واللا العبري : تنازلات حماس الدراماتيكية قد تبشر بعهد جديد في غزة

المصالحة الفلسطينية

شهد قطاع غزة أمس لحظة تاريخية، دون أي مبالغة. لأول مرة منذ عشر سنوات، تعود السيطرة على المعابر الحدودية لأيدي السلطة الفلسطينية؛ هذه الخطوة قد يكون لها تداعيات مهمة، وخصوصًا بالنسبة لسكان القطاع، وعلى إسرائيل أيضا. إنها الخطوة المهمة الأولى لتطبيق الاتفاق بين فتح وحماس، ومن المحتمل أننا يجب أن ندرس من جديد الشكوك الكثيرة حول إمكانية تحقق مصالحة حقيقية.

فلنبدأ بالغزيين، منذ عشر سنوات اضطر سكان القطاع الذين طلبوا الخروج عبر معبر ايرز للمرور بنقطتي تفتيش حتى يصلوا للحاجز. نقطة 4-4 التي أقامتها حماس بعد وقت قصير من الانقلاب في 2007، و5-5 التي أقامتها السلطة الفلسطينية على مدخل ايرز. مشكلة السكان لم تكن مع حاجز السلطة، التي يتم من خلالها تنسيق الدخول ومرور المواطنين من قبل الجانب الاسرائيلي، بل بنقطة حماس، أفراد التنظيم كانوا يفحصون كل شخص يدخل أو يعود، من يدخل لإسرائيل ومن يخرج منها.

وكذلك في معبر كرم أبو سالم، فقد ألغت حماس موقعها خارج المعبر الذي كانت تستخدمه لأهداف أمنية واقتصادية، كل شاحنة كانت تمر بالمعبر اضطرت لدفع ضرائب لحماس؛ وكان ذلك بمثابة دخل عظيم لخزينة التنظيم، تقدر بعشرات الملايين من الشواكل سنويًا، إن لم يكن أكثر، لكنها الآن ألغت الموقع وأوقفت جباية الضرائب، وانتقلت السيطرة على المعبر للسلطة التي كان لها فعليًا أفراد داخل كرم أبو سالم، ومن الآن فصاعدًا هي الجهة المسؤولة عن جباية ضرائب تجارية.

لقد كان قرار حماس بإخراج موظفيها من المعابر خطوة مفاجئة، وهذا التنازل من طرف قيادة حماس في غزة لم يعجب الكثيرين داخل حماس.

لكن، نحن ما زلنا أمام أسباب غير قليلة تدفعنا للشك وتضع علامات استفهام، فعقوبات السلطة الفلسطينية على القطاع لم تُزل، كما استؤنف التنسيق الأمني بين اسرائيل والسلطة في الضفة الغربية ليعود كما كان في الماضي، والدليل على ذلك هو اللقاء المعلن لمسؤولي السلطة مع وزير المالية موشيه كحلون ومع منسق أنشطة الحكومة في المناطق يؤاف مردخاي، وكذلك الاعتقالات الذي نفذتها السلطة ضد نشطاء التنظيمات الإسلامية.

رغم كل ذلك؛ محتمل جدًا أن نكون على باب عهد جديد. أي مصالحة على النموذج الفلسطيني دون نزع حماس لسلاحها في القطاع، دون وقف العمليات في الضفة، لكن مع سيطرة مدنية للسلطة في القطاع، وربما أيضا على المدى الأبعد الذهاب لانتخابات. حماس – ويجب الاعتراف بذلك في هذه المرحلة – تقدم تنازلات دراماتيكية في المجال الأمني والاقتصادي.

نجحت حماس أيضًا باحتواء حدث صعب من الجانب الفلسطيني، تفجير النفق الذي استشهد به 9 أشخاص و5 مفقودين، حدث كهذا كان يقود في السابق لتصعيد غير بسيط؛ وكل ذلك يشير إلى أن هذه المرة هناك تغير في اتجاه حماس، فقيادتها معنية بالمصالحة، ليس هناك شك بذلك، والسؤال الآن فقط: ما هو النموذج؟

وماذا ستفعل إسرائيل في ظل الواقع الجديد في المعابر؟ هل ستستمر إسرائيل بالتفرقة بين الضفة والقطاع في كل ما يتعلق بدخول مرضى لإسرائيل؟ أو عمال لإسرائيل؟ هل من الممكن زيادة عدد التصاريح للدخول من معبر ايرز لإسرائيل في أعقاب هذه الخطوة؟ أمس، أمر مردخاي رئيس إدارة التنسيق والاتصالات في غزة عقب اجتماع مع ممثلي السلطة الفلسطينية لمناقشة عمل المعابر على الحدود مع القطاع.

من الممكن أن هذه الخطوة، وتحسن العمل في المعابر، بجانب فتح معبر رفح بعد أسبوعين مثلما وعدت السلطة الفلسطينية؛ ستؤدي لتحسن اقتصادي ملموس في القطاع. من ناحية أخرى، ستواصل حماس والجهاد حفر الأنفاق وتصنيع الصواريخ، ولكن على الأقل فإن السبب الإنساني الاقتصادي لحرب أخرى بين إسرائيل وحماس لن يصبح له علاقة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن