هيلاري كلينتون.. هل تدخلها “الرشوة الروسية” قفص الاتهام؟

هيلاري كلينتون
هيلاري كلينتون

كتبت – ولاء عدلان

مرة أخرى يطل الشبح الروسي برأسه من قلب واشنطن، لكن هذه المرة قرر أن يحوم حول البيت الديمقراطي، مبتعدا قليلا عن الرئيس المثير للجدل دونالد ترامب، ليتحول إلى عنوان لفضيحة تحضر للمرشحة الديمقراطية الخاسرة في انتخابات 2016 هيلاري كلينتون، تتعلق بصفقة استحواذ شركة “روسآتوم” الروسية للطاقة على شركةUranium One الكندية التي تعد من كبرى الشركات المسؤولة عن تزويد واشنطن باليورانيوم.

منتصف الشهر الجاري بعث وزير العدل الأمريكي جيف سيشنز برسالة إلى الكونجرس يطالبه فيها بتسمية محقق متخصص للتحقيق فيما وصفه بسوء سلوك مؤسسة كلينتون الخيرية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة جاءت استجابة لرسائل سابقة للمجلس، طالب فيها الأعضاء بتعيين مستشار خاص للتحقيق فيما تم تداوله بشأن تلقي هذه المؤسسة لأموال روسية مقابل تسهيل صفقة يورانيوم وان.

وفي أكتوبر الماضي دعا كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي إلى إجراء تحقيق مع كلينتون بشأن الصفقة المشار إليها، فيما أعلن نواب جمهوريون أنهم يحققون في شبهات فساد تتعلق بمؤسسة كلينتون، متهمين كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل بالتقاعس عن توجيه اتهامات لهيلاري فيما يتعلق بإساءة استخدامها لبريدها الإلكتروني الخاص خلال انتخابات 2016.

صفقة مثيرة للشكوك

مؤسسة كلينتون هي منظمة خيرية غير ربحية عمرها 20 عاما يديرها الرئيس السابق بيل كلينتون وزوجته هيلاري، وبدأت الشبهات تحوم حولها مع نشر صحيفة “نيويورك تايمز” لتقرير يؤكد أنها تلقت نحو 2.35 مليون دولار تبرعات من رئيس ” يورانيوم وان”، قبل وبعد اتمام صفقة الاستحواذ تحديدا خلال الفترة ما بين 2009 -2013، كما حصل بيل كلينتون على مبلغ يقدر بنحو 500 ألف دولار عام 2010 من بنك استثماري روسي مقابل محاضرات ألقاها في موسكو، لكن هذا البنك هو ذاته ممول صفقة الاستحواذ، ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالية عام 2004 لفتح تحقيق موسع لكشف ملابسات الصفقة، وتوصل وقتها إلى أدلة تفيد بتورط مسؤولين في الصناعة النووية الروسية في جرائم رشوة وابتزاز وغسيل أموال من أجل الاستحواذ على كامل أسهم “يورانيوم وان”.

ويقول توم فيتون، رئيس هيئة الرقابة القضائية الأمريكية، في تصريح لصحيفة “ديلي سيجنال”، التحقيق الجنائي بشأن “يورانيوم وان ” في عهد باراك أوباما ربما تم إغلاقه لاعتبارات سياسية، لكن هناك الكثير من المعلومات الكافية لإدانة مؤسسة كلينتون بسهولة في حال تم فتح التحقيق من جديد.

استحواذ شركة “روسآتوم” الحكومية على أسهم “يورانيوم وان ” بدأ منذ العام 2009، كخطوة لتعزيز قوة موسكو داخل السوق الأمريكية، ففي يونيو 2009 تمكنت عبر ذراعها الاستثماري أرمز أورانيوم هولدينج من شراء نحو 16.6٪ من أسهم الشركة الكندية، وفي يونيو 2010 زادت أرمز حصتها إلى 51٪، مقابل شراكة في مشاريع في كازخستان، وفي يناير 2013 أعلنت الشركة الروسية سيطرتها الكاملة على “يورانيوم وان”، ضمن صفقة خضعت لشروط مكافحة الاحتكار وقانون الاستثمار الكندي وحصلت على موافقة اللجنة الأمريكية للاستثمارات الأجنبية، وهنا تكمن مشكلة كلينتون، إذ كانت وقتها عضوة بهذه اللجنة بصفتها وزيرة الخارجية، ومع ظهور تقارير صحفية تفيد بتلقي مؤسستها الخيرية لتبرعات من “يورانيوم وان”، كان من الطبيعي أن تحوم حولها الشكوك، لا سيما وأن هذه الصفقة كانت محل لانتقادات عدة تتعلق بتأثيرها على الأمن القومي، إذ تسمح لموسكو بالسيطرة على واحدة من كبرى شركات إنتاج الوقود النووي.

تشتيت أم تصفية للخصوم

واعتبرت مصادر في البيت الأبيض بحسب ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” مطلع الأسبوع الماضي، أن قرار إعادة فتح التحقيق في صفقة “يورانيوم وان” قد يكون نابعاً من رغبة وزير العدل في البقاء في منصبه بعد تعرضه إلى انتقادات علنية من الرئيس ترامب على خلفية قراره التنحي عن التحقيق المرتبط بفضيحة التدخل الروسي في انتخابات 2016.

فيما رأت “واشنطن بوست” في افتتاحيتها منذ أيام، أن ترمب يحاول تشتيت جهود التحقيق، من خلال إثارة الغضب ضد هيلاري، مضيفة الحقيقة أن تقارير المخابرات تفيد بأن روسيا ربما سعت لدعم ترمب في الانتخابات لا لدعم هيلاري، وإذا كانت المؤامرة تفترض أن أشخاصا من “يورانيوم ون” قدموا أموالا لهيلاري مقابل تمرير الصفقة، فالمعلومات تشير إلى أن وزارة الخارجية التي كانت ترأسها كلينتون آنذاك كانت واحدة من تسع وكالات ممثلة في اللجنة المعنية بالموافقة على الصفقة، وأن اعتراض أي عضو باللجنة يحيل الاتفاق مباشرة إلى الرئيس، ما يعني أن هيلاري لم تكن صاحبة القرار في إتمام الاتفاق، حتى لو كانت روسيا حاولت التأثير عليها.

يقول الكاتب ريتشارد فرانكل في مقال نشرته “نيوزويك” بالأمس، تثبت الأيام أن ترامب لم يتجاوز خصومته مع منافسته الديمقراطية، فخلال حملته الانتخابية وصفها بالمجرمة وطالب بسجنها، وفي مطلع الشهر الجاري دعا مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل إلى التحقيق معها فيما يتعلق بصفقة “يورانيوم وان”، ومع إعلان وزير العدل عن تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الأمر، يتضح لنا أن الرئيس بات قادرا على استبعاد معارضيه بسهولة وبطريقة تمهد لتقويض الديمقراطية في بلادنا.. دعوات ترامب للتحقيقات الجنائية مع المعارضين السياسيين يجب أن تجعل الشعب يرتجف خوفا.

قد يكون مشهد تصفية الخصوم السياسيين بهذه الطريقة غير معتاد في الولايات المتحدة، لكن أيضا هيلاري ليست بعيدة عن الشبهات كما يظن البعض وحتى إن كانت لم تتورط مع الجنرال الروسي عبر صفقة “يورانيوم وان”، فهناك أدلة على قيامها بتمويل شركة أبحاث شهيرة خلال حملتها الانتخابية، بغرض الحصول على معلومات لاستخدامها ضد حملة ترامب.. إذا هي لعبة السياسة القذرة التي تفرض قواعدها على الجميع دون استثناء.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن