قُتل 54 شخصاً على الأقل في حريق أتى على مركز لعزل المصابين بفيروس (كورونا) المستجد في مستشفى في وسط مدينة الناصرية الواقعة على بُعد 300 كلم جنوب بغداد، وفق ما أعلن مسؤول طبي عراقي مساء الإثنين.
وعقد رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اجتماعاً طارئاً مع عدد من الوزراء والقيادات الأمنية للوقوف على أسباب وتداعيات حادثة حريق مستشفى الإمام الحسين في الناصرية في محافظة ذي قار.
وقال المكتب الإعلامي للكاظمي إنه توجه للمحافظة عقب الكارثة، واتخذ عدة قرارات بعد الاجتماع الطارئ:
1. البدء بتحقيق حكومي عالي المستوي، للوقوف على أسباب الحادثة.
2. توجيه فريق حكومي فورا إلى محافظة ذي قار، مكون من مجموعة من الوزراء والقادة الأمنيين، لمتابعة الإجراءات ميدانياً.
3. سحب يد وحجز مدير صحة ذي قار، ومدير المستشفى، ومدير الدفاع المدني في المحافظة وإخضاعهم للتحقيق أعلاه.
4. توجيه مختلف الوزارات بإرسال مساعدات طبية وإغاثية عاجلة إلى محافظة ذي قار.
5. اعتبار ضحايا الحادث شهداء، وإنجاز معاملاتهم فورياً، وتسفير الجرحى ذوي الحالات الحرجة إلى خارج العراق.
6. إعلان الحداد الرسمي على أرواح شهداء الحادثة.
وكان الناطق الإعلامي لدائرة صحة ذي قار الدكتور حيدر الزاملي قال إن الحريق اندلع في مركز عزل مرضى (كورونا) ضمن المبنى الرئيسي لمستشفى الحسين التعليمي.
وأوضحت صحة ذي قار أن حادث مستشفى الحسين سببه حدوث حريق في مخزن إسطوانات الأكسجين.
وبين الضحايا ممرضة قضت في الحريق، الذي شهد تطوع المئات لتقديم المساعدة لإنقاذ المرضى المحاصرين.
وأوضح الزاملي أن “20 مريضاً تمّ إنقاذهم خلال عمليات الإخلاء التي جرت وشارك فيها عدد كبير من فرق الدفاع المدني”.
وأعلنت السلطات المحلية في المحافظة حال الطوارئ، واستدعت دائرة صحة ذي قار الأطباء المجازين إلى الالتحاق بعملهم.
وبعد السيطرة على الحريق، خرجت تظاهرة صاخبة أمام المستشفى وهتف المتظاهرون: “الله أكبر، الأحزاب حرقونا”.
وقال رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في تغريدة على تطبيق (تويتر): “فاجعة مستشفى الحسين دليل واضح على الفشل في حماية أرواح العراقيين وقد آن الأوان لوضع حدّ لهذا الفشل الكارثي”.
وأضاف الحلبوسي أن “البرلمان سيحول جلسة اليوم لتدارس الخيارات بخصوص ما جرى”.
فاجعة مستشفى الحسين دليل واضح على (الفشل) في حماية أرواح العراقيين، وقد آن الأوان لوضع حدٍّ لهذا الفشل الكارثي، والبرلمان سيحول جلسة اليوم لتدارس الخيارات بخصوص ما جرى.
— محمد الحلبوسي (@AlHaLboosii) July 12, 2021
وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي ألسنة النيران تلتهم المبنى الذي تصاعدت منه أعمدة الدخان الأسود.
وقالت المصادر إن الحريق سببه الإهمال المرتبط في أغلب الأحيان بالفساد، في بلد يبلغ عدد سكانه أربعين مليون نسمة، ومستشفياته في حالة سيئة وهاجر عدد كبير من أطبائه بسبب الحروب المتكررة منذ أربعين عاماً.
وكان العراق معروفاً حتى ثمانينيات القرن الفائت بمستشفياته في العالم العربي وبجودة خدماتها ومجانيتها. لكنه بات اليوم يعاني تدهوراً على هذا الصعيد وسط ضعف تدريب كوادره الصحيين وقلة موارد وزارة الصحة التي لا تتجاوز 2% من مجمل موازنة الدولة.
وأعلنت وزارة الداخلية في نيسان (أبريل) اندلاع سبعة آلاف حريق بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس)، كان سببها احتكاك كهربائي في متاجر ومطاعم أو مبان، فيما تضرب البلاد حالياً موجة حر تجاوزت الخمسين درجة مئوية.
وفي نيسان (أبريل) الماضي، اندلع حريق مماثل في مستشفى مخصص لمرضى (كورونا) في بغداد، أسفر عن أكثر من 80 قتيلاً.
وكان كثير من ضحايا الحريق الذي اندلع في شهر نيسان على أجهزة التنفس الصناعي ويتلقون العلاج من (كورونا) وقد أصيبوا بحروق أو اختناق في الحريق الذي انتشر بسرعة في أروقة المستشفى حيث كان عشرات الأقارب يزورون المرضى في وحدة العناية المركزة.
وأثار حريق نيسان (أبريل) غضباً واسعاً، ما أدّى إلى تعليق مهام وزير الصحة آنذاك حسن التميمي وإقالته.
وسجل العراق، الذي لا يزال اقتصاده المعتمد على النفط يتعافى إثر عقود من الحروب، ويعيش كثير من سكانه تحت خط الفقر، أكثر من 1,4 مليون إصابة بـ (كورونا).
ولا تزال البنية التحتية الصحية في البلاد متهالكة، والاستثمار في الخدمات العامة محدود بسبب الفساد المستشري.
ومنذ بدء إطلاق اللقاح في آذار(مارس)، عمدت السلطات الصحية إلى تلقيح نحو واحد بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم 40 مليون نسمة.
وجاء حريق المستشفى بعد ساعات على اندلاع حريق محدود في مقر وزارة الصحة في بغداد، سرعان ما تمّ إخماده من دون تسجيل أي وفيات.