هل صار مقتدى الصدر صانع رؤساء في العراق؟

العراق

وكالات / وصف عمر النداوي، الكاتب العراقي المقيم في واشنطن، والمحاضر في التاريخ العراقي في معهد الخدمة الخارجية الأمريكي اقتحام متظاهرين للبرلمان العراقي، قبل أسبوع، بأنه تصعيد حاد للأزمة السياسية التي بدأت في العراق، منذ قرابة تسعة أشهر.

واقتحم محتجون عراقيون البرلمان العراقي كرد فعل على إخفاق النواب في التصويت على تعيين مجموعة جديدة من الوزراء، في إطار تعديل وزاري وعد بتحقيقه العبادي كجزء من خطة إصلاح عريضة، بهدف استبدال الحصص الحزبية الطائفية، عبر تعيين تكنوقراطيين مستقلين في مناصب حكومية عليا.

تقلبات

وعلى رغم تراجع التهديد للحكومة مع انسحاب المحتجين خارج مبنى البرلمان، يقول النداوي في مقال نشر في مجلة فورين أفيرز الأمريكية، إن الوضع لا يزال، مهتزاً مع عجز بغداد عن الابتعاد عن حافة الهاوية. ومن هنا، يدعو واشنطن إلى أن تقوم بدور فعال من أجل التوصل لتسوية بين رئيس الوزراء ،العبادي، والكتل البرلمانية التي تعارضه. ولأول مرة يجب أن تفتح واشنطن حواراً مباشراً مع مقتضى الصدر، الزعيم الشيعي الذي حارب القوات الأمريكية خلال الحرب العراقية، والزعيم الفعلي للاحتجاجات.

ويلفت الكاتب إلى اندلاع احتجاجات الأسبوع الماضي في أعقاب زيارة قام بها لبغداد، جو بادين نائب الرئيس أوباما، والذي حض السياسيون العراقيون على توحيد كلمتهم لمواجهة الأزمة، ولتأكيد دعمهم لخطط العبادي الإصلاحية. لكن دعوات بايدن لاقت آذاناً صماء، وهي تلفت للانقسامات الكبيرة بين الأحزاب السياسية العراقية.

مماطلة

ويقول النداوي إن النواب العراقيين دأبوا، منذ أشهر، على المماطلة، وخاصة بعدما خرجت، في الصيف الماضي، تظاهرات غير حزبية تدعو لمحاربة الفساد، ولاقت دعم كبير رجال الدين الشيعة في العراق، علي السيستاني، والذي أبدى تأييده للإصلاحات. ولكن السيستاني الحريص على الابتعاد عن العمل السياسي، بقي صامتاً، في فبراير( شباط) الماضي، عندما أعاقت جميع الأحزاب السياسية العراقية، باستثناء الموالية للصدر، مساعي العبادي لتطبيق إصلاحات. ولم تكن خطوتهم مفاجئة، لأنه وفقاً لإجماع عراقي تحقق بعد عام 2003، تقوم الأحزاب السياسية، لا رئيس الوزراء، بتعيين الوزراء ونوابهم، وسواهم من المسؤولين الكبار. ويفتقر هذا النظام للمحاسبة، ويهيئ فرص الفساد. وقد أعلن العبادي عن نيته تعيين وزراء غير حزبيين.

ملء فراغ

ويلفت الكاتب إلى أنه كان من شأن الدعوة إلى التغيير أن تنقضي عندما تراجع السيستاني، لولا تدخل الصدر لملء الفراغ، وتعيين نفسه كحامل لواء حركة الإصلاح. وقد حاول الصدر، وهو الذي تتشكل دائرته الانتخابية من الفقراء الشيعة، أن يلبي نداء محاربة الفساد على المستوى الوطني، وأن يتجاوز الانقسامات الطائفية. وفي عام 2012، حاول اتخاذ نفس الخطوة، عندما استعدى نوري المالكي، رئيس الوزراء آنذاك، السنة والأكراد، وحتى بعض الشيعة، من أجل تعزيز سلطته.

ويشير النداوي إلى دفاع الصدر علناًعن حقوق العرب السنة المهمشين، وانتقاده إقصاء المالكي لبعض الشيعة. وفي هذه المرة، طالب الصدر البرلمان بتعيين مجلس وزراء من غير الحزبيين والتكنوقراط، وقد هدد بإسقاط الحكومة، فيما لو فشلت في الاستجابة لمطالبه.

منافسة

في ذلك الوقت لم يخف الصدر، كما يقول الكاتب، حقيقة أن تنافسه على زعامة الشيعة مع المالكي الذي كان بدوره يهيمن على الحكومة، يشكل عاملاً رئيسياً لتحركاته. كما عمل الصدر على تأطير الصراع كشيء يجري بين إصلاحيين ومن يحلمون بفترة حكم ثالثة، وتلك إشارة إلى المالكي الذي أجبر على ترك منصبه لصالح العبادي، بعد هجوم داعش في صيف عام 2014. وقد ألقي اللوم يومها على المالكي لإغضابه أبناء الطائفة السنية عبر استهدافه زعماءهم السياسيين، وتفضيله الفاضح للشيعة، وتحديداً المنتمين إلى حزبه. وفي خطوة ذات دلالات، رفع المحتجون الذي اقتحموا البرلمان قبل أيام، شعارات مطبوعة كتب عليها” المالكي حثالة، زعيم النشالين”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن