بعد مرور عام على حرب روسيا ضد أوكرانيا، يتزايد قلق المسؤولين الأمريكيين من أن شراكة المصالح العسكرية بين موسكو وطهران يمكن أن تتطور إلى تنسيق استراتيجي له عواقب وخيمة على الشرق الأوسط”.
هكذا خلص تحليل نشره موقع (المونيتور) وترجمه (الوطن اليوم)، تعليقا على تنامي التعاون الروسي الإيراني في حرب أوكرانيا وتداعيات تقارب موسكو وطهران على طاولة الشرق الأوسط في عدة ملفات، أبرزها الملف السوري وأثر ذلك على أمن إسرائيل والتوازن الحساس في المنطقة.
ويقول التحليل إن البيت الأبيض ينظر بقلق إلى “شراكة دفاعية واسعة النطاق” بين روسيا وإيران يغذيها “مستوى غير مسبوق من الدعم العسكري والتقني”.
ويقول محللون إن خطة إيران لاستلام حوالي 20 طائرة مقاتلة روسية من طراز Su-35 هذا العام وأنظمة الدفاع الجوي المحتملة من طراز S-400 قد تعقد الردع العسكري الأمريكي والإسرائيلي لتخصيب إيران النووي، وإن كانت القدرات الأمريكية والإسرائيلية لديها الفاعلية على إحباط استخدام تلك الإمكانيات الروسية بفاعلية من قبل إيران.
لكن مسؤولون في البنتاجون قلقون بشكل خاص من تداعيات ضخ التكنولوجيا الروسية في ترسانة إيران الضخمة من الطائرات المسيرة الهجومية، لاسيما من طراز “شاهد”، وهو أمر من المرجح أن يزيد الخطر على القوات الأمريكية وحلفائها في الشرق الأوسط في وقت تنتشر فيه المصالح الأمريكية في المنطقة.
طالع أيضا : نيو إيسترن أوتلوك: لماذا قررت إسرائيل فجأة الوقوف ضد روسيا في حرب أوكرانيا؟
المحتويات
الملف السوري
لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق، وفقًا لأحد كبار الجنرالات الأمريكيين، وهو قائد القوات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط، اللفتنانت جنرال أليكس جرينكويتش، هو إمكانية التنسيق رفيع المستوى بين روسيا وإيران بشأن الإستراتيجية الإقليمية ، لا سيما في سوريا ، حيث يدعم كلاهما نظام بشار الأسد.
ولطالما كان التعاون رفيع المستوى بين روسيا وإيران في سوريا محدودًا إلى حد كبير بسبب المصالح المتنافسة لحكومتيهما هناك، بما في ذلك السيطرة على القواعد الرئيسية والأصول الاقتصادية، فضلاً عن رغبة موسكو في الحفاظ على يدها العليا في التأثير على النظام في دمشق.
لكن مع تعثر روسيا في أوكرانيا واعتمادها المتزايد على إيران للحصول على ذخائر موجهة، قال محللون تحدثوا إلى “المونيتور” إن ميزان القوى في سوريا قد يكون ناضجًا للتحول.
وقال جرينكويتش: “بطريقة ما، أصبحت روسيا الآن مدينة بالفضل لإيران، لقد تواصلوا مع طهران لأنهم كانوا بحاجة إلى مزيد من الأسلحة. والآن، هل تعتقد إيران أن روسيا مدينة لهم بشيء؟.. كل هذه أسئلة مهمة لاستشراف شكل التعاون بين الجانبين”.
ويلفت الجنرال الأمريكي إلى أن إعادة انتشار القوات الروسية في سوريا، والتي حدثت عقب تداعيات غزو أوكرانيا، خلقت مناطق نفوذ جديدة لإيران، حيث منحت موسكو الجماعات الموالية لطهران فرصة للسيطرة على قواعد في حلب وحمص، بالإضافة إلى المكاسب المبلغ عنها في درعا ودير الزور، مقابل توطيد روسيا لنفوذها في مواقع رئيسية في أماكن أخرى من سوريا.
توسيع قدرات إيران
بالإضافة إلى ذلك، فإن التدفقات النقدية من روسيا إلى إيران، مقابل نقل الأسلحة الإيرانية، من شأنها أن تزيد من قدرات طهران على توسيع شبكات التهديد الخاصة بهم في المنطقة، والتأثير على مسألة التوازن الحساس بالشرق الأوسط.
