بقلم الكاتبة : تمارا حداد
جرت اولى انتخابات فلسطينية عام 1996 بناءً على اتفاقية أوسلو حيث تشير المادة الثالثة منه الى ضرورة إجراء انتخابات عامة حرة ومباشرة لاختيار أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، هذا الأمر يُؤكد أن الانتخابات تمت حسب الناحية القانونية بناء على اتفاقيات أوسلو واستحقاقاتها، ولكن على أرض الواقع اتفاقيات أوسلو لم تُلبي ادنى الحقوق الشرعية للفلسطينيين مما ادى الى فشل الاتفاق وبالاحرى انتهاء اتفاق أوسلو منذ عام 1999، والحديث عن إجراء الانتخابات الفلسطينية قريباً يتم طرح سؤال، هل ستحدث الانتخابات حسب اتفاق أوسلو رغم انتهائه؟ ام ستحدث وفق اتفاقيات جديدة مستحدثة او معدلة من اتفاق اوسلو؟ ام ان هناك بالفعل انفكاك سياسي عن الاحتلال؟
عندما صرح الرئيس ابو مازن من على منبر الامم المتحدة باجراء الانتخابات العامة، يُشير هذا التصريح الى ان الرئيس ابو مازن جاد باجراء الانتخابات ولكنها غير واضحة المعالم، فهل ستكون انتخابات تشريعية فقط ام تشريعية ورئاسية بمرسوم واحد، ام انتخابات تشريعية ورئاسية بمرسومين مختلفين؟
عندما تحدث الرئيس ابو مازن عن الانتخابات بمحمل خطابه أشار إلى شمولية إجراء الانتخابات بالقدس والضفة الغربية وقطاع غزة وهذا يعني انه معني باجرائها بكل مكان، ولكن هل إجرائها ستواجه تحديات؟ الجواب بالطبع، نعم.
ان اجراء الانتخابات في منطقة القدس ستواجه صعوبات وبالتحديد إن إسرائيل غير معنية بإجرائها في القدس كون إجراء انتخابات تشريعية في القدس يُؤكد شرعية الفلسطينيين في القدس ولا ننسى ان امريكا أهدت القدس عاصمة لإسرائيل رغم مخالفتها للقوانين الدولية حول القدس، ولكن إذا حدثت الانتخابات في القدس قد تحدث ضمن ضواحي القدس الشرقية، وهذا الامر يُشير الى ان قد تكون إحدى ضواحي القدس عاصمة مستقبلية لفلسطين، وهذا غير مقبول محلياً ولا اقليمياً ولا دولياً باستثناء الداعمين الرسميين لإسرائيل.
وعندما أشار الرئيس ابو مازن بان الانتخابات ستطال القطاع، اعتقد ان حدوثها في القطاع ليس بالأمر السهل وقد لا تقبل بعض أطراف من حركة حماس حدوثها حتى لا يسقط نظامها وبالتحديد بعد شعور المواطن الفلسطيني في القطاع بالظلم وعدم توزيع الموارد بشكل عادل على سكان قطاع غزة فقد تخسر حماس نفوذها في القطاع.
وهنا نشير الى صعوبة حدوث الانتخابات في القدس والقطاع لتبقى سيناريوهات تأجيل الانتخابات بضعة اشهر او سنتين او اجراؤها في الضفة الغربية فقط وهذا امر لا يقبله احد فهو يكرس الانفصال .
مطالب عديدة:-
هناك مطالب عديدة لإجراء الانتخابات والان حركة فتح تطالب باجرائها كفيصل بينها وبين منافسيها، وبينما حماس ترى ان الانتخابات يجب أن تتم بعد تحقيق التوافق الوطني وتزامن التشريعي والرئاسي.
احتلال حضاري:-
قد يستغرب البعض بأن إسرائيل تريد ان تحدث هذه الانتخابات ليس لمصلحة الفلسطينيين بل لمصلحة عليا لاسرائيل لتقول للعالم ان الانتخابات الفلسطينية ستجري تحت مظلتنا واشرافنا وهذا الامر يُعطيها وجهاً جميلاً على اعتبار ان اسرائيل” احتلال حضاري يؤمن بالديمقراطية الشفافة والنزاهة وإعطاء فرص للغير والتغيير”.
وهذا الامر يشير ان اجراء الانتخابات هو تنفيذ آخر لاتفاقيات جديدة مع الاحتلال وكأن شرعيتنا مستمدة من انتخابات هي اسرائيل تريدها، واذا حدثت الانتخابات هي لن تجري الا بموافقة اسرائيل وإشراف دولي.
الا في حالة واحدة وهي “اذا كان الرئيس ابو مازن يريد ان يلتزم بالانتخابات بعيدة عن هذه الاتفاقيات المستحدثة من اوسلو وهذا مؤشر جيد كاسلوب انفكاك سياسي عن الاتفاقيات القائمة، وهنا إسرائيل سترفض اجرائها”.
نجاح الانتخابات الفلسطينية:-
نجاح الانتخابات فقط في حال اجرائها وفق معايير مهنية وقانونية، اما اذا كان المعيار حساب داخلي او خارجي فان الانتخابات ستفشل.
خيارات عديدة:-
1. إجراء انتخابات في شهر ايار السنة المقبلة.
2. تأجيل الانتخابات بحجة الحفاظ على الوحدة الوطنية.
3. نقل صلاحيات المجلس التشريعي للمجلس المركزي لمنظمة التحرير وهو أمر غير مقبول.
4. إجراء الانتخابات بعد المصالحة.
5. إجراء الانتخابات بعد سنتين بعد تصفيات داخل حركة فتح وتطورات على الساحة الامريكية والعربية وتغيير محاور وسقوط انظمة، وليس فقط لفتح بل لحماس ولكل الفصائل، ليبقى الشعب هو المُحكم الوحيد لهذه الانتخابات.
6. في عام 2007 تم تغيير بعض القوانين الانتخابية لعام 2005 بحيث يكون المجلس التشريعي الجديد نصفه مُنتخب ونصفه مُعين إلى مُعين بالكامل وقد يُطرح هذا الامر رغم عدم قانونيته.
بالمحصلة سواء تمت الانتخابات او لم تتم فانها يجب ان تظل جُزءا من رزمة الإصلاح السياسي واداة من ادوات ترتيب البيت الفلسطيني وليس مدخلاً اضافياً للشرذمة والانقسام، مهم تنفيذ الانتخابات هام كاستحقاق شرعي وديمقراطي بعد حل المجلس التشريعي، ومهم تنفيذها للوصول لإصلاح وطني وسياسي واقتصادي واجتماعي، واختيار ممثلين عن الشعب بكافة اطيافه بعيداً عن التعيين، والاهتمام بالمصالح الوطنية العليا بعيداً عن المصالح الفصائلية والأجندات الخارجية.