أثار استشهاد الشاب الفلسطيني عدي التميمي، خلال تنفيذه عملية ثانية في القدس المحتلة، سخطا داخل الأوساط الإسرائيلية، إزاء الفشل في تحديد مكانه خلال 11 يوما.
ووجه كتاب إسرائيليون انتقادات إلى جميع وكالات المخابرات في الجيش والشاباك والشرطة، التي كانت تبحث عنه خلال أحد عشر يوما منذ تنفيذ عملية شعفاط دون جدوى، ما دفعها إلى اعتبار ما حصل فشلا أمنيا ذريعا، جعل التميمي يفكر في تنفيذ العملية التالية في مستوطنة معاليه أدوميم.
أمير بوخبوط المراسل العسكري لموقع واللا، أكد أن “نموذج التميمي يعني أن الحل الإسرائيلي المناسب لموجة الهجمات الفدائية لا يلوح في الأفق بعد، لأن إحدى المشاكل في وسائل الحرب الموجودة حاليا في الضفة الغربية والقدس المحتلة، هي مدى السهولة التي لا تطاق أمام المنفذين، بحيث تجعل إمكانية الحصول على السلاح واردة جدا بغرض تنفيذ الهجمات، ورغم أن الجيش والشرطة يقومان بالعديد من عمليات الاستيلاء على الأسلحة والذخيرة، كل أسبوع تقريبًا، لكنها تشكل قطرة في محيط مقارنة بحجم المواد التي تتدفق من حدود الأردن ولبنان إلى المناطق الفلسطينية”.
وأضاف في تقرير أن “ما قام به التميمي في الأيام الأخيرة في عمليتي شعفاط ومعاليه أدوميم يؤكد أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية ككل لا تقوم بما هو مطلوب منها من أنشطة مكثفة وعدوانية لوقف هذه العمليات الجادة، مع أن دوافع تنفيذها في محيط القدس والضفة الغربية للقيام كانت ملحوظة للغاية منذ عدة أشهر، وتخلق الإلهام للشباب الفلسطينيين لتنفيذها حتى من خلال التضحية بأنفسهم، فيما قلوبهم مطمئنة، لأنهم مستعدون لتقليد أسلوب التميمي وسواه في الهجمات”.
وأشار أن “حالة الدعم التي يقدمها عموم الفلسطينيين لهذه الهجمات ينبغي أن تشعل الضوء الأحمر في أجهزة الأمن الإسرائيلية، في ظل ما يعيشونه من إحباط متراكم من الاحتلال، والمشاكل الاقتصادية، ولولا دعم الجمهور الفلسطيني لهذه العمليات ومنفذيها، لكان التميمي تم اعتقاله بعد وقت قصير من هجوم شعفاط الأول، لكنه بدلاً من ذلك بدأ الشباب الفلسطيني حملة قصّ شعورهم لوضع مزيد من الصعوبات أمام أجهزة الأمن في عدم التعرف عليه من خلال الكاميرات الأمنية”.
وأكد أن “هجوم معاليه أدوميم في الساعات الأخيرة يثبت أن التميمي رغم أنه كان في مخبأ، فإنه لم يشعر بأنه يتعرض للمطاردة، بل إن لديه حرية التصرف التي سمحت له بإعادة التسلح والتخطيط بعناية للهجوم القاتل على الهدف التالي، وبالتالي فإنه من غير المحتمل رغم كل الجهود والموارد التي تم استثمارها بعد وقت قصير من الهجوم قبل 12 يومًا، وخلال كل هذه الفترة الطويلة، لم يتوفر لدى الشاباك والشرطة معلومات استخباراتية تؤدي للقبض عليه، ووقف خطواته، ومنعه من الخروج من المخبأ”.
