هل تزحف الأزمة السعودية اللبنانية نحو مخيمات الفلسطينيين؟

مخيم عين الحلوة

 

يخشى فلسطينيو المخيمات اللبنانية من انعكاس استدعاء رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى العاصمة السعودية الرياض، للضغط على أهالي المخيمات في التحرك للوقوف ضد مليشيات حزب الله اللبنانية، وسط تأكيدات من الفصائل على تحييدها عن الأزمة في لبنان.

وبعد استقالة رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، توالت الاجتماعات بالمخيمات الفلسطينية اللبنانية والتي أكدت أهمية تحييدها عن التوترات الداخلية في لبنان، والحفاظ على العلاقات بين الفلسطينيين واللبنانيين، وعدم زجهم في ما يزيد معاناتهم.

وحول الضغط على الفصائل الفلسطينية من أجل الوقوف في وجه حزب الله أو توقيف أي تعاون بين المخيمات والحزب، قال النائب اللبناني خالد الضاهر: “هذا الكلام لا أساس له من الصحة، وهذه دعايات جماعة إيران بالمنطقة”.

وبين الضاهر أنه “عندما يشتد الصراع الطائفي العربي-الفارسي، أي عندما تعتدي إيران الصفوية الشيعية الفارسية على الدول العربية وأمنها، ويحاولون تمزيق العالم العربي والإسلامي، فسوف تشتد الأمور في كل المنطقة”، بحسب تعبيره.

وأوضح النائب اللبناني أن “السعودية لا تهتم بالفصائل الفلسطينية لتدافع عنها، المملكة اشترت الأسلحة للدفاع عن نفسها وعن الأمن العربي”. وبحسب رأيه فإن السعودية “تمتلك أسلحة صاروخية وطيراناً حديثاً وقوة عسكرية تتفوق بها على إيران، وإذا ما دخل معها حلفاؤها فستتطور الأمور”.

وجدير بالذكر أن الحريري أعلن استقالته من منصبه قبل أيام في خطاب متلفز من السعودية، راداً قراره إلى “مساعي إيران لخطف لبنان وفرض الوصاية عليه، بعد تمكن حزب الله من فرض أمر واقع بقوة سلاحه”.

 

– تحييد المخيمات

حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أكدت أن “الوضع الفلسطيني في لبنان متماسك”، مبينة أنها “حريصة على إبعاد الوجود الفلسطيني عن الصراعات الداخلية”، وأنها “ستستمر في جهودها للمحافظة على الأمن والاستقرار بالمخيمات اللبنانية”.

جاء ذلك خلال استقبال الرئيس اللبناني، ميشال عون، الخميس 9 نوفمبر، وفداً قيادياً من “حماس” برئاسة عزت الرشق، عضو المكتب السياسي ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في الحركة.

وتأكيداً لتحييد المخيمات التقى وفد من “عصبة الأنصار الإسلامية” كلاً من منسق العلاقات الخارجية في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، شكيب العينا، والمسؤول السياسي لحركة “حماس” في منطقة صيدا ومخيماتها، أيمن شناعة، في زيارتين منفصلتين نتج عنهما تناغم الجهود لإبقاء الساحة الفلسطينية بعيدة عن التجاذبات السياسية اللبنانية، بحسب ما نشر موقع “بوابة اللاجئين الفلسطينيين”، الخميس 9 نوفمبر.

– الضغط على حماس

خطاب الحريري كان من الدولة الأكثر عداءً لإيران ومليشيات حزب الله اللبنانية، فالسعودية تسعى جاهدة لوقف المدّ الإيراني والضغط بكل الأوراق الرابحة التي تُنهي الحزب. ومن ضمن الأطراف التي يمكن الضغط عليها واستخدامها في التصدي لإيران حركة “حماس”.

إذ كشف مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، عن تفاصيل الزيارة المفاجئة للرئيس عباس إلى العاصمة السعودية الرياض، والملفات التي فتحت خلال لقائه العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وأكد أن “لقاء القمة الأخير أبلغت فيه السعودية عباس معارضتها للتقارب الأخير بين حركة حماس وطهران، خاصة بعد زيارة وفد الحركة برئاسة نائب رئيسها صالح العاروري إلى إيران، وتأكيدات قيادات الحركة على عودة العلاقات بين الطرفين، والإشادة المتبادلة بينهما”.

ولفت المسؤول إلى أن الرياض “منزعجة” من موقف حركة “حماس” الأخير من طهران، وطالبت عباس بالضغط على الحركة لتخفيف العلاقات مع طهران، و”الانضمام للصف والتحالف العربي في مواجهة نفوذها بالمنطقة”.

 

وكشف المسؤول ذاته أن الرياض تطرقت كذلك لملف لبنان، وطلبت من عباس إصدار أوامر للفصائل الفلسطينية داخل المخيمات في بيروت بإنهاء أي تحالفات مع حزب الله، وتوحيد كل الفصائل في خندق واضح لمواجهة الحزب بدعم مالي سعودي.

وأضاف: “السعودية تسعى لأن يُنهي الفلسطينيون أي ارتباطات عسكرية أو سياسية أو حتى مالية معها، والاستعداد للمرحلة المقبلة جيداً”.

وقال إن العاهل السعودي وعد الرئيس عباس بدعم “مالي سخي” لخزينة السلطة الفلسطينية، والمساعدة في مشاريع إعادة إعمار القطاع ورفع الحصار كاملاً عن غزة، في حال نجح بالضغط على حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في تغيير وجهة نظر الحركتين حول طهران ومنع تقاربهما معها.

– الفلسطينيون مكون أساسي

الكاتب والباحث اللبناني وائل نجم أكد أن “الاستقالة التي تقدم بها الحريري كانت مفاجئة، وواضح أنها جاءت بضغط من السعودية، وإن كان لها العديد من الأسباب من بينها الحرب أو الفوضى الداخلية، وهذا ترك أجواء من القلق وعدم الارتياح بالداخل اللبناني، والحراك الآن يحاول استيعاب أي شيء حتى لا تنزلق الساحة الداخلية إلى مواجهات مفتوحة”.

وحول الضغط على عباس من أجل الزجّ بالفلسطينيين أو انخراطهم للوقوف أمام حزب الله، قال نجم: “إننا لم نلمس في لبنان أي شيء من هذا القبيل، ولكن زيارته كانت محل استفهام من قبل الكثيرين؛ البعض ربطها بمحاولات ضغط سعودية على السلطة لعدم إنجاز المصالحة بين فتح وحماس، وخاصة بعد انفتاح حماس على طهران”.

وبين أنه “لا معلومات حول هذا الموضوع”، وأشار إلى أن “المكون الفلسطيني جزء أساسي اليوم من الساحة السنية اللبنانية”.

وأكد الباحث اللبناني أن “المخيمات الفلسطينية في لبنان تعرف مصلحتها، وهناك فصائل منظمة التحرير الفلسطينية أو غير المنضوية معها أكدت في تصريحات لها أنها تريد الحفاظ على استقرار لبنان والمخيمات فيه، وتخشى من أي عملية أمنية عسكرية فيها”.

وأوضح نجم أن “اللاجئ الفلسطيني سيدفع الثمن حتماً، من تدمير المخيمات وإرجاع الفلسطينيين، ولم ينس الفلسطينيون أحداث مخيم نهر البارد سابقاً، وأظن أن اللاجئين أعقل من دخول أي مواجهة. وسط التأكيدات التي تطلقها الفصائل”.

وتقدر وكالة “أونروا” عدد الفلسطينيين المسجلين رسمياً في لبنان بـ449.957 لاجئاً. وبالرغم من أن هذه الأرقام صدرت عن المكتب الإعلامي لرئاسة الأونروا فإنها غير دقيقة؛ لأنها تعتمد على معلومات يتقدم بها اللاجئون طواعية ليستفيدوا من الخدمات التي يستحقونها، وكذلك لا تشمل الأرقام الزيادة الطبيعية.

وهناك أشخاص يعتبرون لاجئين حقيقيين نزحوا عن فلسطين عام 1948، أو أشخاص ينحدرون منهم مباشرة ولم يسجلوا لدى الأونروا مطلقاً.

ومن المخيمات المعترف بها لدى الأونروا: نهر البارد، البداوي، برج البراجنة، ضبية، مار الياس، عين الحلوة، الرشيدية، برج الشمالي، البص، شاتيلا، ويفل (الجليل)، المية مية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن