هل يأخذ تنظيم الدولة اليمن نحو سيناريو العراق وسوريا ؟

داعش

نشرت صحيفة الهافنغتون بوست الفرنسية مقالا حول الصراعات التي يعيشها اليمن وإمكانيات استغلال تنظيم الدولة لهذه الظروف لبسط نفوذه كما حصل في دول أخرى.

وقالت الصحيفة في المقال الذي اطلعت عليه “عربي21″، وتنشر رابطه أدناه، إن اليمن يغرق يوما بعد يوم في الفوضى بعد أن وقع ضحية حرب أهلية برعاية سعودية إيرانية، بين الحوثيين الشيعة واللجان الشعبية السنية، وبعد أن فرّ الرئيس عبد ربه هادي منصور نحو المملكة العربية السعودية وغادر الدبلوماسيون الأجانب بسبب انعدام الأمن.

وأضافت أن المقاتلين الشيعة يحققون تقدما ميدانيا حيث نجحوا يوم الخامس من مارس/ آذار الجاري في السيطرة على مدينة عدن جنوب البلاد رغم القصف المستمر من قبل التحالف الذي تقوده السعودية بهدف عرقلة تقدم هذه الميليشيات، وهو تدخل اعتبرت الصحيفة أن السعودية تقوم به من أجل الحفاظ على مكانتها الإقليمية في قيادة الدول السنية (القتال في عدن لا زال مستمرا “عربي21”).

وبالتوازي مع هذه التطورات رأت الصحيفة أن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وتنظيم الدولة يحاول كل منهما الاستفادة من هذه الفرصة لتحقيق مكاسب ميدانية، حيث قام تنظيم الدولة بشن هجمات انتحارية في صنعاء ضد مساجد يؤمها المصلون الشيعة أوقعت ما لا يقل عن 142 قتيلا وهو ما اعتبره المحللون استعراضا للقوة مخيف من قبل هذا التنظيم خاصة مع احتدام المنافسة بين تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة بسبب الطموحات التوسعية التي يملكها هذا الأخير.

وأشارت إلى أن الشرق الأوسط يواجه اليوم خطرا محدقا من خلال تكرار السيناريو العراقي في اليمن، ونقلت في هذا السياق تعليقات للصحفي اليمني على البخيتي قال فيها أن “الإرهابيين لم يجدوا طريقة لإدخال البلاد في فوضى الحرب الأهلية الطائفية فأصبحوا يتعمدون استهداف المساجد وقتل المصلين على أمل أن يرد الطرف الآخر بنفس الطريقة وينخرط الجميع في صراع طائفي” ودعا هذا الصحفي الحوثيين “لعدم الوقوع في هذا الفخ”.

وتساءلت الصحيفة أمام انهيار السلطة المركزية في اليمن وتردي الأوضاع الإنسانية وتغلغل الحركات المتطرفة: هل أصبح اليمن في طريقه “للدوعشة”؟

ونقلت عن رومان كايي الباحث في المعهد الفرنسي لدراسات الشرق الأوسط قوله إن إنشاء دولة متطرفة في اليمن سيكون مرتبطا خاصة بقدرة السعودية وحلفائها على سحق المتمردين الحوثيين، فإذا لم ينجح هذا التحالف في حسم الأمور على الميدان فإن هذا سيغذي المشاعر المعادية للشيعة وهو أمر يعرف تنظيم القاعدة جيدا كيف يستفيد منه لكسب الشرعية والأنصار.

وأضاف هذا الباحث أنه من الواضح أن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية يحاول استغلال الفوضى لتنفيذ أجنداته الذاتية لأن عناصره يتصرفون وفق رؤية التنظيم وليسوا تحت إمرة السعودية كما يعتقد البعض.

فعندما يتعرض السنة للهجوم في منطقة معينة لا يذهب تنظيم القاعدة لمساعدتهم بل يركز على تحرير السجناء التابعين له والاستحواذ على المناطق الإستراتيجية عوضا عن التدخل مباشرة في الحرب، لأن هذا التنظيم يملك أسلوبه الخاص في محاربة الشيعة.

ولفتت الصحيفة إلى أن الصراع الدائر في اليمن ليس طائفيا بقدر ما هو صراع بين قبائل وتحالفات ولكن المجموعات المنشقة عن القاعدة والمنضمة حديثا لتنظيم الدولة تحاول تحويله إلى صراع سني شيعي ولا أدل على ذلك من أن العمليات التي قامت بها هذه المجموعات ضد المساجد هي عمليات تحمل بصمة تنظيم الدولة وهي مرفوضة تماما من قبل القاعدة.

ويبحث عناصر تنظيم الدولة من خلال عملياتهم عن تعميق الكراهية بين السنة والشيعة، وهي مشاعر تتحول في وقت لاحق عند المواطنين السنة إلى مشاعر تعاطف مع هذا التنظيم والتبرير لأفعاله وحتى الانضمام إليه.

من الناحية الدينية قالت الصحيفة إن العديد من علماء الدين اعتبروا أن شيعة اليمن المنتمين لمذهب الزيدية يمكن اعتبارهم أقرب للسنة من الشيعة، ورغم أن إيران تحاول دعمهم وربط العلاقات معهم فإن ذلك لا يعني وجود روابط دينية قوية بينهما.

واعتبرت أن الصراع الأصلي لا يتمثل إذا في صراع على الهوية الدينية ولكن تحوله إلى ذلك سيفيد تنظيم الدولة الذي تقوم خططه على التغلغل داخل المجتمع السني على غرار ما حصل في العراق وسوريا ولهذا يسعى هذا التنظيم لإزاحة تنظيم القاعدة من اليمن.

كما نقلت الصحيفة عن دومينيك توماس المختص في الحركات المتطرفة في مركز دراسات الإسلام والمجتمعات الإسلامية أن العلاقة بين التنظيمين في اليمن ليست ودية، إذ يمكننا على شبكة الإنترنت رؤية العديد من أنصار تنظيم الدولة ينتقدون القاعدة وأيمن الظواهري الذي يُنظر إليه على أنه رمز لتراجع التنظيم والفشل في خلافة أسامة بن لادن. ولكن المشكلة هي أن القاعدة لا ترد على هذه الانتقادات والاتهامات.

ونوهت إلى إن العديد من قياديي الصف الثاني في القاعدة يشعرون بنجاحات تنظيم الدولة وهو أمر يستفيد منه هذا الأخير كما استفاد من الانقسامات داخل السنة والضربات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة والتي أدت لإضعاف القاعدة في اليمن.

ميدانيا اعتبرت الصحيفة أن مغادرة القوات الخاصة الأمريكية في الثاني والعشرين من مارس/ آذار الماضي فسح المجال لعناصر تنظيم القاعدة لتحقيق مكاسب هامة، مثل استيلائهم يوم الجمعة الماضي على مدينة المكلا في محافظة حضرموت وهو ما يعني أن القاعدة ما زالت ممسكة بزمام الأمور في المنطقة رغم ظهور تنظيم الدولة.

وذهبت الصحيفة إلى إن اليمن أصبح مركزا للإرهاب في العالم حيث أثرت الدعاية التي تطلقها القاعدة من اليمن على أشخاص في كل أنحاء العالم على غرار الأخوين كواشي الذين نفذا الهجمات  على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية، كما يواصل هذا التنظيم استقطاب المقاتلين من كل أنحاء العالم رغم أن شبكات الاتصالات والتسفير عنده ليست متطورة مثل تنظيم الدولة.

وفي الختام خلصت الصحيفة إلى أن تكرار السيناريو العراقي والسوري في اليمن يبقى مستبعدا في الظروف الحالية وواردا في المستقبل ولكن السيناريو الأقرب للتحقق في اليمن هو ما حصل في ليبيا وأفغانستان.

تقرير رومان هيريروس

صحيفة الهافنغتون الفرنسية

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن