أفاد تقرير لشبكة “سي إن إن” الأميركية، صباح اليوم، السبت، بأن إيران تخلت رسميا عن أحد الخطوط الحمراء الرئيسية، التي كانت قد حددتها طهران في المحادثات الرامية لإعادة إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، ومثلت نقطة شائكة أساسية في الجهود المبذولة لتوصل إلى اتفاق.
ونقلت الشبكة الأميركية عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض، قوله إن إيران لم تطالب في ردها الذي أرسلته، يوم الإثنين الماضي، على النص الأوروبي المقترح لإحياء الاتفاق النووي، بإزالة “الحرس الثوري” الإيراني من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية.
وأضاف المسؤول أن “النسخة الحالية من النص، وما يطالبون به، تسقطه”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة رفضت الطلب مرارا وتكرارا “لذا إذا كنا أقرب إلى الاتفاق، فهذا هو السبب”.
وذكر المسؤول أن الإيرانيين أسقطوا أيضا مطالب تتعلق بشطب العديد من الشركات المرتبطة بالحرس الثوري، وأضاف أن “الرئيس (الأميركي، جو بايدن) كان حازما وثابتا على أنه لن يزيل التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري الإيراني”.
وفيما أوضح المسؤول أن التوصل إلى اتفاق الآن “أقرب مما كان عليه الوضع قبل أسبوعين، إلا أن النتيجة لا تزال غير مؤكدة، حيث لا تزال هناك بعض الفجوات، وسيوافق الرئيس بايدن فقط على اتفاق يلبي مصالح أمننا القومي”.
ولفت مسؤول آخر في الإدارة الأميركية تحدث كذلك لـ”سي إن إن”، إلى أن “التقدم من هذه النقطة فصاعدا قد يكون بطيئا، ولكن يبدو أن هناك زخما أكبر الآن مما كان عليه في العام الماضي”.
وأصر بايدن، منذ شهور، على عدم إزالة تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية من أجل إحياء الاتفاق النووي، المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”.
وفي تموز/ يوليو الماضي، قال الرئيس الأميركي، عندما سُئل عن هذا الخصوص، في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، عما إذا كان لا يزال ملتزما بإبقاء الحرس الثوري الإيراني بقائمة المنظمات الإرهابية، حتى لو كان ذلك يعني “قتل الاتفاق نهائيا”، فأجاب بايدن: “نعم”.
وفي حين يرى المسؤولون في البيت الأبيض، أنه بتنازل طهران عن هذا الشرط الذي كانت قد أصرت عليه خلال الفترة الماضية، فقد تمت إزالة عقبة رئيسية واحدة، غير أن هناك بعض النقاط الشائكة الأخرى، والتي تشمل رغبة طهران في ضمان تعويضها إذا انسحب رئيس أميركي مستقبلي من الاتفاق النووي، ومطالبتها بإغلاق تحقيق أجرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ 3 سنوات بشأن برنامجها النووي.
وأوضح مسؤولون أميركيون أن موقف إدارة بايدن بشأن هذه القضايا لم يتغير، وأضاف المسؤولون أنه “لا يزال يتعين على إيران أن تشرح للوكالة الدولية للطاقة الذرية سبب العثور على مواد نووية غير معلنة – آثار يورانيوم – في مواقع في عام 2019”.
وذكر المسؤولون أن الولايات المتحدة أوضحت أيضا لإيران أنها لا تستطيع إلزام الإدارات المستقبلية بالاتفاق، ولا تعد بتقديم تعويض في حالة انسحاب رئيس أميركي.
وأمس، الجمعة، أعلنت الولايات المتحدة، رفضها أي مزاعم من شأنها الترويج لتقديم واشنطن تنازلات لإيران في إطار مباحثات العودة الكاملة للاتفاق النووي.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية، إن التقارير التي تفيد بأن واشنطن قبلت أو تدرس تقديم تنازلات لإيران “خاطئة بشكل قاطع”.
وأضاف أن واشنطن مستعدة للالتزام والتقيد بواجباتها بموجب اتفاق عام 2015 “إذا كانت إيران مستعدة لفعل الشيء نفسه”.
ومن جانبه، ألمح المبعوث الروسي إلى محادثات فيينا، ميخائيل أوليانوف، إلى إمكانية الوصول إلى نهاية إيجابية للجهود الدلبوماسية التي بذلت على مدى أشهر طويلة بهدف إعادة إحياء الاتفاق النووي، خلال الأيام المقبلة.
وقال في تصريحات صدرت عنه أمس، الجمعة، من موسكو، إن الأطراف المشاركة في محادثات الاتفاق النووي قد تتوصل إلى إجماع بشأن إحياء الاتفاق في الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل”.
واعتبر أن “اتفاقا بشأن استعادة خطة العمل المشتركة الشاملة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) يمكن التوصل إليه في الأيام المقبلة”، مشيرا إلى أنه تم التوافق على العديد من البنود، فيما لفت إلى وجود 3 نصوص لإعادة إحياء الاتفاق النووي، لذا يحاول الاتحاد الأوروبي تقريب وجهات النظر.
وكان الاتحاد الأوروبي، منسق مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت الولايات المتحدة أحاديا منه قبل أربعة أعوام، قدم الأسبوع الماضي اقتراح تسوية “نهائيا”، داعيا طهران وواشنطن اللتين تتفاوضان بشكل غير مباشر، للرد عليه أملا بتتويج مباحثات بدأت قبل عام ونصف عام.
ويتفاوض دبلوماسيون من إيران والولايات المتحدة و5 دول (الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) منذ شهور في فيينا، حول صفقة لإعادة التزام طهران بالقيود على برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
وفي أيار/ مايو 2018، أعاد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، فرض العقوبات على طهران، بعد إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم في عهد سلفه باراك أوباما.
وتشير تقديرات المستوى السياسي في إسرائيل إلى أن إيران تستعد للتوقيع على الاتفاق النووي مع الدول العظمى، وبحسب مسؤولين سياسيين إسرائيليين، فإن طهران بدأت بالتمهيد للرأي العام الإيراني بإمكانية العودة إلى الاتفاق، رغم أن احتمالات ذلك “ليست مرتفعة”.
وقال المسؤولون الإسرائيليون “إننا نرصد بالتأكيد اقتراب إيران إلى الاتفاق. وبدأ الإيرانيون بإعداد الجهات الحكومية المختلفة وكذلك الرأي العام لإمكانية التوقيع على الاتفاق. وهذه الخطوة تأتي خلافا لحقيقة عدم وجود تقارب حقيقي بين مواقف الجانبين. وهناك توتر بينهما، لكن إجراءات التمهيد تنشئ زخما وخطابا أكثر إيجابية باتجاه الاتفاق”، وفق ما نقلت عنهم صحيفة “هآرتس”، يوم الخميس الماضي.
وأضافت الصحيفة أنه من الجهة الأخرى، يواجه المستوى السياسي صعوبة في تقدير كيفية تمكن إيران والولايات المتحدة من التفاهم بشأن اختلاف مواقف بينهما حول عدة مواضيع منعت توقيع الاتفاق حتى الآن. وتخشى إسرائيل بالأساس أن “تتراجع” الولايات المتحدة عن تعهداتها تجاهها في إطار سعيها لإنجاز الاتفاق.