تشير هذه الاعترافات الإسرائيلية المحاطة كثيرا بخيبة الأمل إلى أن هناك فجوة خطيرة أخرى تتمثل في طريقة العملية التي أتاحت للتميمي الهروب من حاجز شعفاط، وهو منطقة كثيفة نسبيًا، ومشبعة بالقوى الأمنية والكاميرات، ما يعني أنه قلّد هجوما مشابها جدا حدث في الأشهر الأخيرة في الضفة الغربية، المليئة بالكاميرات والدوريات ونقاط التفتيش، ويؤكد أن المسلحين الذين يصلون قرب المواقع العسكرية، ويطلقون النار، وينسحبون للمناطق المبنية بمساعدة آخرين، في المركبات، أو سيراً على الأقدام، إنما يتمتعون بدعم الفلسطينيين المحليين.
في الوقت ذاته، فإن ما حصل مع التميمي يعتبر مثالا واضحا على ما يمكن تسميتها مشاكل الردع الإسرائيلية، وتزايد الثغرات في طريقة عمل الأجهزة الأمنية، بعد أن كشف التحقيق أنه رغم الحواجز المنتشرة وتعزيز القوات، فإن التميمي استطاع اللجوء إلى مكان قريب من مكان العملية، وبدأ يستعد للهجوم التالي، ما يستدعي من أجهزة أمن الاحتلال، بعد أن استبدل الفلسطينيون البنادق بالسكاكين، ليس فقط تكثيف عناصرها في المواقع والطرق ونقاط التفتيش في المناطق المعرضة للهجمات، بل واتباع أساليب جديدة مثل تحليل طرق الهروب وكيفية الملاحقات، وزيادة وسائل جمع المعلومات.
صحيح أن جيش الاحتلال والشاباك والشرطة يزعمون أن مئات الهجمات الفلسطينية المسلحة تم إحباطها في الفترة الماضية، لكن مستوى العمليات التي تطورت في الأشهر الأخيرة يعني أن الاحتلال قد يكون بحاجة إلى عمل مختلف للحصول على نتيجة مختلفة، في ظل ما يتمتع به المقاومون من قدرات لافتة، وتفكير ميداني قادر على تجاوز كل إجراءات الاحتلال.
كذلك نشرت صحيفة “إسرائيل اليوم”، مقالا أقر بفشل الشباك ومحافل الأمن الإسرائيلية أمام الشهيد التميمي.
وقالت ليلاخ شوفال، إن “وصول التميمي إلى منطقة معاليه ادوميم وهو مسلح، ليس أقل من فشل لجهاز الأمن العام ومحافل الأمن الأخرى التي عنيت بالعثور عليه”.
وأضافت: “على مدى 11 يوما، جرت وراءه تفتيشات واسعة، اعتقل في إطارها أقارب له وحقق مع المشبوهين بمساعدته. ومع ذلك نجح في أن يفلت من أيدي مسؤولي الشباك الخبراء”.
وتابعت: “الفشل ليس فقط للشباك. ففي العملية الفتاكة التي قتلت فيها لازار، فإن القوة التي كانت في الحاجز لم تتصرف كما كان متوقعا منها. في أثناء العملية نجح التميمي في الوصول إلى الحاجز، وفي إطلاق النار على الجنود الذين كانوا يقفون فيه، وفي أن يفر من المكان دون أن يصاب”.
وكشفت كاتبة المقال الإسرائيلية أنه “في جهاز الأمن يقدرون بأن التميمي نفسه فوجئ أيضا من عدم رد القوة في العملية، ولم يصدق أنه سيخرج من المكان حيا”.
وقالت: “حتى لحظة إطلاق الرصاصة التي قتلته، فإن جهاز الأمن لم يعرف أين اختبأ على مدى كل تلك الفترة، وما الذي دفعه لأن يخرج من مخبئه الآن بالذات، ولماذا اختار تنفيذ العملية أمس بالذات، وفي معاليه ادوميم تحديدا”.
وانتقدت إسراع رئيس الوزراء يائير لابيد إلى نشر بيان يثني فيه على قوات الجيش، والشباك، والشرطة وحرس الحدود على مقتل التميمي، “فهذه المحافل فشلت”.