يوم التضامن مع الشعب لفلسطيني يعني العمل الجاد على انهاء الاحتلال

عضو اللجنة المركزية لحركة فتح

المفوض العام للعلاقات العربية والصين الشعبية

يحتفل العالم في مثل هذا اليوم من كل عام باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 32/40 بتاريخ 2 كانون الأول/ ديسمبر 1977، وقد اختير يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر لما ينطوي عليه من معانٍ ودلالات بالنسبة للشعب الفلسطيني. ففي ذلك اليوم من عام 1947، اتخذت الجمعية العامة القرار 181، الذي نص على تقسيم فلسطين إلى دولتين إسرائيلية وفلسطينية، وبناءً على هذا القرار قامت على الفور دولة إسرائيل على مساحة أكبر من تلك التي أقرها التقسيم، وحازت على اعتراف العديد من دول العالم وفي مقدمتها الدول الكبرى، وقبلت إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة بقرار أممي اشترط التزام إسرائيل بقرار التقسيم وقيام الدولة الفلسطينية، وبعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم، وتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم طبقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، أما دولة فلسطين فبعد مرور سبعة وستين عاماً على القرار، مازالت حلماً جميلا ينتظره شعبنا الذي لحقه ظلما تاريخيا لم يسبق له مثيل في العالم، إذ أن الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات ما يزال يعيش على امتداد سبعة وستين عاما جرائم فظيعة ارتكبت بحقه، وهو يتوق للحرية والعيش بكرامة وسلام فوق أرضه، ضمن دولته الحرة والمستقلة أسوة بشعوب العالم.

ونحن نحتفل واياكم بهذه المناسبة التضامنية العالمية، من حق شعبنا أن يتساءل في هذا اليوم، عن الحقوق التي نالها بعد مرور أكثر من سبعة وستين عاماً على نكبة الفلسطينيين الكبرى، وبعد سبعة وثلاثين عاما من صدور قرار الأمم المتحدة، باعتبار التاسع والعشرين من نوفمبر عام التضامن العالمي مع حقوق الشعب الفلسطيني.

وفي هذا السياق تبرز قضية اللاجئين الفلسطينيين على أنها القضية الأهم في إطار القضية الفلسطينية، حيث أصدرت هيئة الأمم المتحدة أكثر من خمسين قراراً يقضي بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء الطرد القسري وتدمير بيوتهم وقراهم، إلا أن الدولة الصهيونية رفضت على الدوام تنفيذ القرارات الصادرة عن الشرعية الدولية، وفي الوقت نفسه، يقف المجتمع الدولي عاجزا أمام هذه الدولة الصهيونية المارقة، والتي تعتبر نفسها فوق القانون الدولي، ولم تتمكن الأمم المتحدة من تجسيد قراراتها على الأرض في إجبار إسرائيل على تنفيذ تلك القرارات الدولية بشأن فلسطين.

أين نحن كمجتمع دولي من معاني ومفاهيم التضامن مع شعب، ما زال يخضع لأقسى القوانين العنصرية في العالم؟ وهل يكفي أن نطلق الشعارات ونصدر قرارات الادانة والشجب والاستنكار بهذه المناسبة، التي لا يمكن أن يكون لها معنى دون أن تقرن بتحرك دولي أخلاقي وإنساني وسياسي لانهاء آخر احتلال على الكرة الأرضية؟

إن الحكومة الإسرائيلية قامت وما زالت تقوم بأعمال قتل وتشريد واعتقال وتدمير لممتلكات الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى اليوم، فقد أصدرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ تأسيسها حزمة من التشريعات العنصرية التي عبرت عن النزعة الفكرية الاجتماعية الصهيونية لإضفاء الصبغة الشرعية على الاحتلال الذي سيطر على الأراضي الفلسطينية بفعل القوة، وتصاعد العدوان علي شعبنا، وقام بمزيد من مصادرة أراضي الفلسطينيين داخل الخط الأخضر والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وفرضت سلطات الاحتلال حصارا شاملا علي الشعب الفلسطيني، واستمرت في قتل وترويع المدنيين الفلسطينيين، وهدم بيوتهم ومصادرة أراضيهم، وبنت عشرات المستوطنات على حساب أراضي المواطنين في الضفة الغربية، بما في ذلك إقامة جدار الفصل العنصري، وتقطيع أوصال أرض فلسطين باقامة الحواجز العنصرية ” الأبرتايد ” والتي هي أسوأ مما كان عليه الحال في جنوب افريقيا. واستمرت بارتكاب جرائم الحرب ضد قطاع غزة، وما زالت تحاصره قهرا وظلما، بالإضافة إلى استيلائه على منابع المياه الجوفية، واستمراره باعتقال أكثر من سبعة آلاف أسير بينهم عدد من النساء والأطفال، والقادة الكبار والبرلمانيين.

وفرضت قوانين غير شرعية على مدينة القدس وسكانها، وتحدت مشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين من خلال مساسها بالأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية، وقامت بجملة من الممارسات التي اعتمدت وسائل تطهير عرقي للوجود الفلسطيني المسيحي والإسلامي في مدينة القدس، والتي تهدف إلى تهويد المدينة المقدسة واعتبارها عاصمة للدولة الصهيونية. وارتكبت ممارسات غير أخلاقية وغير قانونية على مرأى ومسمع العالم، وللأسف لولا الدعم والمساندة والانحياز الأمريكي السافر للدولة الصهيونية لما تمادت إسرائيل في التنكر والانتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني غير مكترثة بالقانون الدولي والشرعية الدولية، ولما استمرت في عدوانها البشع ضد شعبنا، وعيه فإن الجانب الإسرائيلي يتفنن في خلق الذرائع ووضع العراقيل أمام التوصل لسلام حقيقي، يعيش فيه الفلسطينيون والإسرائيليون بحرية وسلام، ويمعن في تعميق عذابات الشعب الفلسطيني، وحرمانهم من ابسط قواعد الإنسانية، حتى أنه يعمل على تحويل الصراع في المنطقة إلى صراع ديني، كما يحصل الآن في حرق المساجد والكنائس، ومنع المصلين من الصلاة في دور العبادة، والاقتحامات المتواصلة من المستوطنين المتطرفين لباحات المسجد الأقصى، وبحماية رسمية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ووصل الأمر بحكومة الاحتلال بالتصويت على قانون الدولة اليهودية القومية، هذا القانون الذي يهدد باستئصال ونفي وجود اكثر من مليون ونصف المليون من الفلسطينيين، أصحاب الأرض الأصليين من حدود هذه الدولة المزعومة. إن هذا القانون يشرع رسميا التمييز والعنصرية، ويكشف عن الوجه العنصري القبيح لدولة إسرائيل التي طالما تغنى العالم الغربي بأنها واحة من الديمقراطية في الشرق الأوسط.

إن هذا القانون يؤمن استمرار الهجرة لليهود من شتى أنحاء العالم إلى دولتهم القومية بفلسطين، وهو يعتبر اليهودية هي الأرقى والأعلى في الجنس البشري، ويتجاهل بغباء تداعيات ما تقوم به حكومة التطرف من جرائم وإحداث تغييرات غريبة، حتى أن أصوات زعامات يهودية كبيرة حذرت من خطورة هذا القانون على اسرائيل نفسها. اليست هذه الدولة تمارس ارهابا أكثر بشاعة مما تمارسه العصابات الارهابية المسلحة في العراق وسوريا وفي اكثر من منطقة في العالم، والتي هب العالم لتشكيل تحالفا دوليا وصل لأكثر من اربعين دولة لمحاربتها؟

بعد كل هذه الجرائم والفظائع التاريخية الارهابية، التي ارتكبتها الدولة الصهيونية المارقة بحق شعبنا الأعزل، والممارسة العلنية للتمييز والعنصرية ضد حقوق الانسان في فلسطين، الا تستحق هذه الدولة الفاشية تحالفا دوليا لردعها ووضع حد لممارساتها اللاانسانية واللااخلاقية، وكبح جماح تطرفها الذي لا يشكل خطرا على شعبنا فقط، وإنما على المجتمع الدولي بأسره؟

إن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يقتضي عدم مجاملة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ويعني اتخاذ الإجراءات الواجبة من المجتمع الدولي لفرض عقوبات اقتصادية وسياسية رادعة ضد هذا الكيان العنصري. كما يعني مقاطعة الكيان الصهيوني على مختلف المستويات وبخاصة التجارية والأكاديمية والثقافية، ووقف الاستيراد والتصدير والتعاون العسكري.

إن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يعني اتخاذ مزيد من الخطوات الجريئة والشجاعة من دول العالم، للاعتراف الفعلي بحقوق الشعب الفلسطيني ودولته الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس الشريف، وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى وطنهم وحل قضيتهم وفقا لقرار 194 .

إن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يعني فضح الممارسات الإجرامية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني، ومحاسبة إسرائيل وقادتها على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني على مدى احتلالها للأراضي الفلسطينية.

إن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يعني تحمل الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية، واتخاذ خطوات عملية لإجبار إسرائيل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا، وتمكين شعبنا من ممارسة حقه في تقرير المصير، وإقامة دولته الحرة المستقلة على ترابه الوطني. وأن تعود الولايات المتحدة الأمريكية إلى مبادئ الحرية والعدالة التي آمن بها الزعماء الأمريكيون لدى تأسيسها، وأن تنسجم المواقف الأمريكية مع مبادئ ويلسن لدى إنشاء عصبة الأمم المتحدة.

عند ذلك نستطيع أن نقول أن إعلان التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يصبح له معنى، ويصبح حقيقة واقعة على الأرض.

وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة، إلا أننا ماضون بكل قوة نحو تحقيق وحدتنا الوطنية الفلسطينية، الضمانة الأساسية لإنجاز مشروعنا الوطني… وبعزيمتنا القوية وإرادتنا الحرة نرفع درجة الاستعداد والإعداد لمواجهة التحديات الخطيرة وغير المسبوقة، والتي تستهدف الإنسان والأرض والعقيدة والوجود.

ونحن سنستمر في نضالنا وكفاحنا ومواجهة الاحتلال، ومصممون على التوجه للمؤسسات الدولية مسلحون بالإرادة القوية وعدالة قضيتنا وحقنا التاريخي بأرضنا، يحدونا الأمل بأن يكون هذا العام هو العام الأخير لهذا الاحتلال العنصري الفاشي، وتحقيق استقلال دولة فلسطين ذات السيادة الكاملة، وان يكون هذا اليوم الذي نحتفل فيه، هو يوم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لتأخذ مكانها الطبيعي إلى جانب الدول الأعضاء، فشعبنا يستحق أن ينعم بالحرية والاستقلال بعد هذه العقود الطويلة من العذاب والحرمان والمعاناة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن