الوطن اليوم / تقرير/ أسعد تلحمي
مع عودة الهدوء إلى الحدود الإسرائيلية – اللبنانية، عادت الانتخابات العامة التي ستجرى في 17 آذار (مارس) المقبل إلى واجهة اهتمامات الساحة السياسية والإعلامية في الدولة العبرية، مع إغلاق باب الترشيح وتقديم القوائم لوائح مرشحيها، ليلة أول من أمس.
وانشغل الجميع في قضية جديدة تتعلق بزوجة رئيس الحكومة سارة نتانياهو بعد الكشف عن أنها قامت بجمع قناني بلاستيكية وزجاجات فارغة من منزلها وأعادتها إلى الحوانيت (لغرض التدوير) لتقبض ثمنها (البخس) وتدرّه إلى جيبها. ورغم أن الحديث يدور عن مبلغ بسيط نسبياً (ثلاثة آلاف دولار خلال سنتين – دولار مقابل كل 16 زجاجة) إلا أن المعلقين تناولوا الجانب الأخلاقي في الموضوع وانشغال “السيدة الأولى” بأمر تافه لتربح بعض القروش، مع الإشارة إلى أن هذه الزجاجات التي فرغت في المنزل على موائد الزوجين وضيوفهما هي من خزينة الدولة وليس من جيبهما، لترتفع أصوات تطالب المستشار القضائي للحكومة بفحص ما إذا كان هذا السلوك ينطوي على مخالفة جنائية.
وعرّضت هذه القضية رئيس الحكومة إلى سيل من تعليقات متهكمة، من وسائل الإعلام المختلفة، وهو الذي كان قبل أيام دعاها إلى عدم التدخل في حياة زوجته في أعقاب إفادات لأشخاص عملوا في منزل العائلة عن “انفلات” الزوجة بالصراخ عليهم وتعامل فظ مع الخدم.
وكشفت صحيفة “هآرتس” أمس أن “مراقب الدولة” أرجأ نشر تحقيق أجراه حول المصروفات الزائدة على الكماليات في منزل رئيس الحكومة الرسمي وفي بيته الخاص، إلى ما بعد الانتخابات لترتفع أصوات تطالب المستشار القضائي بالتدخل لنشر التقرير فوراً. ولم يتبين بعد مدى تأثير هذه القضية على شعبية نتانياهو الذي ما زال في نظر غالبية من 41 في المئة من الإسرائيليين الشخصية الأنسب لمنصب رئيس الحكومة، يليه زعيم “المعسكر الصهيوني” الوسطي اسحاق هرتسوغ (35 في المئة).
وكان نتانياهو فاجأ مساء أول من أمس بترشيح الوزير السابق بيني بيغين في مكان مضمون في قائمة حزب “ليكود” بعد أن استبعدته الانتخابات الداخلية السابقة. واعتبر معلقون هذا التعيين “ضربة معلم” ونقاطاً إضافية لنتانياهو و “ليكود” نظراً إلى شعبية بيغين أولاً كونه نجل الزعيم التاريخي للحزب رئيس الحكومة السابق مناحيم بيغين، ثم حقيقة أنه يُعتبر “يمينياً ليبرالياً” قياساً بنواب الجناح المتطرف داخل الحزب الذين شكلوا في السنوات الأخيرة “جبهة مشاكسة” لنتانياهو.
وأفادت استطلاعات أمس أنه لو أُجريت الانتخابات اليوم لحصل “ليكود” على 25-27 مقعداً (يتمثل حالياً بـ 18) متقدماً على تحالف “المعسكر الصهيوني” المتشكل من حزبي “العمل” بزعامة هرتسوغ و “الحركة” بزعامة تسيبي ليفني (يتمثل حالياً بـ 21 مقعداً) بمقعد واحد.
وتأتي المقاعد الإضافية لـ “ليكود” أساساً من الحزب اليميني المتطرف “إسرائيل بيتنا” بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي يتلاشى تمثيله من 13 مقعداً إلى خمسة، ومن حزب “شاس” الديني الشرقي بزعامة الحاخام أريه درعي الذي يتراجع تمثيله من 11 مقعداً إلى 7-9 فيما تأتي المقاعد الإضافية لـ “المعسكر الصهيوني” من حزب “يش عتيد” بزعامة وزير المال السابق يئير لبيد الذي تراجعت شعبيته بشكل لافت ويتوقع الاستطلاع حصوله على ثمانية مقاعد فقط وهو الذي خرج في الانتخابات الأخيرة مع 19 مقعداً.
كما يستفيد حزب المستوطنين الذي يمثّل التيار اليهودي الديني الصهيوني “البيت اليهودي” بزعامة وزير الاقتصاد نفتالي بينيت من تراجع “إسرائيل بيتنا”، إذ يتوقع الاستطلاع ارتفاع تمثيله من 12 إلى 15 مقعداً.
وتحصل “القائمة العربية المشتركة” على 12 مقعداً، وحزب “كلنا” بزعامة الوزير السابق موشيه كحلون على 7-8 مقاعد وهو نفس العدد الذي يحصل عليه حزب “يهدوت هتوراه” الديني المتزمت الأشكنازي. ويحصل حزب “ميرتس” اليساري على 5-6 فقط.
وتعني هذه الأرقام حصول المعسكر اليميني المتشدد (ليكود والبيت اليهودي) على 40 مقعداً، ويتوقع أن ينضم إليه حزبا المتدينين الحرديم (شاس ويهدوت هتوراه) ليصبح تكتلاً من 54 مقعداً. أما معسكر الوسط – يسار الوسط – اليسار الصهيوني (المعسكر الصهيوني و “يش عتيد” و “ميرتس”) والعرب فيحصل مجتمعاً على 49-51 مقعداً.
وحيال شبه التعادل هذا وعدم نجاح أي من المعسكرين في الحصول على الغالبية المطلوبة من المقاعد (61) لتشكيل الحكومة، فإن الكلمة الفصل لتحديد هوية الحكومة ستكون لحزبي “كلنا” و “إسرائيل بيتنا” اللذين يعتبران نفسيهما ممثلين عن “اليمين البراغماتي”، علماً أن قواعدهما الانتخابية يمينية لا تقل تطرفاً عن “ليكود” و “البيت اليهودي” لكنهما يلعبان دور “الاعتدال” حيال خلاف زعيميهما كحلون وليبرمان مع نتانياهو.
وفي حال تحققت هذه الأرقام في صناديق الاقتراع، لا يستبعد مراقبون أن تتشكل حكومة “وحدة” تقوم على الحزبين الكبيرين “ليكود” و “المعسكر الصهيوني” لتفادي ابتزاز الأحزاب الصغيرة.
(الحياة اللندنية)