ففي يناير/كانون الثاني الماضي، كشفت مجلة (نيوزويك)، نقلا عن مصدر استخباراتي متحالف مع واشنطن، أن الحرس الثوري الإيراني استثمر عشرات الملايين من الدولارات على مدى العامين الماضيين لبناء منظومة دفاع جوي في سوريا، بما في ذلك قاذفات بافار 373 مقترنة مع صياد 4B الذي تم كشف النقاب عنه حديثًا، في محاولة للتدرع من الضربات الإسرائيلية.
ويرى المسؤول العسكري الأمريكي جرينكويتش أن مكمن الخطر هنا هو استطاعة إيران دفع روسيا للضغط على نظام الأسد لقبول قدر من النشاط الإيراني عبر الهلال الشيعي الذي يمتد من العراق إلى لبنان ويمد “حزب الله” اللبناني باللوجيستيات والسلاح، وحينها سيكون الضغط متزايدا على الأمريكيين في المنطقة، وسينظر الإسرائيليون للأمر على أنه تهديد خطير.
وهناك قلق خاص في إسرائيل من إمكانية تقليص روسيا لنفوذها على الأعمال الإيرانية في سوريا، كرد للدعم الإيراني العسكري لها في أوكرانيا، وسيكون الأمر حساسا بالنسبة لموسكو في محاولة الحفاظ على توازن علاقاتها ع إيران من جهة، ومع إسرائيل والدول العربية من جهة أخرى.
اقرأ أيضا : جيوبوليتيكال فيوتشرز: هذا أغرب ما تضمنته حرب أوكرانيا
تشديد روسيا لقبضتها ضد الطيران الإسرائيلي في سوريا
ويتوقع جيمس جيفري، السفير الأمريكي السابق الذي نفذ سياسة إدارة ترامب تجاه إيران خلال فترة عمله كمبعوث خاص، أن يكون الطلب الإيراني الرئيسي في التحالف الروسي الإيراني المتنامي هو تشديد روسيا من صرامة موقفها إزاء الضربات الإسرائيلية على أنظمة الصواريخ الاستراتيجية الإيرانية وحزب الله وطرق تسليم الأسلحة في سوريا.
لكن موسكو تشترك في مصالح كبيرة مع إسرائيل، ويرى جيفري أنه من غير المرجح أن تعرض روسيا العلاقة للخطر لصالح إيران.
ويؤكد المسول الأمريكي السابق أن إسرائيل تتمتع بقدرات دبلوماسية وعسكرية واستخباراتية قوية في قوس يبدأ من الجنوب الروسي من أذربيجان إلى شمال العراق، وبشكل متزايد تركيا وسوريا، وهذه القدرات مصممة لاحتواء إيران لكنها يمكن أن تكون منصات فعالة لإحباط المناورات الروسية إذا شعرت إسرائيل أنها لم تعد تتمتع بالتسامح الروسي في سوريا.
واقترح المبعوث الأمريكي السابق مناورة مهمة على تل أبيب، قائلا: “بالمثل، يمكن أن تغير مساعدة الدفاع الجوي الإسرائيلية لأوكرانيا قواعد اللعبة ضد العديد من الأنظمة الروسية أو الإيرانية، وحتى الآن، تجنبت إسرائيل طلبات الولايات المتحدة بإرسال صواريخ اعتراضية للدفاع الجوي إلى أوكرانيا احترامًا ليد بوتين المتساهلة في سوريا”.
علاوة على ذلك، تمتلك إسرائيل مقاتلات أكثر بـ20 مرة مما تمتلكه روسيا في سوريا، والمقاتلات الإسرائيلية أكثر قدرة، بما في ذلك طائرات F-35. وهذا ينطبق أيضا على نظام اس -400 الروسي في سوريا.
لكن هذه المواجهة يفضل المسؤولون في البنتاجون تلافيها، فإذا اندلع نزاع موسع في روسيا فيشكل الأمر خطرا على القوات الأمريكية في المنطقة.
ويلفت التحليل إلى انه لا يزال هناك أكثر من 10 آلاف مقاتل من تنظيم “الدولة الإسلامية” متواجدون في سجون مؤقتة في شمال شرق سوريا، ولا يزال منع هروبهم يمثل أولوية قصوى للمسؤولين العسكريين الأمريكيين.