تواجه حكومة الدنمارك احتجاجات شعبية بعد أصبحت أول دولة أوروبية تشرع في إلغاء تصاريح الإقامة لبعض اللاجئين السوريين، بحجة أن دمشق والمناطق المجاورة لها آمنة.
وقال تقرير إن قلة من الخبراء يتفقون مع تقييم السلطات الرسمية في الدنمارك واتخاذها هذه الخطوة التي تتصدر عناوين الأخبار منذ أيام.
وكانت تجمع حوالي 1000 شخص خارج البرلمان الدنماركي في كوبنهاغن يوم الأربعاء الماضي للاحتجاج على خطط الحكومة لإعادة بعض السوريين الذين يأتون من المنطقة المحيطة بالعاصمة دمشق.
ومنذ قرار الحكومة الدنماركية، فقد تم سحب تصاريح أكثر من 189 سوريًا. وتشير إحصائيات الدنمارك إلى أن حوالي 35500 سوري يعيشون حاليًا في الدنمارك – معظمهم من اللاجئين الذين وصلوا منذ بداية الحرب في وطنهم في عام 2011.
وأعرب المجلس الدنماركي للاجئين عن رفضه لقرار الحكومة إعلان أجزاء من سوريا آمنة، واصفا إياه بأنه “غير مسؤول”. وقالت شارلوت سلينتي، الأمينة العامة للمجلس: “على الرغم من أن الحرب لم تنته ولم تُنسى ، تعتقد السلطات الدنماركية أن الظروف في دمشق جيدة للغاية بحيث يمكن الآن إعادة اللاجئين السوريين إلى هناك.
قصة صطوف
وكانت اللاجئة السورية فايزة إبراهيم صطوف، البالغة من العمر 25 عامًا قد فرت من الحرب الأهلية في سوريا مع عائلتها في رحلة عبر البحر إلى أوروبا، حيث وصلت العائلة إلى الدنمارك وحصلت على حق الحماية الخاص باللاجئين عام 2015. ومع ذلك، بعد ست سنوات، قالت لها السلطات الدنماركية إن عليها أن تغادر البلاد.
وتقول فائزة صطوف لموقع (يورونيوز) بقلق واضح: “لا توجد قوانين في سوريا يمكن أن تحميني كما هو الحال هنا في الدنمارك”، مضيفة “أبي مطلوب في سوريا، لذلك بالطبع سيتم اعتقالي عند عودتي”.
دوافع الحكومة
وفي السنوات الست الماضية، تعلمت فائزة صطوف اللغة الدنماركية، وأنهت الثانوية بنجاح وهي الآن تدرس لتصبح ممرضة، وفي الوقت ذاته تعمل أثناء وقت فراغها في محل سوبرماركت.
ولا تفهم فائزة دوافع الحكومة الدانماركية لترحيلها وغيرها من النساء، فالدنمارك بنظرها “دولة شجعت على الاندماج وتحتاج إلى ممرضات وسط جائحة كورونا”.
وفي الوقت الحالي، لا يشمل القرار إلا الأشخاص القادمين من مناطق معينة من سوريا والذين حصلوا على لجوئهم الأولي بسبب فرارهم من الحرب الأهلية. فهو لا يشمل أولئك الذين يمكن أن يثبتوا وجود تهديد معين يطال حياتهم، مثل الرجال الذين قد يواجهون التجنيد الإجباري في جيش نظام الأسد.
ويشير موقع (يورونيوز) إلى أنه نظرًا لعدم وجود علاقات دبلوماسية بين الدنمارك وسوريا، لا يمكن إرسال من يرفضون مغادرة البلاد إلى سوريا. وبدلاً من ذلك، سيتم إرسالهم إلى مراكز الترحيل، بعيداً عن عائلاتهم، دون تصريح بالعمل ولا استفادة من دروس تعليم اللغة الوطنية.
النساء العازبات
ومن المرجح أن يتم إرسال النساء العازبات إلى مركز الترحيل كيرشو فيدغارد، وهو مجمع يقع على بعد 300 كيلومتر (185 ميل) غرب كوبنهاغن. الوصول للمخيم محدود للغاية، لكن صوراً بحوزة الصليب الأحمر تظهر بنية تحتية هشّة حيث يُحظر الطهي وتقييد الأنشطة. حتى دروس اللغة الدنماركية غير مسموح بها.
ويشير التقرير إلى هذه السياسة هي نتاج حكومة يسارية يقودها الاشتراكيون الديمقراطيون، والتي أصبح موقفها من الهجرة مشابهًا لموقف الأحزاب اليمينية المتطرفة بعد سنوات من الهجرات الكبيرة التي بلغت ذروتها في عام 2015 مع وصول مليون وافد جديد إلى أوروبا. أدت الأعداد الكبيرة من الأشخاص القادمين من إفريقيا والشرق الأوسط إلى بروز خطابات شعبوية من سياسيين معادين للهجرة والمهاجرين في جميع أنحاء القارة.
رؤية رئيسة الوزراء
وعلى الرغم من انخفاض أعداد طالبي اللجوء في الدنمارك منذ ذلك الحين، لا سيما أثناء الوباء، كررت رئيسة الوزراء الدانماركية مته فريدريكسن في يناير الماضي رؤيتها المتمثلة في ” خلو الدانمارك من أي طالب لجوء”. وتقول الحكومة الدنماركية إنها أوضحت للسوريين منذ البداية أنهم لم يُعرض عليهم سوى حماية مؤقتة.
وأدان بعض الناشطين في مجالات حقوق الإنسان استنتاجات الحكومة الدنماركية بشأن تقارير الخبراء التي رفعت إليها وحذروا في بيان مشترك نشرته هيومن رايتس ووتش من أن “ظروف العودة الآمنة غير متوفرة حاليًا في أي مكان في سوريا”
وفي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، بما في ذلك ضواحي دمشق وأجزاء كثيرة من وسط سوريا كانت سابقا تحت سيطرة المعارضة سابقًا، استقر الوضع الأمني قليلا، لكن أحياء بأكملها دمرت، ولم يعد لدى الكثير من الناس منازل يعودون إليها في حين أن الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء تكاد تكون غير موجودة.
وعلاوة على ذلك، يستمر نظام بشار الأسد بالتجنيد الإجباري كما تنتشر الاعتقالات العشوائية والاختفاء القسري.