هذه هي اهداف روسيا الاستراتيجية…

روسيا وسوريا

مع كل التطورات التي تشهدها المنطقة، منذ الدخول العسكري الروسي المباشر للدفاع على نظام الرئيس السوري بشار الاسد ومواجهة الحرب على سوريا، قبل عام، يزداد مأزق صناع القرار الاسرائيلي الخارجين من صحوة تكسر الامال والاحلام، وسقوط الرهانات والخيارات التي عقدوها في الحرب الدائرة على سوريا، ليستفيق الاسرائيليون على حضور سياسي وعسكري روسي ضخم في المنطقة، يحمل اخطر ما يمكن ان يُقلق الاسرائيليين، حماية سوريا ورئيسها ونظامها والتنسيق مع ايران ومع «حزب الله» الذي اطَّلع على خارطة الطريق العسكرية الاستراتيجية الروسية في سوريا والمنطقة، مع تعزيز الخبرة القتالية وتنامي القدرات الصاروخية لعدو اسرائيل الاول الذي يمثله «حزب الله».

ولعل اخطر ما بات يُزعج الاسرائيليين من حضور “الوحش الروسي” وفق تعبير صحيفة “هآرتس” الصهيونية، ان منظومات الصواريخ الروسية الثقيلة قيَّدت سلاح الجو الاسرائيلي، حتى بات اقلاع اي طائرة اسرائيلية من قاعدتها، ضمن دائرة الرادارات الروسية.

تقييد سلاح الجو الاسرائيلي

قرأ الاسرائيليون جيدا ما جاءهم من تقارير تتحدث عن الخارطة التي تبين المجال الجوي للتغطية المتوقعة لمنظومة الصواريح الثقيلة، المدعومة من شبكات صواريخ مضادة للطائرات، موضوعة على سفن حربية روسية في مرفأ طرطوس في الساحل السوري.وبرأي المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» في تطوّرات النشاط العسكري الروسي في سوريا، فان خطورته تكمن في ان مجال الاسقاط لهذه المنظومة الصاروخية على مسافة تبلغ 400 كيلومتر، تغطي لبنان واجزاء كبيرة من الاراضي التركية والاردنية وحوض البحر المتوسط، الى ما وراء قبرص، وصولا الى اسرائيل( فلسطين المحتلة)  وحتى النقب.

ويستحضر المعلق الاسرائيلي ما جاء في صحيفة “واشنطن بوست” الاميركية  التي اكدت إن الأجهزة الروسية تقيِّد قدرة القصف من الجو للاهداف العسكرية لنظام ( الرئيس بشار) الاسد، وفي الوقت نفسه، تصعّب إيجاد مجالات جوية محمية ممنوعة من الطيران. وهناك تأثير للتعزيزات الروسية على اسرائيل،  وحسب الخارطة، فإن الطائرة الاسرائيلية لا يمكنها الإقلاع من موقع “تل نوف” بالقرب من «رحوبوت» دون أن تلاحظها الرادارات الروسية، مشيرا الى انه منذ تدمير الصواريخ السورية المضادة للطائرات عام 1982، يحظى سلاح الجو الاسرائيلي بالتفوق الجوي المطلق، وكذلك حرية العمل المطلقة في الساحة الشمالية. وقد انتهت هذه القصة في اللحظة التي قررت فيها موسكو تعزيز دفاعاتها الجوية في منطقة طرطوس.

ويقول: لقد قيّد الروس، وبدون جهد، سلاح الجو ( الاسرائيلي) الأقوى في الشرق الاوسط، وهذا التقييد ليس عسكريًا فقط، بل سياسيًا أيضا، لقد أقامت اسرائيل وروسيا أجهزة تنسيق مشتركة من اجل عدم حصول صدام جوي بينهما، والتقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أربع مرات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث كانت النية المعلنة هي منع الصدام في سماء سوريا،  وقد تبنى نتنياهو دون وجود خيار آخر، الحب الروسي. هذا تقرّب مفروض اضطرت اسرائيل الى الموافقة عليه،  منذ قرر «الوحش» الروسي دخول ساحتها الخلفية، ويعتبر ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما زال يسير على الحبل الفاصل،  لكن نوايا موسكو التي تبذل جهدًا لبلبلة وردع خصومها، يصعب تحليلها، ويعترف انه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، قلّصت الاستخبارات الاسرائيلية اهتمامها بروسيا، وهو امر لم يساعد في فهم اعتبارات بوتين وخططه.

عملية القفقاز 3

وفي تحليل نشرته مجلة “اشتونوت” التي يصدرها مركز الابحاث لمعهد الامن القومي،  للتدخل الروسي الواسع في سوريا، ومغزى ذلك استراتيجيا، يقول المحاضر في المعاهد العسكرية في هرتسيليا ديما ادامسكي، ان طريقة اتخاذ القرارات في الكرملين مدروسة ومنظمة تعتمد على التفكير الاستراتيجي بعيد المدى، والروس يعتبرون أنفسهم يدافعون عن النفس امام الاعتداءات الغربية، في شرق اوروبا (الصراع في اوكرانيا وعمليات توسيع الناتو) وفي العالم العربي (عمليات الناتو في ليبيا، والمحاولة الغربية من اجل تغيير النظام في سوريا)، التدخل العسكري في سوريا، كما كتب هو الخطوة الاولى من نوعها لروسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي والعملية الاوسع منذ الحرب في افغانستان في الثمانينيات. الخطوة التي تحمل الرمز السري “عملية القفقاز 3” تم التدرب عليها من قبل القيادة الوسطى لجيش روسيا، في الاشهر التي سبقت إرسال القوات الى سوريا في أيلول 2015. الدافعان الأساسيان هما الرغبة في الدفاع عن نظام ( الرئيس السوري بشار ) الاسد، وعن طريق ذلك الدفاع عن المصالح الروسية في سوريا وعلى رأسها ميناء المياه الساخنة في طرطوس والخوف من أن نجاح منظمات الجهادية التكفيرية في سوريا سيزيد من الارهاب الداخلي في روسيا.

حزب الله اطَّلع

على خارطة عمل روسيا

ويلفت الكاتب في الوثيقة الى ان اهداف روسيا تتمثل بكسر العزلة الدولية عليها، وإضعاف العقوبات التي فرضت عليها في اعقاب الحرب في اوكرانيا،  إرسال القوات الى سوريا حرف الاهتمام العالمي من التورط الروسي في شرق اوكرانيا وألزم الغرب بالتعامل مع موسكو كلاعبة اساسية في ساحة الشرق الاوسط والساحة الدولية. بعد عام من التدخل في الحرب السورية يستطيع الروس التفاؤل بحذر، أما اسرائيل فهي مختلفة، لأن «حزب الله» يساهم اليوم في الحرب التي تقودها روسيا، وقد اطلع “حزب الله” على طرق الحرب وطرق العمل التي بلورها الروس، هذه المعرفة قد تزيد قدرة “حزب الله” العسكرية، خصوصًا في مجال استخدام القوات الخاصة من اجل تحقيق انجازات هجومية في حال حصل صدام مستقبلي مع الجيش الاسرائيلي. الحقيقة المُرَّة للاسرائيليين … ان الوجود الروسي في سوريا غيَّر الواقع الاستراتيجي في المنطقة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن