بن كاسبت – المونيتور: تتجه إسرائيل بسرعة لبناء تحالف استراتيجي جديد مع حلفائها في المنطقة لمنع التوسع الإيراني، وهو ما تجلى في زيارة وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس إلى البحرين في 3 فبراير/شباط 2022 لتوقيع اتفاقية تعاون أمني بين البلدين.
وكانت هذه الاتفاقية هي الثانية من نوعها مع دولة عربية في الأشهر الأخيرة، بعد توقيع غانتس على صفقة مماثلة مع المغرب خلال زيارة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني إلى الرباط.
كما أوردت التقارير أن وفدًا أمنيا إسرائيليا رفيع المستوى زار الإمارات للتباحث حول إمداداها بتقنيات متقدمة لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة التي يطلقها الحوثيون الذين تدعمهم من إيران.
وتعد هذه هي التطورات المعلنة فقط، مما يدل على النشاط المكثف في الكواليس مع الدول العربية والإسلامية، مثل السعودية التي لم تقم بعد علاقات رسمية مع إسرائيل.
♦ “IMX البحرين”.. أضخم تمرين بحري بالشرق الأوسط لـ”مواجهة التهديدات”
ناتو الشرق الأوسط
وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع لموقع (مونيتور) بشرط عدم الكشف عن هويته: “هناك ناتو شرق أوسطي جديد يتشكل أمام عيننا”.
وردًا على سؤال حول ما إذا كان هذا يعني أن إسرائيل ستكون الضامن الأمني الجديد في المنطقة بعد الانسحاب الأمريكي المتسارع من المنطقة في السنوات الأخيرة، قال: “نعم ولا. يمكننا المساهمة في ضمان أمن بعض الدول في المنطقة، لكن إسرائيل لا تستطيع أن تكون الولايات المتحدة. إسرائيل دولة صغيرة وليست قوة عالمية. ومع ذلك، فإن إنشاء تحالف يتألف من إسرائيل والدول السنية المعتدلة في المنطقة سيشكل قوة لن يتمكن أحد في المنطقة من تجاهلها. وتنظر طهران إلى كل هذا بقلق كبير”.
وخلال زيارة غانتس إلى المنامة، التقى أيضًا قائد الأسطول الخامس الأمريكي ونائب الأدميرال براد كوبر.
وفي الوقت نفسه، شاركت السفن الإسرائيلية في تدريبات بحرية ضخمة بقيادة الولايات المتحدة في البحر الأحمر مع العشرات من الدول الأخرى، والتي لا تملك إسرائيل علاقات دبلوماسية مع بعضها.
ولا يمكن اعتبار تزامن الزيارة مع التدريبات العسكرية صدفة، حيث زار وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد أيضًا البحرين مؤخرا، واستغل هذه الفرصة لالتقاط الصور على حاملة طائرات من الأسطول الخامس.
♦ الجيش الإسرائيلي يتسلح بصواريخ جديدة تغطي الشرق الأوسط
تغيير قواعد اللعبة
يعد التواجد الإسرائيلي في القواعد العسكرية الاستراتيجية التي في نطاق إيران بمثابة رسالة تهديد لطهران.
وقال مصدر عسكري إسرائيلي رفيع: “هم يتحركون خلسة نحونا ويحاولون ترسيخ أنفسهم على حدودنا [في سوريا]، ونحن نفعل نفس الشيء. لدى إسرائيل حاليا سيطرة قوية على بعض النقاط حول إيران. وهذا يغير قواعد اللعبة”.
ولا تعد سيطرة إسرائيل رمزية، وإنما تمتلك سيطرة حقيقية على أرض الواقع مع آثار استراتيجية بعيدة المدى، وهي قادرة على تزويد الدول القريبة من إيران بأنظمة تحذير واعتراض متقدمة.
ومن الناحية النظرية على الأقل، فإن تثبيت أنظمة الإنذار في تلك الدول سيجعلها تعلم فورًا (في غضون أجزاء من الثانية) عندما يتم إطلاق الصواريخ من إيران.
والأكثر من ذلك، أن مثل هذا التواجد يمكن أن يحل أحد أصعب النقاط العالقة في أي خطة إسرائيلية لضرب المنشآت النووية الإيرانية؛ والمتمثلة في بُعد المسافة التي تفرض إعادة التزود بالوقود جوًا لتمكين وجود جوي كبير فوق إيران، لهذا فإن وجود محطة هبوط قريبة للتزود بالوقود سيشكل تغييرًا استراتيجيًا كبيرًا في قواعد اللعبة، وإيران تدرك ذلك جيدًا.
وفي زيارته، أوضح “جانتس” موقف إسرائيل حيث كتب في مقالة افتتاحية في صحيفة (جالف ديلي نيوز) البحرينية المتحدثة بالإنجليزية: “مثلما تحتفظ دولة إسرائيل بالحق في تأمين مواطنيها وأصولها وأراضيها، فنحن نقف إلى جوار شركائنا وندعم حقهم في الدفاع عن سيادتهم وأمنهم”.
وتلقى غانتس (الذي رافقه لواء البحرية الإسرائيلية ديفيد سلامة) ترحيبًا ملكيًا، وقابل الملك حمد آل خليفة وولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ووزير الدفاع عبد الله بن حسن النعيمي، وصافح النعيمي جميع حاشية غانتس، بما في ذلك المراسلين الإسرائيليين الذين منحوا إذنًا لدخول وزارة الدفاع البحرينية.
♦ «جيبوليتكال فيوتشرز»: حقبة جديدة من التحالفات في الشرق الأوسط
شرق أوسط جديد؟
وكان هذا الشكل غير المسبوق من التطبيع ضربًا من الخيال قبل عامين أو ثلاثة فقط، عندما كان المسؤولون الخليجيون يتجنبون مجرد صحفي إسرائيلي يصادفهم في ممر فندق أوروبي مظلم. أما اليوم فيعد مجرد الاتصال أو الالتقاء بمسؤول إسرائيلي مصدر فخر للمسؤولين الخليجيين.
ويمكن رؤية هذه الموجة من التطورات الدبلوماسية والدفاعية بين إسرائيل والدول السنية في الشرق الأوسط في سياق التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في الشهر الماضي، فيما يتعلق بـ “حشد إسرائيل غير المسبوق” والتغيير الاستراتيجي الضخم المحتمل في السياسة الإسرائيلية فيما يتعلق باستخدام القوة ضد إيران.
ووفقا لمذهب بينيت، فيجب على إسرائيل أن تضرب ما يسميه “رأس الأخطبوط” بدلا من إضاعة الوقت والطاقة في الانتقام من مخالبه (أي وكلائه). وأعرب بينيت عن وجهة النظر نفسها في الماضي. ويبقى أن نرى ما إن كان بإمكانه تحقيق ذلك.
وقد تعهد المسؤولين الإسرائيليين بأن أي اتفاق بين إيران والقوى العالمية بشأن برنامجها النووي – إن تم التوصل إليه – لن يكون ملزمًا لإسرائيل.
وبالنظر إلى التزامات إسرائيل المعلنة الأخيرة بأمن حلفائها الجدد في المنطقة، فمن المرجح أن تتغير قواعد اللعبة، وقد نرى مستقبلًا “الشرق الأوسط الجديد” الذي تصوره الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريز.