضافت: “يقول الخبراء والدبلوماسيون في القاهرة، إن التصويت لن يكون سوى يوم لاستكمال المسرحية، على غرار ما حصل في الصين وروسيا الأسبوع الماضي”.

وبحسب الصحيفة، فإن حالة من الانزعاج والسخط بدأت تتشكل داخل المؤسسة الأمنية حيال تصرفات السيسي، ويبدو أنه قد لمسها، ما جعله يشعر بالتوتر والقلق.

ومضت تقول: إنه “منذ المراحل الأولى للانتخابات المصرية، حضر التوتر، فبعد أن تقدم اثنان من الجنرالات السابقين للسباق الرئاسي، عمد السيسي إلى اعتقالهما، حيث وضع أحدهما بالسجن، والثاني يقال إنه موجود في فندق تحت الإقامة الجبرية”.

المحللون، أكدوا أن لا فرصة أمام أي مرشح للفوز على السيسي؛ فهو يحتفظ بتأييد واسع بسبب حملته الصارمة ضد التشدد الإسلامي، ولكن ردود فعله تجاه أي معارضة، كانت غريبة، وفق الصحيفة الأمريكية.

ونقلت “نيويورك تايمز” عن روبرت سبرينجبورغ، الباحث في كلية كينغز كوليج، قوله: إن “التحدي الأكبر أمام السيسي، هو تلك المؤسسة الأمنية القوية التي نجحت في الإطاحة بسلفه، محمد مرسي”.

فرعون أم مملوكي؟

وتابعت الصحيفة تقول: “غالباً ما يتم تشبيه قادة مصر الحديثة بالفراعنة، في إشارة إلى القوة والانضباط، وهو ما سعى السيسي إلى ترسيخه في أذهان المصريين؛ فظهر وهو يقف في طليعة مركب يعبر قناة السويس، وأيضاً ظهر وهو يقف وخلفه الإهرام، ولكن هناك مقاربة تاريخية يبدو أنها أكثر ملاءمة لواقع السيسي، كما يقول البعض”.

وأشارت إلى أن “ما يقوله البعض هو أن السيسي أقرب إلى مملوك منه إلى فرعون، في إشارة الى طبقة المماليك التي حكمت مصر ثلاثة قرون في العصور الوسطى، حيث استندت قوتهم إلى عصبة من الأتباع الذين فعلوا كل شيء من أجل ديمومة الحكم لأسيادهم”.

وتتحدث الصحيفة عن القوة التي يتمتع بها الرئيس المصري، موضحة أن “تحت سلطة السيسي وقيادته المباشرة، دائرة ضيقة من الجنرالات ورؤساء الأمن، وهي دائرة تتمتع بسلطة اقتصادية وسياسية واسعة، وتشرف على إمبراطوريات الأعمال والإعلام السري، وتعمل على قمع أي تلميح يصدر من المعارضة”.

وبيَّنت أن “عملية فك الرموز داخل العمل الداخلي لهذه الدائرة، أمر صعب للغاية، ولكن يبدو أن الانتخابات هذا العام قد رفعت الغطاء عن جزء من هذه الدائرة المغلقة”.

وفي تعليقها على عملية اعتقال منافسيه، قالت إيمي هوثورن، الخبيرة في الشؤون المصرية بمشروع ديمقراطية الشرق الأوسط، إن ما أقْدم عليه المرشحان أحمد شفيق وسامي عنان، هو أنهما كانا يريدان أن يقولا إن السيسي يقوم بفعل سيئ، وإن مصر بحاجة إلى قيادة جديدة، بحسب “نيويورك تايمز”.

السيسي الذي اعتقل معارضيه، نفى في مقابلة تلفزيونية أن يكون هو وراء اعتقالهم، وقال: “أقسم بالله، إنني كنت أتمنى لو كان هناك المزيد من المرشحين؛ حتى يكون أمام الناس فرصة للاختيار، ولكنهم لم يكونوا مستعدين للترشح، وليس في ذلك عيب”.

ومع خروج منافسيه عن مسار الانتخابات، تقول الصحيفة الأمريكية، سعى السيسي إلى تعزيز أوراق اعتماده على المؤسسة العسكرية؛ إذ أطلق حملة واسعة ضد مقاتلي تنظيم الدولة بسيناء، وفي الشهر الماضي ظهر السيسي وهو يرتدي زيه العسكري القديم، في محاولة لمدّ جسور الود مع العسكر.

السيسي للأبد؟

وذكرت الصحيفة أن بعض المحللين يرون أن السيسي يعمل على تعزيز سلطته بالانتخابات، وهو يتجه إلى فترة رئاسية ثانية، وأيضاً يتجه لتعديل الدستور لتصل الفترة الرئاسية إلى ستة أعوام وليس أربعة.

وأشارت إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التي قادها السيسي، أضرت بطبقة الفقراء نتيجة ارتفاع مؤشر التضخم، على الرغم من أنها جاءت ببعض النتائج كما عبَّر عن ذلك صندوق النقد الدولي.

وسلطت الصحيفة الضوء على وجود دعم خارجي للسيسي، لافتةً النظر إلى أنه “يتمتع بدعم من الحلفاء الأجانب مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وولي عهد السعودية محمد بن سلمان، الذي أجرى زيارة إلى القاهرة استمرت ثلاثة أيام”.

وسلطت الصحيفة الضوء على ما وصفته بـ”قرارات مثيرة للجدل” اتخذها السيسي، “فبحسب دبلوماسي غربي كبير في القاهرة، فإن دور الجيش البارز في إدارة الاقتصاد لا يحظى بشعبية لدى رجال الأعمال وبعض الضباط العسكريين”.

وتابعت: “أيضاً، فإن قرار السيسي تسليم جزيرتين في البحر الأحمر للسعودية، هما تيران وصنافير، قوبل بمعارضة حتى بين كبار مسؤولي وزارة الدفاع، وهو ما يمثل نقطة ضعف للسيسي، فحتى لو سعى لتجاوزها، فإن المصريين لن ينسوا ذلك”.

وترى أن “السيسي على الرغم من أنه يحظى بدعم القيادة العليا في المؤسسة العسكرية، فإنه بات يعتمد أكثر على دائرة ضيقة، ويعتمد أكثر على عائلته؛ فابنه محمود صار شخصية بارزة في دائرة المخابرات العامة، وهو أحد المحاورين الرئيسين مع المسؤولين الأمريكيين في واشنطن، ولديه ابن آخر يعمل بدائرة مكافحة الفساد”.

وأشارت إلى أن “الانتخابات لن تكون مؤشراً على شعبية السيسي ولا يمكن الاعتماد عليها؛ فالمعارضة المصرية ضعيفة وممزقة، وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، هي الجماعة الوحيدة التي يمكن لها أن تقف بوجه السيسي”.

وذكرت الصحيفة أنه “في أغسطس الماضي، اقترح عضو في مجلس النواب المصري الموالي للسيسي، إجراء تعديل دستوري بزيادة المدة الرئاسية، وهو ما دعا إليه أيضاً السيسي في نوفمبر الماضي”.

وختمت بنقل ما قاله أنور السادات، السياسي المعارض، بأن المعارَضة المصرية بدأت تستعد من الآن لانتخابات 2022. وتساءلت “نيويورك تايمز”: “إذا حدث تغيير دستوري يزيد الفترة الرئاسية، فإنه سيكون أمراً مقلقاً، فهل سنرى نموذجاً صينياً؟ هذه هي القضية”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن