هل يجب على أصحاب الأعمال توظيف الرجال أو النساء؟

هل يجب على أصحاب الأعمال توظيف الرجال أو النساء؟

ألقى كل من الأستاذ المساعد في كلية هارفارد للأعمال كاثرين كوفمان، وكريستين إكلي بالتعاون مع أستاذ الاقتصاد بجامعة ستانفورد، موريل نيديرل الضوء في تجربة بحثية جديدة على الأسباب الرئيسية وراء قلة احتمالية توظيف النساء مقارنة بالرجال، رغم تطابق المؤهلات التي تتطلبها وظيفة ما لدى المرشحيْن الاثنين من الجنسين.

هذا، وقد توصلت الأطراف المشتركة في البحث الجديد إلى أن هناك أدلة مثبتة وكافية لتحليل ما وراء مواقف التحامل على المرأة وتمييز الرجل عليها في بعض المهام الوظيفية حول العالم، حيث تم تقسيم أوجه التباين في المعاملة إلى وجهين اثنين، وذلك بناءً على عدد من التجارب الفعلية عبر الإنترنت قد أجراها الباحثون للتحقيق في هذين الوجهين، وهما:

يستفزونك ويجبرونك على المواجهة؟ هكذا تتعامل مع العدائيين لفظياً

أولاً: التمييز الإحصائي، وهو وجه تقوم أصوله وجذوره على قناعات وأفكار تُبين متوسط الاختلافات بين النوعين من الذكور والإناث في القدرات والمهارات.

من جانبها تري الباحثة الأكاديمية كوفمان، أن المقصود بالتمييز الإحصائي تلك الخلفيات والقناعات المحددة بشأن الرجل في مواجهة المرأة، وما لذي يستطيع كل منهما أداءه ومنحه أو تقديمه، وبناءً على ذلك يتم انتقاء الشخص الذي يعتقد أنه الأصلح لتولى المهمة. وتضيف”كوفمان قائلة: “إن صاحب العمل الذي يمتلك ذلك المفهوم قد يظن أنه وببساطة يتصرف بطريقة من شأنها أن تزيد من أرباحه”.

ثانياً: التمييز القائم على أساس الذوق الذي تقوده وتحركه صور نمطية تتمثل في إحقاق الأفضلية لمجموعة والتحيز ضد مجموعة أخرى.

وتتشكل هذه الصورة عندما يدرك أحد أرباب العمل أن شخصاً بعينه من المؤكد أنه سيكون أكثر إنتاجية، إلا أنه يفضل أن يضحِّي به بعدم الاستعانة بمجهوداته أو منحه حق التوظيف؛ نظراً لتحيزه لفرد آخر قد يكون أقل أداءً إلا أنه يمتاز بصفات المجموعة نفسها التي يفضلها رئيس المؤسسة. في الوقت نفسه يؤكد الباحثون القائمون على تلك الدراسة أنهم لم يعثروا إلا على قلة قليلة تُعدّ لا تذكر من أصحاب ذلك التوجه خلال تجاربهم عبر الفضاء الإلكتروني.

ومن هنا توصل الباحثون القائمون على النص البحثي المـُعنون بـ”عندما لا تكون الأفضلية بين الجنسين حول النوع” إلى أنه على الرغم من أن التفرقة القائمة على أساس الذوق لم تكن قائمة، فقد وجدوا في تجاربهم أن التمييز الإحصائي هو الصورة الأكثر بروزاً في عوالم التوظيف.

الرجل أم المرأة؟

وفي محاولة لمحاكاة الواقع في مجال البحث عن وظائف وموظفين؛ أدى الباحثون تجربة حياتية فعلية عبر وسائل الإنترنت بشأن إتمام عمليات توظيفية حقيقية، والرغبة في تقدم 100 مشترك بدور الباحث عن فرص عمل، وفي مواجهتهم نحو 800 ممثل لدور صاحب العمل الباحث عن كوادر بشرية لمنحهم حق التوظيف.

هذا وتقع مهمة طرح الأسئلة على عاتق المسئولين عن عمليات التوظيف التي تمثلت في اختيار سلسلة من أسئلة المنافسات الرياضية في ألعاب متفرقة، بالإضافة إلى المسائل الحسابية وما يتعلق بعلم الرياضيات، فيما يُطلب من المتقدمين للوظائف ذكوراً وإناثاً توفير الإجابة عن تلك التساؤلات. وكقائمين على عملية البحث، تم الوضع في الاعتبار من الناحية النمطية أن أجوبة تلك النوعية من الأسئلة تعد الأسهل بالنسبة للرجل، وبالتالي سيكون أداء الرجل أفضل قليلاً من المرأة بتحقيقه متوسط أعلى من الإجابات الصحيحة؛ لينتهي الأمر إلى تقلص رغبة أصحاب العمل في توظيف المرأة على حساب الرجل.

ومن الدلائل الأخرى التي توصل إليها الباحثون المعنيون بالدراسة فكرة المحاباة والأفضلية داخل المجموعات المفضلة، والتحيز ضد من هم خارج تلك المجموعة، التي تتبنى المنظور الثاني لأوجه التفريق. ويوضح الباحثون الأكاديميون بالشرح أن بعض أصحاب العمل “القليلين” لديهم استعداد هائل لتوظيف أعضاء من المجموعات الأقل أداءً، في حالة اشتراكهم مع الرئيس في النوع سواء كان ذكراً أو أنثى، أو تصادف تطابق في شهر الميلاد. وهو الأمر الذي يبين لنا أن إبراز الهويات الاجتماعية الشخصية للمتقدم قد تكون لها تأثير كبير في عمليات الاختيار لنيل فرصة العمل.

التمييز الإحصائي هو خطر دائم ويصعب تحديده

خلاصة القول التي توصل إليها باحثو الدراسة هي أنهم أجمعوا بالموافقة على أن “التمييز على أساس الذوق” أمرٌ غاية في السوء خاصة إذا كان صاحب العمل يتحامل ضد الإناث ويرفض أن يمدهم بالوظيفة، إلا أن التمييز الإحصائي الذي يحوّل أصحابه قناعاتهم بخصوص متوسط التباين واختلاف القدرات بين الرجل والمرأة إلى أفعال ملموسة، هو الأمر الأخطر فضلاً على أنه من الصعب تمييزه، وربما يكون الأناس الذين ينتهجون ذلك النهج غير مدركين لأفعالهم المترجمة لقناعاتهم الشخصية. وفي حوارات نقاشية بشأن المفاهيم التي يتبناها أصحاب فكر التمييز الإحصائي، يسعى الباحثون إلى مساعد هؤلاء في كيفية إدراك وفهم العوامل المسببة في تشكيل قراراتهم الوظيفية بهذا الأسلوب.

كمتقدم للوظيفة، كن متمرناً على عبور فخوخ مكاتب التوظيف

لذا ينبغي عليك كمرشح لوظيفة رجلاً أو امرأة على وجه الخصوص، أن تكون/ي على وعي تام بأنه قد يكون لرئيس عملك أفكار مسبقة لها صلة بمقدور الاختلافات بين الذكور والإناث من حيث قدرات كل منهما على حدة في أداء المهام الوظيفية بموقع العمل، وهنا يتطلب منك أيضاً التقدم بمعلومات إضافية ذات قيمة وقد تفوق بعض القناعات أو المفاهيم التي يتبناها رؤساء المؤسسة التي تسعى للعمل بها.

وأخيراً.. محاربة التفرقة وتعزيز مفهوم الأفضلية للأفضل

ولكن ختام القول حقاً هو ما ذكرته كاثرين كوفمان إحدى القائمات على دراسة تلك الورقة البحثية التي تساءلت “كيف يمارس التمييز تجاه الأنثى بخصوص قرارات التوظيف؟”، حيث حرصت كوفمان في قولها على أملهم كمجموعة بحث في أن تؤدي هذه النتائج التي تم التوصل إليها في حث المديرين التنفيذيين بالشركات على إلقاء نظرة فاحصة على ما إذا كان المسؤولون عن إجراءات التوظيف لديهم معتقدات عامة حول الرجال مقابل النساء التي قد تؤثر بصورة كبيرة في قراراتهم بشأن المرشحين للوظائف.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن