هل تعتبر زيارة المعلم لمسقط بدء حوار سوري جديد؟

سوريا

كانت أول زيارة يقوم بها مسؤول سوري كبير لدولة خليجية عربية منذ أكثر من أربعة أعوام، أقوى علامة إلى الآن على وجود دفعة دبلوماسية جديدة لإنهاء الحرب الدائرة في سوريا، لكن ما زالت هناك عقبات ضخمة لا بد من تذليلها قبل البدء في أي عملية لإحلال السلام.

الإخفاق التام لا يزال حتى الآن مآل المساعي الدبلوماسية خلال الحرب الأهلية السورية، التي أحدثت انقساما في الشرق الأوسط، وأودت بحياة ربع مليون نسمة، وساقت أكثر من عشرة ملايين آخرين بعيدا عن ديارهم، وأسقطت قطاعات شاسعة من سوريا في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

لم يحدث أي اتصال مثمر فعليا بين الدول العربية السنية الداعمة للمعارضة المسلحة التي تحارب الرئيس بشار الأسد وبين دمشق أو داعميها الرئيسيين: إيران وروسيا.

لكن بعد التوصل لاتفاق نووي الشهر الماضي بين طهران والقوى العالمية، وبعد الخسائر التي تكبدتها قوات الحكومة السورية على أرض المعركة هذا العام، ظهرت دلائل على حدوث ما قد يكون أول حوار حقيقي منذ أعوام.

فقد التقى وزير الخارجية السوري مع نظيره العماني في مسقط أمس الخميس لبحث الأزمة بناء على دعوة وجهتها سلطنة عمان حليفة الولايات المتحدة التي تحاشت حتى الآن التدخل في الأزمة السورية والتي لعبت من قبل دور وسيط الصلح الإقليمي بما لها من علاقات طيبة مع إيران.

وقال دبلوماسي يتابع الأحداث في سوريا: “هناك تحرك ضعيف نحو نوع من الحل. إذا توصلت روسيا وإيران والولايات المتحدة والسعودية لاتفاق.. فسيكون هناك اتفاق”.

وفي دلالة أخرى على حدوث تحول، ذكرت وسائل إعلام روسية ومصدر في موسكو أن “من المقرر أن يقوم ممثلون عن المعارضة السورية الرئيسية التي يدعمها الغرب، والتي طالما تشككت في روسيا بسبب مساندتها الأسد بزيارة العاصمة الروسية الأسبوع المقبل للقاء مسؤولين من بينهم وزير الخارجية سيرجي لافروف”.

وكان التحالف الوطني لقوى الثورة السورية قاطع محادثات سلام جرت في موسكو في كانون الثاني/ يناير، ونيسان/ أبريل تشككاً في روسيا واعتراضاً على تمثيل المعارضة في الاجتماع.

وقال المصدر إن “الروس سيرغبون في دفع التحالف الوطني للتعهد بالمشاركة في الاجتماع القادم الذي ستستضيفه موسكو”.

لكن كيفية حل الأزمة السورية ما زالت فكرة غير واضحة ولا يوجد سوى مجرد اتفاق واسع على الحاجة للمحاولة مرة أخرى.

ولا تزال الأطراف تفتقر لحل واضح يعالج سبب الخلاف الرئيسي ألا وهو مصير الأسد في أي تسوية تنهي الحرب. فهو يقول إنه لن يتنحى في وقت تشهد فيه بلاده اضطرابا بينما يقول خصومه إنه لن تكون هنا تسوية سلمية إلى أن يرحل.

وقال الدبلوماسي: “الناس تفكر تفكيرا سليما الآن لكنهم ما زالوا متشبثين بمواقفهم”.

ويقول دبلوماسيون إن “روسيا وإيران حليفتي الأسد تقفان وراء المسعى الأخير لإحداث انفراجة في أعقاب الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع إيران في 14 تموز/ يوليو الماضي”.

وقالت إيران التي تزود الأسد -مثلها مثل روسيا- بدعم عسكري ومالي إنها ستطرح قريبا خطة على الأمم المتحدة لإحلال السلام في سوريا.

وتناول لافروف الأزمة السورية مع نظيريه الأمريكي والسعودي في قطر هذا الأسبوع في اجتماع غير معتاد لشخصيات بمثل هذا المستوى تدعم أطرافا مختلفة في الصراع.

وقال دبلوماسي روسي يتابع الوضع في سوريا إن لافروف ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري “عادا من الدوحة بقدر من المهام، وإنهما بحاجة لتحديد الخطوات التالية”.

وطيلة الصراع كانت دمشق وحلفاؤها في موسكو وطهران أكثر تفاؤلا من خصومهم إزاء الخط الدبلوماسي، وكانوا يروجون لفكرة أنه يمكن إعادة تأهيل حكومة الأسد.

وكتبت صحيفة لبنانية مرتبطة بجماعة حزب الله التي تساند الأسد الأسبوع الماضي أن “اجتماعا سريا رفيع المستوى انعقد بوساطة روسية بين رئيسي جهازي المخابرات في سوريا والسعودية”.

لكن الرياض نفت هذا، ولم يتمكن مسؤولون غربيون من تأكيد التفاصيل. أما إن كان الاجتماع قد انعقد على مستوى أقل، فلن يكون هذا بالضرورة انفراجة وفقا لدبلوماسي ومحلل أمني يعتقدان أن دمشق والرياض تحدثتا من قبل عن مسائل فنية مثل تسليم متشددين سعوديين ألقي القبض عليهم في سوريا.

وقللت واشنطن من احتمال أن تسفر الحملة الدبلوماسية الأخيرة عن سلام رغم أنها عرضت مساندتها.

وقال كيري لصحافيين في الدوحة الإثنين الماضي: “بوسع الجميع أن يأمل في طي الصفحة لكننا نتأهب لاحتمال ألا يحدث هذا”.

وأضاف “أعلم أن الولايات المتحدة مستعدة لبحث أي خيار دبلوماسي قد يتحدث عن نفسه. لكن في هذه المرحلة الزمنية ومع الاحترام لسوريا وغيرها فإن هذا ليس هو الحال”.

وقال ستافان دي ميستورا -وهو ثالث شخصية تتولى رئاسة مفاوضات الأمم المتحدة لإحلال السلام في سوريا بعد أن انسحب إثنان قبله- إنه يعتقد أن الأطراف غير مستعدة للدخول في محادثات سلام.

المنطق الروسي

ظل مصير الأسد دوما حجر عثرة أمام إنهاء الصراع. وقال الدبلوماسي الروسي إن هذه العثرة يمكن تخطيها إن ساهمت القوى الكبرى في صياغة اتفاق شامل يتضمن توحيد قوات المعارضة والقوات الحكومية وإرساء انتقال سياسي.

وقال الدبلوماسي “لن يختفي من تلقاء نفسه. السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله حل مسألة الرئيس هو الانتخابات… الأمر يعتمد على الصفقة كاملة. لابد وأن يحصلوا على شيء في المقابل”.

وقد شهد العام الأخير خسارة حكومة الأسد لأراض منها ما هو أمام تنظيم الدولة الإسلامية ومنها ما هو لصالح فصائل معارضة أخرى تحظى بدعم خصوم الأسد العرب.

وربما شكل تحول رئيسي في استراتيجية تركيا في الأسابيع الأخيرة ضغوطا على حكومة الأسد تدفعها للسعي لاتفاق.

فقد وافقت أنقرة -العضو في حلف شمال الأطلسي والمعارض القوي للأسد- على السماح للولايات المتحدة وحلفائها باستخدام أراضيها في شن حملة جوية على الدولة الإسلامية. واستخدمت القوات الأمريكية يوم الأربعاء ولأولة مرة قاعدة في تركيا لتوجيه ضربة بطائرة بلا طيار في شمال سوريا وذلك قبل ما وصفته أنقرة بأنه “معركة شاملة” وشيكة على مقاتلي الدولة الإسلامية هناك.

إلا أن مثل هذه الخطوات قد تلحق أيضا ضررا بحكومة دمشق. وقد دعت تركيا لإقامة منطقة خاضعة للحماية في شمال سوريا وهو ما قد يخفف الضغط عن مقاتلي المعارضة الذين يحاربون قوات الحكومة.

وأعربت سوريا عن دعمها لجهود التصدي للدولة الإسلامية بشرط أن تجري بالتنسيق معها.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن